الإثنين, نوفمبر 25
Banner

تركيز دولي على تحييد لبنان .. وإيران تُحذِّر واشنطن وإسرائيل

كتبت صحيفة “الجمهورية”: تصاعدت أمس وتيرة المواجهات بين المقاومة وقوات الاحتلال الاسرائيلي على الجبهة الجنوبية، لكنها ظلّت محكومة بقواعد الاشتباك المعمول بها بموجب القرار الدولي 1701. وإذ تبادل الطرفان التراشق المدفعي والصاروخي، تزايدت التوقعات باحتمال تَوسّع رقعة هذه المواجهات الى أبعد من الرقعة التي تدور فيها. وفيما تفقّد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو قواته عى هذه الحدود متوعّداً «حزب الله» بـ»دمار لا يمكن تصوره عليه وعلى لبنان» في حال دخوله الحرب الى جانب غزة، شدّد الحزب في المقابل على «ان المقاومة التي تواجه العدو تضع مصلحة لبنان وشعبه في رأس أولوياتها، وهذه المصلحة تقتضي منع أهداف العدو في غزة». وفيما حذّرت واشنطن «أي منظمة وأي بلد يسعى الى توسيع النزاع»، حذّرت طهران في المقابل الولايات المتحدة واسرائيل من أنهما «في حال لم تضعا حداً فورياً للجرائم ضد الانسانية والإبادة الجماعية في غزة، فإنّ كل الاحتمالات ممكنة في أي لحظة، والوضع في المنطقة سيصبح خارجاً عن السيطرة».

على وقع المواجهات الدائرة بين المقاومة واسرائيل على الجبهة الجنوبية منذ اليوم الاول لحرب غزة، يستمر لبنان محور اتصالات داخلية وعربية ودولية لتجنب توسع الحرب اليه في ظل الاختراقات الاسرائيلية المتمادية للقرار 1701، وقد شهدت تلك الجبهة امس قصفاً عنيفاً متبادلاً في الوقت الذي أخلى الاسرائيليون 14 مستوطنة جديدة مُحاذية لحدود لبنان الجنوبية وفي عمق خمسة كيلومترات من الاراضي الفلسطينية المحتلة. وقد تمكنت المقاومة التي سقط لها اكثر من خمسة شهداء أمس من تدمير مواقع عسكرية اسرائيلية ودبابات وآليات وابراج مراقبة وتنصت واتصالات على طول الجبهة الممتدة من الناقورة حتى جبل الشيخ، وأوقعت قتلى وجرحى في صفوف الجيش الاسرائيلي.

مطمئنون

وقد تلقّى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أمس اتصالين من كل من الامين العام لجامعة الدول العربية أحمد ابو الغيط ووزير الخارجية المصرية سامح شكري، أطلعاه فيهما على نتائج اجواء «قمة القاهرة للسلام» التي انعقدت امس الاول وتركز البحث على الوضع في لبنان اضافة الى المساعي الجارية لوقف العدوان الاسرائيلي على غزّة.

وقال ميقاتي امام زواره امس انّ «الاتصالات الديبلوماسية التي نقوم بها دوليا وعربيا واللقاءات المحلية مستمرة في سبيل وقف الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان وجنوبه تحديدا، ومنع تمدد الحرب الدائرة في غزة الى لبنان». واضاف «إن الاجتماعات والاستعدادات التي نقوم بها من أجل وضع خطة طوارئ لمواجهة ما قد يحصل، هي خطوة وقائية أساسية من باب الحيطة، لأننا في مواجهة عدو نعرف تاريخه الدموي، ولكننا في الوقت ذاته مطمئنون الى أنّ اصدقاء لبنان يواصلون معنا بذل كل الجهود لإعادة الوضع الى طبيعته وعدم تطوره نحو الأسوأ». وختم: «كنّا آثَرنا في بداية الازمة انتهاج العمل الصامت البعيد عن الاعلام، لكن البعض استغل ذلك ليشنّ حملة غير مبررة على الحكومة ويثير الهلع لدى الناس، ولمواجهة ذلك قررتُ وضع اللبنانيين أولاً بأول في صورة ما نقوم به، وأدعو أهلنا الى الوثوق بأننا مستمرون في الجهد المطلوب لإبعاد كل أذى عن لبنان».

