ترسم غزة مستقبل القضية الفلسطينية إذا لم يكن مستقبل منطقة الشرق الأوسط بكاملها، بعدما كسرت حركة المقاومة الاسلامية حماس في عملية طوفان الأقصى شوكة العدو الاسرائيلي وأذلته ووضعته في حالة إنعدام وزن، حيث لا يملك اليوم سوى إستهداف الآمنين الغزاويين بقصف وحشي دموي ومدمر لا يبدل من المعادلات شيئا، إضافة الى قصف محدود على البلدات الجنوبية عند الحدود اللبنانية الفلسطينية والذي ما يزال ضمن قواعد الاشتباك.
بالرغم من دخول عملية طوفان الأقصى يومها الخامس، لم يستطع العدو تقديم أي إنجاز للداخل الاسرائيلي يحفظ ماء وجه حكومة نتنياهو، حيث ما يزال ينشغل باشتباكات في بعض مستعمراته ضمن غلاف غزة وعند الحدود مع لبنان مع تسلل عدد من المقاتلين الفلسطينيين، حيث يسقط له المزيد من القتلى والجرحى، في حين أعلنت حماس أنها إستهدفت بقصف مركز على مغتصبات الجليل الغربي الجليل الغربي من جنوب لبنان.
في المقابل، ما تزال المقاومة الفلسطينية تمتلك زمام المبادرة، ففي الوقت الذي لا يتوقف فيه تساقط الصواريخ التدميرية على غزة، يواصل المقاومون تنفيذ مهماتهم العسكرية بكل أريحية وشجاعة إن عبر التسلل الى بعض المستوطنات التي ما تزال تشهد إشتباكات مع جيش العدو، أو عبر البحر بالإعتماد على الضفادع البشرية التي نفذت عملية قتلت من خلالها ضابطين مع عدد من الجنود، أو بتهديد الكيان بضرب عسقلان وإعطاء وقت محدد لذلك وتنفيذ هذا التهديد بصليات من الصواريخ بثت الرعب في نفوس الصهاينة، أو باستهداف مطار بن غوريون الذي يشهد حركة نزوح كثيفة للاسرائيليين باتجاه البلدان التي جاؤوا منها الى فلسطين.
ولا شك في أن إستمرار المقاومة الفلسطينية بهذا الزخم من الأعمال الحربية ضد العدو الاسرائيلي سيبقي سائر الجبهات هادئة، باستثناء الجبهة اللبنانية التي تحاول بعض الفصائل الفلسطينية إرباك الاسرائيليين بعمليات محدودة يرد عليها جيش العدو بقصف مصادر النيران، وكلما تمادى في هذا القصف بإستهداف مواقع.
للمقاومة الاسلامية يأتي الرد منها موجعا، حيث قصفت أمس الأول بشكل مركز ثكنتين عسكريتين وأوقعت فيهما إصابات بشرية ومادية، كما إستهدفت أمس ملالة إسرائيلية من نوع زيلدا عند موقع الصدح غرب بلدة صلحا المسماة “أفيفيم” بصاروخين موجهين أصاباها بشكل مباشر ما أدى الى تدميرها بالكامل.
بات واضحا للجميع أن محور المقاومة لن يسمح بسقوط غزة الذي يعتبر خط الدفاع الأخير عن القضية المركزية فلسطين وخط أحمر لا يمكن تجاوزه، وبالتالي، لدى شعور هذا المحور بخطر على حركة حماس أو في حال لجوء حكومة نتنياهو الى الاجتياح البري لها، فإنه لن يتوانى عن الدخول في المعركة، ما سيهدد بحرب إقليمية كبرى سيكون لها تداعيات كارثية ما تزال دول القرار تعمل على تجنبها، من خلال الاتصالات الجارية على قدم وساق، سواء لجهة إجتماع جامعة الدول العربية اليوم على مستوى وزراء الخارجية للبحث في التطورات الحاصلة، أو لجهة تبدل بعض المواقف الغربية والعربية والتي ما كانت لتتبدل لولا الصمود الاسطوري للمقاومة الفلسطينية بعد العملية الأسطورية لطوفان الأقصى.
وكان لافتا موقف الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الذي أكد أننا لن نسمح بتصفية القضية الفلسطينية، وإعتبار ذلك جزء من الأمن القومي المصري، إضافة الى إرساله قافلة من المساعدات الى غزة، فضلا عن المواقف الأخرى التي تدعو للتفاوض ووقف العنف، ما يؤكد أن التعاطف الذي حصلت عليه إسرائيل مع إنطلاق عملية طوفان الأقصى بدأ يتراجع مع صمود المقاومة وإستمرارها بإستهداف مواقع العدو، ومع قراءة موازين القوى بشكل جيد في ظل إكتمال الجهوزية والاستنفار في كل ساحات المقاومة، وهذه الموازين لن تكون في مصلحة إسرائيل في حال أقدمت على حماقة الاجتياح البري.
غسان ريفي – سفير الشمال