تستمرّ نقابة الصيادلة في لبنان بتعقّب عمليات بيع الأدوية المهرّبة على الأراضي اللبنانية. وكانت آخر عملية لها في هذا السياق، بالتعاون مع أمن الدولة الأسبوع الفائت، حيث تم مداهمة صيدلية في بلدة ببنين – عكار من قبل دورية من المديرية الإقليمية لأمن الدولة في عكار برفقة مفتشة من نقابة الصيادلة، وذلك بعد ورود معلومات إلى مكتب أمن الدولة عبر نقابة الصيادلة بأن هذه صيدلية تبيع الأدوية المهرّبة. تمت مصادرة الأدوية وإقفال الصيدلية بالشمع الأحمر بناءً على إشارة القضاء وبوشر التحقيق مع الصيدلي (ع.م) لكشف الأسماء المهرِّبة.
رواج التهريب!
التهريب تجارة رائجة في لبنان في هذه الأيام على جميع الأصعدة والقطاعات، ولا يتوقف الأمر عند تهريب البشر والبضائع. فقد استباحت الأدوية المهرّبة من عدة دول أبرزها تركيا، إيران، سوريا ومصر السوق الشمالي والعكاري. ولأن لبنان يعيش أزمة حقيقية في قطاع الدواء ويعاني المواطنون في تأمين الأدوية لاسيما المزمنة منها، أو أدوية الأمراض المستعصية، وبنتيجة انقطاع عدد من الأدوية من الأسواق، بات اللبنانيون يبحثون عن الأدوية، دون التأكد من مصدرها أو جودتها أو استيرادها وفقًا للمعايير الصحية العالمية الإلزامية.
وبحسب مرجع أمني شمالي فإن “الدواء مهرب لا يعني بالضرورة أن يكون الدواء مزوّراً أو غير ذي جدوى طبية، ولكنه بالتأكيد دواء غير مرخّص دخوله إلى الأراضي اللبنانية من قبل وزارة الصحة العامة”. ووفق مصدر في وزارة الصحة العامة فإن الأخيرة تتخوف في هذا الصدد من “أن يكون الدواء الذي يدخل إلى لبنان عن طريق التهريب مقلدًا أو مزوّرًا لكنه يحمل نفس إسم وعبوة الدواء الأصلي وشكل حبة الدواء أو لونه، بحيث لا يمكن تفريقه بالشكل عن الدواء الأصلي، أو أن يكون غير مصنّع في معامل الشركة المنتجة الأصلية أو في أي من فروعها أو في المصانع الحائزة على امتياز تصنيعه، بل غالبًا ما يصنّع في معامل بدائية لا تتوفر فيها أية مقومات التصنيع الجيد والنظافة”.
الأدوية المهرّبة: مزورة !
يؤكد نقيب صيادلة لبنان الدكتور جو سلوم لـ”المدن” بأن “قسماً كبيراً من الأدوية المهربة مزوّر وقسما كبيراً يحفظ بطريقة خاطئة ما يشكل خطراً على صحة المريض”. ويضيف سلوم “هناك تقارير من منظمة الصحة العالمية بأنها تحتوي جراثيم وباكتيريا وهنا مكمن الخطورة ولذلك فإننا نتابع ملاحقة الصيدليات التي تبيع الأدوية المهربة مع النيابة العامة وأمن الدولة”.
انتشار الأدوية المهرّبة في لبنان، بشكل عام، واكتساحها الأسواق العكارية بشكل خاص، يعود إلى عدم توافر أنواع من الأدوية في الصيدليات لأسباب عدة لاسيما منها ارتفاع أسعارها بسب ارتفاع سعر صرف الدولار، ورفع الدعم عن كثير منها، إلى جانب احتكار المستوردين لها، لاسيما المدعوم منها، لبيعها لاحقاً وفق سعر صرف الدولار في السوق السوداء لجني الارباح الطائلة. فيلجأ العكاري إلى السوق السوداء لتأمين دوائه.
والسوق السوداء للأدوية عبارة عن صيدليات، مستوصفات، محلات تجارية، تجار شنطة وتجار أدوية عبر وسائل التواصل الإجتماعي ونظام الأونلاين.. ويسجَّل في هذا السياق عشرات الصفحات والحسابات على الفيسبوك والإنستغرام لأشخاص، وربما شركات، تؤمّن الأدوية لاسيما غير المتوفّرة منها في لبنان. ويتم ذلك من الخارج من دول كتركيا ومصر. وأحيانا تكون أسعار تلك الأدوية أغلى من لبنان لكنها غير متوفرة فيه.
يقول حلمي محمد من عكار لـ”المدن” أنه طلب من أحد الأشخاص – لبناني مقيم في تركيا – دواء عبر الفيسبوك، ووصل الدواء إلى لبنان بعد نحو 5 أيام استلمه من إحدى الصيدليات في نطاق العبدة، بسعر يفوق سعره في تركيا ب 9 $ حيث احتسب الشخص ما أسماه قيمة نقل الدواء إلى لبنان بحسب ما أبلغه.
الأدوية السورية
تجدر الإشارة إلى أن قسماً كبيراً من مرضى عكار يلجأون إلى الأدوية السورية حتى للأدوية المتوفرة في لبنان وذلك لأنها أرخص من الأدوية اللبنانية، ويتم تأمينها من عدة مصادر. فبعض الصيدليات، لاسيما الحدودية منها، تبيع هذه الادوية إضافة إلى أن زوار سوريا يأتون بالأدوية معهم، كما أن هناك تجاراً يختصّون بتأمين الأدوية السورية إلى لبنان ومن بينهم نازحين سوريين.
مايز عبيد