لم يتفاجأ أحد بالفيضانات التي إجتاحت شوارع بيروت وضواحيها، لا سيّما طريق مطار الرئيس الشهيد رفيق الحريري، على إعتبار أن المسألة أصبحت تقليداً لا بد منه في كل موسم شتاء، لأن الإهمال، سواء على مستوى وزارة الأشغال، أو بالنسبة للبلديات، أضحى جزءاً لا يتجزأ من ثقافة العمل الرسمي في لبنان.
منذ أشهر ونحن نسمع التصريح تلو الآخر من وزير الأشغال، وتتزاحم البيانات الصادرة عن البلديات المعنية، وكلها تعد بأن ورش تنظيف المجاري ومعابر تصريف مياه الشتاء، تقوم بالعمليات اللازمة لتجنب الوقوع في المحذور، وتجنب حدوث الأضرار المعهودة، خاصة في الشتوات الأولى.
ولكن ما يحصل على أرض الواقع مغاير تماماً، ولا علاقة له بالوعود الزهرية لوزارة الأشغال، ولا بالبيانات العرقوبية للبلديات، حيث أدت أمطار الأمس إلى غمر المياه للأنفاق المؤدية إلى المطار وأوتوستراد خلده جنوباً.
ولم تكن أحوال طرقات الضواحي الشمالية أفضل حالاً، حيث طاف الأوتوستراد والشوارع المحيطة بالمياه، وتوقفت السيارات في برك الأمطار المجمعة بسبب انسداد مجاري التصريف على جانبي الأوتوستراد، فتأخر التلاميذ عن الوصول إلى مدارسهم، كما لم يلحق العديد من الموظفين بلوغ مراكز أعمالهم في التوقيت المناسب.
هذا المشهد الدراماتيكي يختصر واقع الانهيار والتداعي الذي تتخبط فيه الدولة اللبنانية، ويُجسّد حالة الفشل والعجز التي تغرق فيها السلطة، وتتفاقم مضاعفاتها يوماً بعد يوم، بسبب إفتقاد الرؤية القادرة على إجتراح الحلول، وغياب الإرادة المُحفّزة لإتخاذ أبسط الخطوات للحد من تناسل المشاكل والأزمات، على النحو الذي يفوق قدرة الناس على التحمل، خاصة في زمن الشغور الرئاسي وحكومة تصريف الأعمال، والشلل الذي يُحيط بمجلس النواب.
وإلى أن تقوم الدولة من كبوتها، ستبقى حياة اللبنانيين بسبب الإنسداد في الأفق السياسي، مغمورة بالأزمات والإنهيارات، التي يترحمون مع اشتدادها، على غمر الشوارع بالمياه!
صلاح سلام – اللواء