مجلس الأمن

وعلى الصعيد الدولي علمت «الجمهورية» من مصادر دبلوماسية انّ مجلس الأمن الدولي سيعقد جلسة غداً لبحث الوضع قي الشرق الأوسط مع التركيز على الوضع في غزة. وسيكون الحضور على مستوى عال حيث سيحضر عدد من وزراء خارجية الدول المعنية بوضع المنطقة، ومنهم وزراء خارجية مصر والسعودية والأردن وفلسطين. ويغيب وزير خارجية لبنان عبدالله بوحبيب لارتباطه بزيارة دمشق اليوم بناء لقرار مجلس الوزراء لبحث التنسيق في موضوع عودة النازحين والخطوات المُمكن تنفيذها.

تحذيران أميركي وإيراني

في غضون ذلك حذّر وزير الدفاع الاميركي لويد أوستن، أمس، من أن الولايات المتحدة «لن تتردد في التحرك» عسكرياً ضد أي «منظمة» أو «بلد» يسعى الى «توسيع» النزاع في الشرق الأوسط بين اسرائيل وحركة «حماس».

وفي المقابل، حذّر وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان الولايات المتحدة وإسرائيل من أنّ الوضع في الشرق الأوسط قد يخرج عن السيطرة ما لم توقِف الدولة العبرية «فوراً الجرائم ضد الانسانية والإبادة الجماعية في غزة».

وقال الوزير خلال مؤتمر صحافي مع نظيرته الجنوب إفريقية ناليدي باندور في طهران: «اليوم، المنطقة أشبه ببرميل بارود (…) أريد أن أحذّر الولايات المتحدة والنظام الصهيوني التابع (لها) بأنه في حال لم يضعا على الفور حداً للجرائم ضد الانسانية والإبادة الجماعية في غزة، كل الاحتمالات ممكنة في أي لحظة، والوضع في المنطقة سيصبح خارجاً عن السيطرة». وأكد أمير عبداللهيان أنّ «أي خطأ في الحساب في استمرار النزاع، الإبادة، المجزرة والتهجير القسري في حق سكان غزة والضفة الغربية، قد تكون له تداعيات ثقيلة» في المنطقة تؤثّر على «مصالح الدول المعتدية».

«حزب الله»

في هذه الاثناء أشار رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، خلال الحفل التأبيني الذي أقامه «حزب الله» للمقاوم محمود بَيز في مشغرة، إلى أنَّ «الدلال الذي يعيشه العدو بفِعل دعم أوروبا وأميركا وحمايتهما له، هو الذي منحه فرصة أن يستبيح غزة». وشدد على «أننا جزء من التصدي لهذه العدوانية ونحن لا نقصّر ولم نقصّر، والخبير يعرف أهمية ما نفعل». وأضاف: «لكن نحن لسنا معنيين بأن نواكب ثرثرات المُثرثرين هنا وهناك، ولسنا معنيين بأن نقدّم كشف حساب لما نفعله لأحد على الإطلاق. كَشفنا نقدّمه لله، لأننا نقاوم في سبيل الله». وقال: «نحن لسنا طرفاً مراقباً ونحن نقوم بما علينا وفق رؤيتنا التي تنصر قضيتنا المركزية وتحمي شعبنا وتضعف الضغط لعدوّنا وتمنع عدوانيته وتحمي بلدنا وأهلنا أيضا، نحن لا نفرّط بشيء من أجل شيء بل نتحرك في ضوء رؤية واضحة يمكن أن تحقق الهدف السياسي الذي ننشد ونريد، العدو لن ينتصر في غزة وليدمّر ما يدمّر». واكد ان «التدمير ليس انتصاراً بل انه سيزيد عزلته وسيعيد كل مشاريع التطبيع معه إلى الخلف، وبدل أن يشغل بعض الثرثارين ألسنتهم وأدمغتهم في البحث عن دور المقاومة في لبنان في دعم غزة وقضيتها وأهلها فليطالبوا النظام العربي بأن يُلغي من مشروعه التطبيع الحاصل بينه وبين العدو الصهيوني».

