الجمعة, نوفمبر 22
Banner

تفاصيل «الصفقة الانسانية» برعاية قطر ومصر

كتبت “الأخبار” تقول: تتقدّم إسرائيل يوماً بعد يوم وساعة بعد ساعة من إطلاق عدوانها البري على قطاع غزة. لكنّ المعوّقات لا تتعلق فقط بالحسابات التي يراد إقناعنا بها، مثل تدريب القادة على كيفية تجنب إصابة المدنيين كما أبلغ الأميركيون محاوريهم من العرب، بل تكمن أساساً في أن السقف المرتفع الذي وضعه العدو سياسياً، يحتاج إلى عملية برية كبيرة جداً. وعند هذا الحد، يتوقّف المستوى السياسي عن الكلام، ويُترك الأمر لإجابات المستوى العسكري، حيث يتضح أن القادة العسكريين لا يريدون أي مفاجأة في طريقهم، لذلك يفترضون أنه يجب ممارسة المزيد من القصف ليس لإخلاء السكان من شمال غزة فقط، بل لتوفير درجة عالية جداً من الدمار، فيما تشير مصادر معنية بالاتصالات إلى أن إسرائيل طلبت دعماً عسكرياً أميركياً خاصاً، ولا سيما مخزوناً كبيراً من القذائف المخصّصة لضرب الأنفاق.

إلى ذلك، تفيد المصادر بأن الحكومة الإسرائيلية التي لا تشهد توافقات تامة حول آليات العمل عسكرياً، تواجه تحدياً يتمثل في إصرار الولايات المتحدة على إفساح المجال أمام هدنة مؤقتة، يجري خلالها إتمام «صفقة إنسانية»، تهدف الولايات المتحدة من خلالها إلى تأمين خروج حاملي الجنسية الأميركية وجنسيات أخرى من سكان القطاع، وإطلاق الأسرى الأميركيين.

وعلمت «الأخبار» أن الجهد الأساسي الذي تبذله الولايات المتحدة مع مصر وقطر يتركّز على هذه النقطة. وقد عُرض على قطر مشروع اتفاق يقضي بإطلاق الأسرى المدنيين كافة، بمن فيهم الأميركيون وإفساح المجال أمام خروج «الأجانب» من القطاع، مقابل إدخال مساعدات طبية وغذائية إلى غزة. وفي المعلومات أن القطريين الذين أبلغوا حماس بالمقترح الأميركي عادوا بأسئلة وأجوبة لم تعجب الأميركيين، مثل:

أولاً، تطلب «حماس» تسليمها قائمة بأسماء من تقول أميركا ودول أوروبية أخرى بأنهم في عداد الأسرى الموجودين في القطاع، والتثبت من كونهم مدنيين أو عسكريين كانوا يقاتلون إلى جانب جيش الاحتلال خلال عملية «طوفان الأقصى». ومن يتبيّن أنهم من العسكريين فإن مصيرهم سيكون مرتبطاً بصفقة التبادل مع الأسرى الفلسطينيين في سجون العدو.

ثانياً، تنفي «حماس» وجود إحصاء شامل لكل الأسرى في القطاع، وقد يتبيّن بعد التدقيق أن من تطالب بهم أميركا قد لا يكونون ممن تم إدخالهم إلى القطاع، وربما كانوا من بين المفقودين الذين لا يزال جيش الاحتلال يبحث عنهم في مستوطنات غلاف غزة.

ثالثاً، تقول «حماس» إن الأسرى ليسوا موجودين جميعاً بيدها أو بيد طرف واحد، وإنهم موزّعون على عدد من الفصائل والمجموعات العسكرية، وإن من سلّمهم المواطنون إلى قيادة الحركة ليسوا كل من تم نقلهم إلى القطاع.

رابعاً، عملية إحصاء كل من هم في عداد الأسرى داخل القطاع تحتاج إلى آلية تتطلب وقتاً غير قصير، وبحثاً يشمل كل القوى والأمكنة، خصوصاً أن عدداً من الأسرى قُتلوا في الغارات التي شنّها العدو، وقد يكون بعضهم لا يزال تحت الأنقاض، خصوصاً من لم تُعرف الجهة التي تحتجزهم.

