الجمعة, نوفمبر 22
Banner

“اليونيفيل” باقية في الجنوب وكلام ألماني “أكثر من مقلق”

كان من الطبيعي ان يقوم وزير الدفاع الالماني بوريس بيستريوس في هذا التوقيت الذي تعيشه المنطقة بفعل تطورات غزة والهجوم الاسرائيلي عليها، بتفقّد وحدة بلاده التي تتولى مهمة القوة البحرية في “اليونيفيل”. ولم يكتفِ بذلك بل حطّ في تل أبيب وتعهد لنظيره الاسرائيلي يوآف غالانت بدعم جيشه. وما ينبغي التوقف عنده ما ردده بيستريوس على متن الطرّاد “أولدنيورغ” واصفاً الوضع في المنطقة بـ”المتوتر”، فضلاً عن اشارته الى ان “خفض او سحب قوات اليونيفيل من لبنان سيكون اشارة خاطئة في هذا التوقيت”. وثمة مَن فهم من هذا الكلام كأنه تمهيد لإقدام وحدات القوة الدولية على مغادرة الجنوب الذي حلّت فيه منذ ما بعد الاجتياح الاسرائيلي الاول عام 1978، وان التوجه الى مثل هذا الخيار الذي لا يترجَم إلا اذا صدر عن مجلس الامن حيث تُبنى على مثل هذا الفعل في حال تطبيقه جملة من الارتدادات المتوقعة على واقع الحدود بين لبنان واسرائيل، ولا سيما ان “اليونيفيل” هي الحارسة الاولى للقرار 1701 بعد عدوان تموز 2006. وتردّ مصادر مسؤولة في القوة الدولية بأنه لا يوجد اي توجه لسحب وحداتها من الجنوب، وان التصريحات التي تصدر من هنا وهناك لا تعبّر عن حقيقة صلب مهماتها التي تعمل على تحقيقها رغم تطور الاحداث العسكرية على طول الحدود من رأس الناقورة الى تخوم مزارع شبعا، والتي تبقى تحت أعين وحداتها المنتشرة على طول “الخط الازرق” والحدود بين لبنان واسرائيل. وبعد البلبلة التي احدثها بيستريوس، ينقل رئيس لجنة الشؤون الخارجية والمغتربين النيابية النائب فادي علامة عن قائد “اليونيفيل” الجنرال أرالدو لازارو أنها مستمرة في عملها واتمام المهمات المطلوبة منها رغم الظروف الصعبة والدقيقة، وان ما تردد ونُسب الى وزير الدفاع الالماني غير صحيح، “وسنواصل عملنا بحسب نص قرار التجديد لليونيفيل”. ويقول علامة: “من جهتنا في لبنان نحرص على الدور الذي تؤديه القوة الدولية في الجنوب في وقت مطلوب من المجتمع الدولي التدقيق اكثر بهذا الكمّ من الجرائم الاسرائيلية في غزة والتي سبق لها ان ارتكبتها في لبنان”.

وبغضّ النظرعن القصد من رسالة بيستريوس، ليس ثمة توجه عند قيادة “اليونيفيل” بالانسحاب من الجنوب مع التوقف عند مسألة ان من حق المانيا او غيرها من الدول المشاركة ان تُقدِم على تقليص الاعداد المشاركة فيها او سحبها بالكامل. ويُذكر ان البرلمان الالماني مدد مشاركة وحدته البحرية في حزيران الفائت للابقاء عليها مع “اليونيفيل”، والتي تقوم بدور كبير يتمثل في مراقبة كل ما يأتي الى لبنان عن طريق البحر. ولم يمر كلام بيستريوس من دون تدقيق في القنوات الديبلوماسية، ولا سيما بعد موقف المستشار الالماني أولاف شولتس وتفقّده تل أبيب على جناح السرعة، وقد حطت طائرته في المطار على وقع القذائف الفلسطينية، مع التذكير بقوله ان “أمن اسرائيل جزء من عقيدتنا الامنية الالمانية”. وتزامن ذلك مع تحذير وزارة خارجيته رعاياها من السفر الى بيروت مع وقف شركات المانية حركة رحلاتها طيرانها الى مطار رفيق الحريري الدولي.

وثمة مصادر ديبلوماسية تتحسب من ان تقدم برلين على غرار ما فعلته واشنطن ولندن على ارسال قطع بحرية الى المتوسط لمساندة اسرائيل، ولا يستطيع الالمان فعل ذلك بوجود قوات بحرية لهم تعمل تحت راية “اليونيفيل”. واذا ما تطورت الامور، لا شيء يمنع برلين من سحب وحدتها من لبنان وارسالها فرقاطة عسكرية لمساندة تل أبيب والوقوف الى جانبها، ولن يحصل هذا الامر من دون ترتيبه مع واشنطن. وسبق لبرلين ان زوّدت اسرائيل بمسيّرات وسمحت لها باستعمالها (بموجب إذن) في حربها المفتوحة ضد حركة “حماس” بناء على اتفاق في هذا الشأن بين البلدين. واذا تدحرجت المواجهات العسكرية، بحسب مصادر ديبلوماسية متابعة لتعاطي الاوروبيين وتجاوبهم مع مطالب تل ابيب، فان برلين واكثر من عاصمة ستعمد الى دعم الاسرائيليين بشتى انواع الدعم العسكري والمادي. ولذلك يجري التوقف ملياً عند ما ورد على لسان بيستريوس، وهو شخصية معروفة في المانيا، ان من المتوقع في حال وقوع الحرب الكبرى ان تقدم حكومته على سحب جنود بحريتها من المياه الاقليمية اللبنانية ومغادرة “اليونيفيل” بحجة تأمين السلامة لافراد جنودها.

الى ذلك، لا يزال كلام المسؤولين الالمان حيال وقوفهم الواضح والداعم لاسرائيل محل متابعة في صحافة بلادهم والاعلام الاوروبي، الامر الذي دفع اعدادا كبيرة من الموظفين في الاتحاد الاوروبي الى رفع عريضة ضد رئيسة المفوضية الالمانية اورسولا فون دير لاين اعتراضاً على تصريحاتها الداعمة لاسرائيل من دون توقفها عند ما يتعرض له ابناء غزة ومجموع الفلسطينيين. وتدل التوجهات الالمانية من مستشارها ووزير دفاعه الى اعضاء حكومته كأنهم تلقّوا “أمر عمليات” بالوقوف الى جانب اسرائيل وعدم الاكتفاء بالتصريحات ولو كلّف الامر الرجوع الى نبش دفاتر أدولف هتلر.

رضوان عقيل – النهار

Leave A Reply