كتبت صحيفة “الشرق”: ليست غزة وحدها تحت وطأة الجريمة الوحشية المروّعة التي ارتكبتها اسرائيل في حق المدنيين العزَّل انتقاما لهزيمتها ومحاولة لاستعادة هيبة فقدتها في “طوفان الاقصى، بل العالم، او ما تبقى منه من اصحاب الضمائر الحيّة. جريمة يندى لها الجبين، اطفال وشبان، نساء ورجال، اطباء، ممرضون، مسعفون قضوا جميعهم معا في استهداف نفذته آلة القتل الاسرائيلية المجنونة. جريمة قطعت كل اوصال الحوار الذي كان يتوقع ان يشكل اليوم مدخلا لتفاوض يفرمل الحرب ويوقف نهر الدم الهادر، فطارت قمتا عمان بقرار عربي، الا ان الرئيس الاميركي جو بايدن مناصر اسرائيل رغم مجازرها، حضر الى تل ابيب لتبرئة ساحتها من جريمتها المقززة.
مجزرة مستشفى المعمداني في غزة طغت على الحدث المحلي والاقليمي والدولي من دون منازع امس، وهيمنت على زيارة بايدن لتل ابيب. في حين عمت موجات من الغضب ارجاء دول عربية نددت بالمجزرة الاسرائيلية كان للبنان النصيب الاوفر منها، وقد خرج بعضها عن قواعد الاخلاق ليتحول الى هجمات ممنهجة على الاملاك الخاصة تكسيرا وحرقا واضرارا فاق جزء منها مئات الاف الدولارات.
نقف مع اسرائيل
من اسرائيل، قال بايدن، خلال لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، “ أردت الحضور لإسرائيل حتى يعرف الناس فيها وفي العالم بأسره، أننا نقف مع إسرائيل”. وادّعى بايدن أنّه “حزن وغضب بشأن الانفجار في المستشفى المعمداني أمس”، زاعمًا “يبدو أن الجانب الآخر وراء ذلك وليس أنتم”. وهذا ما يعني تغطية اميركية صريحة للابادة الجماعية التي تمارسها اسرائيل بحق الفلسطينيين.
وقفات احتجاجية
في لبنان كما في العالم، وقفات احتجاجية تنديدا بالمجزرة. ففي ظل حداد وطني وإقفال عام جراء الممارسات الإسرائيلية الوحشية واستنكارا لمجزرة المستشفى الاهلي المعمداني، تمّ تنظيم تحرّكات شعبية غاضبة في المناطق اللبنانية، كان ابرزها التحرّك المركزي أمام مبنى الإسكوا في بيروت، والتجمع الذي دعا إليه “حزب الله” “تضامنا مع غزة واستنكارا للمجازر الصهيونية الوحشية بحق الاطفال والعدوان الارهابي على المستشفى المعمداني”، في باحة الشورى في حارة حريك.
مع الجلاد
رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي شارك في الوقفة التضامنية أمام وزارة الصحة. وقال “أصبحنا اليوم في شريعة الغاب. فالقوي يأكل الضعيف والمجتمع الدولي يقف مع الجلاد”، مضيفاً: “رسالتنا نقولها من باب الانسانية”. وتابع ميقاتي: “الوقفة اليوم لها معنيان، الاول هو التضامن مع أهل غزة، والثاني ان القيم الانسانية تنتهك في غزة”، مشدداً على اننا “نقف جميعا مع هذا الجسم الطبي، وهذا الامر لا يمكن أن يستمر”. وسأل ميقاتي: “منذ 75 عاما ولبنان يحمل في قلبه قضية فلسطين، واليوم لدينا قضية فلسطين وضرورة العمل ليرى المجتمع الدولي بالتوازي ما يحصل من ضرب لكل القيم الانسانية، اين هي الامم المتحدة مما يجري؟ أين مجلس الامن؟ أين شرعة الامم المتحدة؟” وختم: “هذا الامر يجب وضع حد له ،وهذه هي رسالتنا للعالم من باب التمسك بالقيم الانسانية والحفاظ على النظام العالمي الذي تعلمنا ان اساسه العدالة، ولسوء الحظ فهذه العدالة تضرب اليوم في الصميم”.