خامساً، تريد «حماس» هدنة مريحة لا تقتصر على ست ساعات كما يعرض الأميركيون والإسرائيليون، وأن يصار إلى وضع ترتيبات تضمن المساعدات الإنسانية المباشرة مقابل إطلاق المدنيين من الأسرى، وأن العملية الإنسانية يجب أن تكون مضمونة ومقبولة أيضاً، وأن يسمح لأطقم طبية من خارج القطاع بالدخول مع مساعدات كبيرة تحتاج إليها المستشفيات الفلسطينية من جهة، وسيارات إسعاف مجهّزة لنقل أكثر من أربعة آلاف جريح إلى خارج القطاع للعلاج، ممن تبدي دول عدة استعداداً لاستقبالهم، من بينهم مصر.

سادساً، السماح لقوافل المساعدات الموجودة على الجانب المصري من معبر رفح بالدخول إلى القطاع، والوصول بشكل آمن، وضمان عدم تعرضها للقصف، والسماح بتوزيعها على المحتاجين في كلّ مناطق القطاع، وكل ذلك يتطلب وقتاً لا يمكن حصره بساعات محدودة.

التحفّظ المصري

في هذا السياق، أبدى الجانب المصري استعداده للمساعدة، وقالت مصادر رسمية مصرية لمسؤولين في الفصائل الفلسطينية وفي قطر وتركيا إنها جاهزة لاستقبال كل المساعدات الطبية والإغاثية ونقلها إلى القطاع. وأبلغ الرئيس عبد الفتاح السيسي وزير الخارجية الأميركي والقيادات العسكرية المصرية بأنه يجب اتخاذ الإجراءات التي تضمن حصر الخارجين من القطاع بلوائح تُقدم له من قبل الأميركيين وحماس، وأن يصار في الوقت نفسه لانتقال هؤلاء إلى نقل المساعدات، وأن أي محاولة لقيام العدو بفتح النار لترويع الناس ودفعهم إلى المغادرة نحو مصر ستوقف العملية، وأن القرار واضح برفض دخول «أي نازح أو مهجّر» من القطاع إلى مصر.

وعلمت «الأخبار» أن مسؤولين من مصر وتركيا وقطر أبلغوا جهات عدة في غزة وبيروت بأن الضغط لتحريك الملف الإنساني قائم بقوة، وأنه سيصار إلى فرض هذه الخطوات على الإسرائيليين. وقال هؤلاء إن المحادثات التي جرت مع الجانب الأميركي ركّزت على هذه الخطوة. وبحسب ما علمت «الأخبار»، فإن تعمّد هذه العواصم إبلاغ حزب الله بالأمر، سببه أن الولايات المتحدة طلبت منهم حثّ الحزب على «عدم التورط» في الحرب، وأن هذه الرسائل وردت بعدما تلقّت دوائر غربية معلومات بأن الحزب يربط تدخله ليس بتوسيع العملية العسكرية ضد القطاع فقط، بل بتعمّق الأزمة الإنسانية فيه.

«حماس» تطلب وقتا لإحصاء الاسرى والتثبت من عددهم وجنسياتهم والتمييز بين المدنيين والعسكريين… وساعات قليلة لا تكفي!

هل فشلت محاولة الحلف العربي مع إسرائيل؟

من جهة أخرى، قال دبلوماسي عربي لـ«الأخبار» إن جانباً رئيسياً من جولة وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن على مصر والسعودية وقطر والأردن، تركّز على البحث في إمكانية قيام حلف سياسي تقوده الولايات المتحدة وتشارك فيه تركيا، يعمل على «استثمار العمليات التي تشنّها إسرائيل ضد عدونا المشترك حماس«. وقالت المصادر إن الولايات المتحدة التي حصلت على موافقة متوقّعة من جانب الإمارات العربية المتحدة والمغرب، فشلت في الحصول على موافقة مصر والسعودية، وإن الأردن نفسه كما الرئيس الفلسطيني محمود عباس رفضا المقترح، وإن كان لكل منهما حساباته الخاصة.