وفي الاطار نفسه شدد عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسن فضل الله في مؤتمر صحافي عقده في بنت جبيل، على أنّ «العدو كان يخطط لاستهداف بلدنا، لكن الأميركي الذي يدير الحرب جعله يتراجع، خشية منه أن يلحق بالعدو هزيمة أخرى تُضاف إلى هزيمته الحالية»، مشيرًا إلى أنّ «العدو يدرك سلفًا أنّ في لبنان قوة المقاومة وجهوزيتها». ولفت إلى أنّ «المقاومة التي تواجه العدو تضع مصلحة لبنان وشعبه في رأس أولوياتها، وهذه المصلحة تقتضي منع أهداف العدو في غزة، لأنه يهدف إلى إحداث تغييرات في المنطقة، ولبنان من مصلحته أن يمنع العدو من تحقيق العدو أهدافه في غزة».

وأوضح فضل الله أنّه «إذا تركت غزة وحدها ستدفع كل الأمة الثمن». وأشار إلى أنّ الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله «يتابع ساعة بساعة مجريات المواجهة في الجنوب وغزة ويُشرف على إدارة المعركة مع القادة الميدانيين». واكد أنّ غياب السيد نصرالله وحضوره الإعلامي هو «جزء من إدارة المعركة».

جولة باسيل

في ضوء المخاطر والتحديات التي يواجهها لبنان، خصوصًا بعد العدوان الاسرائيلي والاحداث في غزّة واندلاع الاشتباكات على الحدود الجنوبية للبنان، قرر رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل القيام إبتداءً من يوم غد بجولة تشاورية على القيادات السياسية في البلاد عنوانها حماية لبنان والوحدة الوطنية.

الموقف الاسرائيلي

وعلى الصعيد الاسرائيلي، وفي ظل حال التخبّط التي يعيشها سياسيا وعسكريا، قال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال جولة على حدود لبنان الجنوبية: «حتى الآن لا يمكننا تأكيد أنّ «حزب الله» قرر دخول الحرب». وأضاف: «أمّا إذا قرّر دخول الحرب فإنه سيجلب دماراً لا يمكن تصوره عليه وعلى لبنان وسيشتاق إلى حرب عام 2006». واشار الى «اننا نخوض معركة مزدوجة في جبهتي لبنان وغزة». وقال: «مستعدون لكل السيناريوهات وسنردّ بحزم على «حزب الله» إذا قرر المواجهة».

«رأس الأفعى»

الى ذلك قال وزير الاقتصاد الإسرائيلي نير بركات في حوار لصحيفة «ديلي ميل» البريطانية «انّ إسرائيل لن ترد على «حزب الله» فقط إذا فتح جبهة جديدة انطلاقاً من جنوب لبنان ولكنها ستستهدف إيران مباشرة». وأضاف: «خطة إيران هي مهاجمة إسرائيل على كافة الجبهات، وإذا وجدنا أنهم ينوون استهداف إسرائيل فلن نكتفي بالرد على تلك الجبهات، بل سنذهب إلى رأس الثعبان، وهو إيران».

وتابع يقول: «إذا هاجمنا أعداؤنا فسنقضي عليهم، آيات الله في إيران لن يناموا هانئين في الليل، وسنتأكد من أنهم سيدفعون ثمنا باهظا إذا فتحوا الجبهة الشمالية».

