كتبت “الأخبار” تقول: في غياب أي خطة طوارئ حكومية تحسّباً لامتداد الجنون الإسرائيلي إلى لبنان، بدأت بلديات وأحزاب وجمعيات أهلية ومبادرات شبابية إعداد خطط تحسّباً لأي موجة نزوح، خصوصاً من الجنوب والضاحية وبعلبك – الهرمل، في حال تدحرجت الأوضاع العسكرية نحو حرب شاملة. وما يتم تحضيره هو من باب الاحتياط، لا التهويل أو الضعف، وما تقتضيه البربرية الإسرائيلية المُتصاعِدَة منذ أيام مع عجز العدو عن استيعاب حجم الهزيمة، ومحاولته تغيير المعادلات الجديدة التي أرساها «طوفان الأقصى»، كما تقتضيه ظروف التهجير السابقة، كما في عدوان تموز 2006، عندما توزّع النازحون على مختلف المناطق إضافة إلى سوريا. واللافت أنه رغم ارتفاع منسوب التشنّج السياسي – الطائفي أخيراً، وتغريدات موتورين بأن «بيوتنا ليست مفتوحة» في حال اندلاع الحرب، إلا أن مشاهد البربرية الإسرائيلية في غزة فعلت فعلها في إعادة فرض نوع من التكافل والتعاون الاجتماعييْن. وساعدت في ذلك مواقف سياسية، من بينها مثلاً إعلان النائب السابق وليد جنبلاط، بالوقوف إلى جانب المقاومة وأهل الجنوب في وجه أي اعتداء إسرائيلي، ما أطلق ورشة طوارئ على مستوى بلديات الشوف وعاليه.
وفي هذا الإطار، علمت «الأخبار» أن جنبلاط عقد اجتماعاً أمس لقيادة الحزب التقدمي الاشتراكي، وأعطى توجيهات للمسؤولين في المناطق بإجراء مسح شامل للمؤسسات التي يمكنها استقبال نازحين. وكرّر أمام الحاضرين «أننا سنكون مع المقاومة في الحرب وإلى جانب الجنوبيين»، قائلاً: «هؤلاء إخوتنا وأهلنا». كما أوعز بإبلاغ «من يطلقون مواقف سلبية من أصحاب الرؤوس الحامية بوقف أي خطاب استفزازي، وعليهم أن يفهموا أن الوضع خطير جداً، ولا مجال هنا للحسابات الضيّقة».
وتداولت مجموعات «الواتساب» في الجبل، ليل أول من أمس، نصاً غير رسمي، يتحدّث عن توجيهات من جنبلاط إلى فروع الحزب الاشتراكي للتواصل مع رؤساء البلديات لتجهيز البيئة المناسبة «لاستقبال شركائنا في الوطن عبر تجهيز جميع دور الإيواء… وفق العادات والنخوة».
وفي بلدة بيصور، حيث يوجد نفوذ للحزب الاشتراكي والحزب السوري القومي الاجتماعي، تشكّلت شبكة من المتطوّعين بمبادرة أهلية أطلقها الناشط عمر العريضي. ويعمل هؤلاء على إحصاء المنازل المتاحة، وفرزها بين مخصّصة للإيجار أو تقدمة، وبين مفروش وغير مفروش، وإعداد لائحة بأسماء وأرقام هواتف العائلات التي تتصل للسؤال عن منازل. كما أطلق ناشطون مبادرة «بيتي بيتك» لبدء جمع «داتا» عن المنازل المُتاحة على صعيد لبنان. وعلى الصعيد البلدي، تتعاون بلديات المنطقة مع المجتمع المحلي، لإحصاء ما هو متوفّر من مقدّرات عامة، كالمدارس والقاعات العامة التي يمكن استقبال النازحين فيها.
واحدة من الخطط التي تم تفعيلها أخيراً، تتولاها جمعية «وتعاونوا»، بالتنسيق مع حزب الله، ليتمّ تنفيذها في حال حصل أي تطوّرٍ دراماتيكي على الحدود الجنوبية. وبحسب رئيس الجمعية عفيف شومان، تتضمّن الخطة تأمين 150 مركزاً جاهزاً في مناطق بعيدة وآمنة لاستقبال أي موجة نزوح، وتأمين خروج المدنيين من القرى المستهدفة بمساعدة روابط القرى، مع نشر «مرشدين» عند مخارج البلدات وفي المدن الأساسية كصيدا وصور، وعند مداخل الضاحية الجنوبية لبيروت، وعلى طول الطرق المؤدّية إلى المراكز، لإرشاد النازحين إلى حيث عليهم التوجّه بعد تزويدهم بـ«بروشورات». وتتوزّع هذه المراكز بين منازل ومجمّعات ثقافية وجمعيات ودور إيواء ومدارس. وتتضمّن الخطة إقامة مطابخ ميدانية لتوفير الوجبات الغذائية، ومخازن لتوزيع حليب الأطفال والحفاضات والأدوية، فضلاً عن زياراتٍ ميدانية لعدد من الأطباء. وتخصّص الخُطة مساعداتٍ لأصحاب المنازل الذين سيقدّمونها للنازحين أو يتشاركونها معهم. وفي هذا الصدد يؤكّد شومان أن «التجاوب في المناطق المُختارة للإيواء عالٍ جداً من الأهالي».
وأعدّ الحزب السوري القومي الاجتماعي خطة مركزية شاملة على صعيد لبنان، وتمّ وضع عدد من الشقق المفروشة وغير المفروشة في تصرّف المتحدات والمنفّذيات. ويجري العمل على جرد المواقع والقدرة الاستيعابية في كل بلدة، إضافة إلى خطة طوارئ لكيفية توزيع النازحين على الوحدات السكنية.
«تجّار الحروب» يرفعون الأسعار
استغلّ عدد من المُلَّاك في أكثر من منطقة زيادة الطلب على إيجارات المنازل لرفع بدلات الإيجار. في بعض مناطق بيروت، كالحمرا وفردان، ارتفع إيجار الشقة المفروشة المكوّنة من غرفتين من 500 دولار إلى 1000. وفي محيط منطقة رأس الجبل في عاليه، زاد من 200 دولار إلى 400 للشقة غير المفروشة ومن 400 إلى ما بين 800 و1000 دولار للشقة المفروشة.
واشترط البعض عدم وجود أطفال مع العائلات، فيما حدّد آخرون عدد الأفراد المسموح لهم بالسكن ما بين 6 إلى 8 حسب مساحة المنزل المؤجّر.