تتسابق الازمات على الساحة الداخلية لحد لم يعد يعرف اللبناني كيف يواجه الواحدة قبل ان تنفجر اخرى في وجـهه. فبعد حرب البيانات بين بعبدا وبيت الوسط والتي باتت تهدد فعليا بدخول عملية التشكيل في نفق طويل قد لا ينتهي مع نهاية الاعياد والاشهر الاولى من العام الجديد، تفاعلت المخاوف من إشكالات أمنية قد تتخذ شكل اغتيالات او مواجهات محدودة مباشرة. ولعل ما فاقم هذه المخاوف التي عبر عنها بحسب المعلومات بوضوح الامن العام وامن الـدولة في الاجتماع الاخير للمجلس الاعلى للدفاع، الاستعدادات التي بدأت فعليا على الارض. وفي هذا المجال، ترأس وزير الداخلـيـة والبلديات محمد فهــمي يــوم امــس اجتماعا لمجلس الامن الداخلي المركزي، الذي خصص البحث لمناقشة الاجراءات الامنية التي ستتخذ لمناسبة الاعياد.
وطلب فهمي من الأجهزة الامنية تكثيف الجهد الإستعلامي وتحديث الخطط والاجراءات بما يتلاءم مع الوضع الحالي وتكثيف التنسيق بينها لمنع حصول أي خلل أمني. كما تم التطرق الى ارتفاع معدل بعض الجرائم كسرقة السيارات وعمليات السلب والنشل نتيجة تردي الوضعين الاقتصادي والاجتماعي الذي يمر بهما لبنان ، وطلب فهمي من الاجهزة الامنية تكثيف الجهود لمكافحتها.
ووفق المعلومات، فان الجيش لم يتخذ اي اجراءات استثنائية انما هو يقوم باجراءات عادة ما يقوم بها عادة عشية الاعياد.
وبالعودة للملف الحكومي الذي سلك منحى خطيرا مطلع الاسبوع مع قرار الرئاستين الاولى والثالثة كسر حلقة الصمت التي فرضاها منذ انطلاق مشاورات تشكيل الحكومة وفرد كل اوراقهما على الطاولة امام الرأي العام، فقد قالت مصادر واسعة الاطلاع على عملية التشكيل لـ«»الديار» ان التعويل هو على ان يؤدي اشتداد الازمة الحكومية لانفراجها وفق المثل القائل «اشتدي ازمة تنفرجي». وشددت المصادر على ان «لا شيء جامد في السياسة وبالتالي يرجح ان يتدخل سعاة خير ووسطاء احجموا لفترة لمحاولة استيعاب التطورات الخطيرة على صعيد التشكيل والمخاطر التي قد يسببها تدهور الوضع السياسي وانقطاع التواصل بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري». واضافت المصادر: «اثبتت التجارب ان العناد لا يفيد وانه كلما وصلنا الى نقطة اللاعودة اتى الحل من حيث لا نتوقعه». ويبدو واضحا ان اكثر من مرجع يعول على تأكيد المجمع الانتخابي في الولايات (الذي يضم ممثلين عن كل ولاية في اميركا) فوز جو بايدن بالانتخابات الرئاسية 2020، لانطلاق ديناميكية سياسية جديدة في لبنان والمنطقة.
اما قضائيا، فمن المفترض ان يباشر المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت القاضي فادي صوان، اليوم الاربعاء بإستجواب وزير المال السابق النائب علي حسن خليــل ووزيـــر الأشغال العامة والنقل السابق النائب غازي زعتير ، كمدعى عليهما، وذلك بعد أن تبلغا أصولا عبر مراسلة الأمانة العامة لمجلس النواب وكذلك على عنوان منزليهما. على ان يستجوب صوان ايضاً رئيس الأركان السابق في الجيش اللواء المتقاعد وليد ســلمان للإســتماع الى إفادته بصفة شــاهد.
وبحسب المعلومات المتوافرة، فان خليل وزعيتر لن يمثلا اليوم تمسكا بحصانتيهما النيابية بخلاف وزير الاشغال السابق يوسف فنيانوس الذي ترجح مصادر مطلعة ان يمــثل امام صوان الخميس بعكس رئيس الحكومة المكلف حسان دياب الذي سيرفض مرة جديدة المثول يوم الجمــعة.
وتؤكد المصادر لـ«الديار» ان صوان لن يستسلم وييأس ويتنحى عن الملف لا بل هو سيستكمل تحقيقاته واستجواباته وسيلعب اكثر من ورقة لا تزال في يده لضـمان وصول التحقيق إلى خواتيمه وتحديد كل المسؤولين المباشرين وغير المباشرين عن كارثة انفجار المرفأ.
وبمسعى لتأخير الانفجار الاجتماعي القادم لا محال، قرر «الاتحاد العمالي العام تعليق الإضراب الوطني العام الشامل الذي كان مقررا اليوم ومتابعة ملاحقة كل القضايا المعيشية والاقتصادية مع المراجع المختصة من وزراء معنيين وكتل نيابية ومسؤولين واتخاذ القرارات المناسبة في حــينه، وذلك بعد اجتماع هيئة مكتب المجلس التنفــيذي للاتحاد.
وقال رئيسه بشارة الاسمر انه «بعد إعلان الإضراب يبــدو أن هناك من شعر بالمسؤولية والخطر من انفلات الأمور حيث تمت سلسلة مشاورات مع رئيس الحكومة وعــدد من الوزراء المعنيين للبحث تحديداً في موضوع رفع الدعم عن المواد الأساسية كالمحروقات والدواء والقمح والطحين».
وقالت مصادر معنية أن قرار تعليق الإضراب سببه الرئيسي حصول الاتحاد العمالي على وعود جدية بعدم المساس بالدعم عن مواد أساسية وابرزها الطحين والقمح، مشيرا إلى أن الاتحاد يحتفظ بورقة الإضراب وسيســتخدمها في أية لحظة يشعر فيها أن هناك تلكؤ في تنفيذ الوعود.
وعلى صعيد متصل، وفيما استمر عداد كورونا بتسجيل ارقام قياسية بحيث بلغ يوم امس عدد الاصابات 1264 وعدد الوفيات 13، وهي اعداد بحسب معنيين بالقطاع الصحي، قد تتضاعف خلال فترة العيد نظرا للاختلاط الذي يكثر عادة في هذه المناسبات، اكد الرئيس عون على «ضرورة تحقيق التناغم بين الوقاية من وباء « كورونا « الذي يواصل انتشاره بين المواطنين، واستمرار المحافظة على الحياة الاقتصادية في البلاد بمختلف قطاعاتها»، لافتاً الى أن «الاجراءات المتخذة للوقاية من هذه الجائحة ضرورية لحماية المجتمع، مع التشديد على أهمية اتخاذ مختلف التدابير للوقاية لا سيما خلال فترة الاعياد وما يرافقها من نشاطات واحتفالات».
مواقف عون هذه جاءت بعد لقائه يوم امس الامين العام لاتحاد المؤسسات السياحية جان بيروتي ورئيس نقابة اصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري طوني رامي ، حيث افاد بيان صادر عن القصر الجمهوري انه جرى عرض واقع المؤسسات السياحية في لبنان وما تعاني منه بسبب الاجراءات المتخذة لمواجهة انتشار وباء «كورونا» إضافة الى التدابير التي تنوي اتخاذها هذه المؤسسات خلال فترة الاعياد لحماية موظفيها وروّادها وتشجيع المغتربين والسيّاح لقضاء هذه الفترة في لبنان.