وهدد بركات – وهو رئيس بلدية القدس السابق – بأن يدفع لبنان والحزب «ثمنا باهظا مثلما ستدفعه حماس»، مضيفاً «الرسالة الواضحة للغاية هي أننا سنلاحق قادة إيران أيضا، لدى إسرائيل رسالة واضحة للغاية لأعدائنا، ونحن نقول لهم: أنظروا إلى ما يحدث في غزة، سوف تحصلون على المعاملة نفسها إذا هاجمتمونا، سوف نقوم بمسحكم من على وجه الأرض».

واعتبر أنّ «حزب الله» «لن يقوم بالتصعيد من دون أن يتلقى أمراً من إيران»، مضيفاً انه «من نواحٍ عدة «حزب الله» هو إيران». وقال إن رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك والرئيس الأميركي جو بايدن – اللذين زارا إسرائيل الأسبوع الماضي – يدركان أنّ هناك «تحالفاً عالمياً للشر بين إيران وحماس وحزب الله».

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي جوناثان كونريكوس لقناة «سي إن إن» الإخبارية الأميركية: «إن بلاده تشعر بـ«القلق» من أن تتحول الحرب الجارية مع حماس إلى صراع إقليمي أكبر». أضاف: «نحن قلقون، ونحضّ لبنان على التفكير مرتين أو ربما 200 مرة إذا كانوا يريدون حقاً تعريض ما تبقّى من سيادته وازدهاره للخطر، من أجل مجموعة من الإرهابيين في غزة»، وفق تعبيره. وأضاف: «لأنه حتى الآن، هذا ما يفعله «حزب الله»، ونحن نحضّ بشدة على عدم القيام بذلك».

وحذّر كورنيكوس عبر منصة «إكس» من أن «حزب الله» يعتدي ويجر لبنان إلى حرب لن يجني منها شيئاً، إنما قد يخسر فيها الكثير».

فيما نقلت صحيفة «الغارديان» البريطانية عن مسؤول عسكري اسرائيلي قوله: «النية الآن هي حصار واحتواء الساحة الشمالية، وليس تصعيدها، وليس شن حرب واسعة النطاق. ونحن نعلم أن «حزب الله» يحاول جرّنا إلى مواجهة معهم، ليجعلنا نخطئ، ونحن نحاول بذل قصارى جهدنا حتى لا نقع في هذا الفخ».

تحذير أميركي جديد

وفي تحذير جديد لم يفهم المغزى من تكراره، أعلنت السفارة الاميركية أمس انّ «على المواطنين الأميركيين الذين يرغبون في مغادرة لبنان المغادرة الآن، بسبب الوضع الأمني الذي لا يمكن التنبؤ به. يُرجى إبلاغنا إذا كنت بحاجة إلى قرض لشراء رحلة طيران. لا تزال هناك رحلات متاحة، ولكن هناك انخفاض في القدرة الاستيعابية.

ملف النازحين

من جهة ثانية، وعشيّة توجّهه اليوم الى دمشق قال وزير الخارجية عبدالله بوحبيب لـ«الجمهورية» انه سيلتقي في دمشق نظيره السوري فيصل مقداد، ويبحث معه في نتائج الاتصالات والزيارات التي أجراها مع الأمم المتحدة والدول الغربية في ملف النازحين السوريين والتصور اللبناني لمعالجته، ويستمع منه إلى ما لديه من معطيات.

فيما اكدت مصادر ديبلوماسية لـ«الجمهورية» انّ البحث سيتناول الطرق الكفيلة بتسهيل برامج عودة النازحين السوريين الى بلادهم بالتنسيق مع السلطات السورية.

ولم يعرف ما إذا كانت السلطات السورية سترتّب موعداً للقاء له مع الرئيس بشار الاسد، إذا وجدت ضرورة للقاء.

وسيرافق بوحبيب في زيارته المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري والأمين العام للمجلس الاعلى للدفاع اللواء محمد مصطفى إضافة الى عدد من المستشارين الديبلوماسيين والقانونيين.

Leave A Reply