واشنطن السبب
بدوره، أكد رئيس المجلس التنفيذي في “حزب الله” السيد هاشم صفي الدين، في الوقفة التضامنية مع غزة التي دعا اليها الحزب، في باحة الشورى في حارة حريك، ان “السبب في إراقة دماء الشعوب هو الولايات المتحدة الأميركية ومعها الغرب”.
عوكر
وفي وقت تمت الدعوة الى تظاهرة امام السفارة الاميركية في عوكر غداة تحركات عنيفة استهدفت اول امس محيط السفارة وايضا سفارتي فرنسا ومقر الاسكوا، تم تعزيز الاجراءات الامنية في محيط عوكر اليوم. وبعد ظهر اليوم اندلعت مواجهات في محيط السفارة بين المتظاهرين والقوى الأمنية على أثر التظاهرة التي نُظمت تضامنا مع الشعب الفلسطيني واستنكارا لمجزرة المستشفى “المعمداني” في غزة. وحاول المحتجون إجتياز السياج الشائك ورموا الحجارة باتّجاه القوى الأمنيّة، التي ردّت بإطلاق القنابل المسيلة للدموع وخراطيم المياه لإبعاد المحتجين.
غادروا
ليس بعيدا، حثت السفارة الاميركية في بيروت عبر حسابها على تويتر موطنيها “على عدم السفر إلى لبنان”. وقالت عبر حسابها على منصة “اكس”: نوصي المواطنين الأميركيين في لبنان باتخاذ الترتيبات المناسبة لمغادرة البلاد. تظل الخيارات التجارية متاحة حاليًا. نوصي مواطني الولايات المتحدة الذين يختارون عدم المغادرة بإعداد خطط طوارئ لحالات الطوارئ.. لاحقا، نشرت السفارة في عوكر بيانًا عبر منصة “أكس” جاء فيه: على المواطنين الأميركيين في بيروت تجنّب منطقة عوكر اليوم نظرًا لاحتمال وقوع المزيد من التظاهرات. ولا تزال أبواب السفارة مفتوحة للعمل. ونحن نعطي الأولوية لتقديم الخدمات القنصلية للمواطنين الأميركيين في لبنان.
ودعت سفارة المملكة العربية السعودية لدى لبنان كافة المواطنين التقيد بقرار منع السفر، ومغادرة الأراضي اللبنانية بشكل فوري لمن هو متواجد في لبنان حالياً، وذلك بعد متابعة تطورات الأحداث الجارية في منطقة جنوب لبنان.
بدورها، نصحت السفارة الفرنسية في لبنان “الذين يرغبون زيارة لبنان بعدم الذهاب إلى هذا البلد إلا لأسباب ملحة”.
ميركافا
على الحدود الجنوبية، كان يوم امس متوترا. فقد تعرضت المنطقة الحرجيّة في أطراف بلدة علما الشعب لقصف اسرائيلي قبل الظهر في وقت تحدثت إذاعة الجيش الإسرائيلي، عن سماع دوي انفجارات على الحدود مع لبنان. الى ذلك، وعند الثالثة والربع فجرا، قامت مجموعة من حزب الله بإستهداف دبابة ميركافا للجيش الاسرائيلي في موقع الراهب وتمت إصابتها بشكل مباشر مما أدى إلى قتل وجرح طاقمها. وبعد الظهر استهدف حزب الله موقع جل العلم قبالة علما الشعب، في حين اطلق صاروخ مضاد للدروع من لبنان باتجاه موقع عسكري في مستوطنة منارة.
وقررت الحكومة الإسرائيلية توسيع إخلاء البلدات الحدودية مع لبنان إلى 5 كلم.
فرعون: كل التعاطف مع الشعب الفلسطيني
كتب الوزير السابق ميشال فرعون على منصة “إكس”: “المجزرة المدانة التي ارتُكبت ضدّ مدنيّين في مستشفى في غزّة، على فظاعتها إنسانيّاً، ستشكّل نقطة تحوّل ليس فقط في الحرب داخل الأراضي المحتلّة، بل في المشهد الدّولي والمواقف من هذه الحرب. كلّ التّعاطف مع الشعب الفلسطيني، والحذر من زجّ لبنان في حربٍ لا نتحمّل نتائجها في ظلّ الانهيار”.