وبحسب مصدر في قوى محور المقاومة، فإن هدف المقاومة الإستراتيجي في منع تهجير غزة أو كسر المقاومة في القطاع، تقاطع للمرة الأولى مع مصالح «قُطرية» لدول وعواصم لا تؤيّد المقاومة. وأشار إلى أن الأردن كشف عبر حديث صريح لملكه ووزير خارجيته عن خشية كبيرة من أن التحالف المنشود يستهدف أساساً تغيير الوقائع الديموغرافية في المناطق الفلسطينية وليس التغيير السياسي، وأن فكرة النزوح تستهدف فرض حالة تهجير ستفجّر الأمور أكثر داخل الشارع الفلسطيني، وأن مصر لا يمكنها السير بالخطة، كما أن ملك الأردن، يرى في الأمر تمهيداً لتهجير جزء كبير من أبناء الضفة الغربية إلى شريط ملاصق للأردن، وتحميله مسؤولية إدارتهم، بما يجعل الأردن خلال عشر سنوات على أبعد تقدير «الوطن البديل». فيما قال عباس إن المشروع يطيح بما تبقّى من السلطة الفلسطينية، ويجعلها قوة قمع في الفترة المقبلة، خصوصاً أن المشروع الأميركي يقوم على تسليم القطاع لسلطة رام الله بعد الغزو البري، وأن على أجهزة السلطة الفلسطينية ضمان عدم بقاء مقاتلين لحماس وبقية الفصائل، وهو ما فسّره المصريون بأنه دعوة إلى حرب أهلية فلسطينية.

وبحسب إعلاميين رافقوا الوزير الأميركي، فإن خطته السياسية فشلت، وإنه شعر بوجود ضغط في الجانب الإنساني، لذلك وعد بخطوة في هذا الاتجاه، وأعلن لاحقاً عن تكليف السفير السابق ديفيد ساترفيلد بالمهمة. علماً أن الخطوة لا تعكس جدية أميركية، خصوصاً ان ساترفيلد من خارج الإدارة، وسيكون مجرد ساعي بريد لا أكثر، ولا سيما أن بلينكن صارح محدّثيه العرب بأن إدارته ليست في وارد منع إسرائيل من تنفيذ الهجوم البري على القطاع.

ايران بلسان المحور: الوقت ينفد

في غضون ذلك، توسعت دائرة الاتصالات والتنسسيق بين قوى وحكومات محور المقاومة. ويبدو ان التنسيق الميداني قائم على اكثر من جبهة، ويتجاوز ساحتي غزة ولبنان. وفيما تلتزم قوى المقاومة الصمت حيال ما يمكن ان تقوم به ردا على العدوان الاسرائيلي، تولت ايران ادارة الدفة الدبلوماسية. وعلمت «الاخبار» ان طهران تلقت رسائل من الولايات المتحدة عبر اطراف وسيطة من بينها قطر، تدعوها الى البقاء بعيدا عن المواجهة، وان تمارس الضغط على حزب الله لمنع تدخله في المواجهة. وقد رد الايرانيون برسائل مضادة اشارت الى ان تهديدات مقابلة. وبينما يحتار كثيرون في عدم تحدث الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عن مجريات الامور، كان لافتاً ان وزير الخارجية الايرانية حسين أمير عبد اللهيان تحدث في عدة لقاءات، وتعمد القول إنه ناقش مع السيد نصرالله الوضع. وقال «اطلعت على وجهة نظره، وقال لي ان جميع السيناريوهات مطروحة على الطاولة، وفي اي لخطة يمكن ان يتوسع الصراع».

وحرص الوزير الايراني على القول ان طهران تجد نفسها ايضاً في موقع من يهدد القوى الداعمة لاسرائيل بأنها لا تقدر على القيام باي امر في حال تأخر وقف العدوان. وكرر في حديثين منفصلين بأنها «مسالة ساعات، فاما يقف العدوان والا يكون الاوان قد فات وقد يتوسع الصراع في المنطقة، ولن يكون بمقدور احد السيطرة على الوضع»، في اشارة الى الحديث عن الجبهة الشمالية من جهة وجبهات اخرى ايضا، وهو ما أبدى الجانب القطري اهتماماً به بعدما سمع الكلام مباشرة من الوزير الايراني وتولى نقله الى الجانب الاميركي.

Leave A Reply