يتكدس الزبائن (بالمعنى الحرفي للكلمة) في سوبرماركت أبو وليد الزيات في منطقة حارة حريك في الضاحية الجنوبية، منذ السابعة صباحاً لشراء حاجياتهم تحسباً لأي حرب واسعة النطاق تشمل لبنان. سبب الاقبال الكثيف هو الاسعار المعقولة مقارنة مع المحال الاخرى، كون ابو وليد تاجر جملة أيضا. والسبب الثاني هو الخوف من حرب مفاجئة على الضاحية كما تشرح مريم حرب لـ»نداء الوطن»، لافتة الى أنها «أتت الى حارة حريك للتبضع بالرغم من انها تقطن في منطقة المريجة لتوفير ما يمكن توفيره. أما سلة مشترياتها فغلبت عليها المعلبات (حمص/ فول/ طون/ كبيس/ جبنة مطبوخة/ مرتديلا/ رز /سكر/شاي/قهوة /نيسكافيه). والسبب بحسب قولها أنها مواد لا تفسد ويمكن نقلها بسهولة في حال اضطرت لترك منزلها».
بالنسبة لفاطمة سويدان(من سكان حارة حريك) فسلة مشترياتها هي نفسها تقريبا مع اضافة «كرتونة بطاطا» اشترتها من جارها الخضرجي ومستلزمات اطفال لحفيدها، اذ تقول لـ»نداء الوطن» إنها «في أيام الحرب لا أعصاب لديها للطبخ، وأكثر ما يمكن أن تقوم به هو سلق البطاطا والبيض وفتح المعلبات لاطعام عائلتها».
من جهته يخبر أبو وليد «نداء الوطن» أن «اقبال ربات البيوت على التبضع زاد بشكل كبير منذ 17 الشهر الجاري، وصار روتيناً يومياً يبدأ عند السابعة صباحاً ويستمر حتى السابعة مساء. ويسجل ملاحظة أن أغلب زبائنه هم من ربات البيوت (80 بالمئة) مقابل 20 بالمئة من اصحاب السوبرماركت (البيع بالجملة)، وأغلب المشتريات تتنوع بين الطحين والزيت والمعلبات لأن الناس خائفة، وتخطط لترك المنطقة عند نزول اول قذيفة اسرائيلية في الضاحية».
ويختم: «هذا الاقبال هو استثنائي كون العائلات اللبنانية في المنطقة محدودة الدخل في الغالب، اما اليوم فهذه العائلات نفسها تلغي كل مصاريفها الاخرى من أجل شراء الطعام وتصل فواتيرها الى نحو 9 ملايين ليرة. اما النازحون السوريون فلا يقبلون على الشراء وتخزين الاطعمة، ربما لأنهم يراهنون على المساعدات التي ستأتيهم من المنظمات الدولية أو لأنهم ينوون العودة الى بلادهم في حال وقوع حرب».
في أحد مراكز التسوق الكبيرة ، المشهد نفسه في الاقبال على شراء المواد الغذائية نفسها تقريباً، سيدات ورجال منتشرون بين الرفوف للتبضع. وموظفو الصناديق يعملون دون كلل منذ العاشرة صباحاً وحتى التاسعة مساء. يوضح مدير أحد فروع مراكز التسوق لـ»نداء الوطن أن «هذه الظاهرة ازدادت مع توسع الاحداث في الجنوب اللبناني أي منذ أسبوع تقريباً»، شارحاً أن «الاقبال على شراء الحبوب والسكر والزيت والمعكرونة والحليب زاد في بداية الاحداث 10 بالمئة، ثم قفز 25 بالمئة ويوم الثلاثاء سجل نسبة 45 بالمئة. فمعلبات الطون مثلا كان يفرغ منها 10 صناديق على الرفوف يومياً، أما اليوم فيتم تفريغ 50 صندوقاً».
يضيف: «هناك نازحون من اللبنانيين (استأجروا منازل) يقبلون على شراء المواد الغذائية من الفرع الذي يديره (منطقة ضبيه)، وأن نسبة المبيعات في هذا الفرع باتت الاعلى مقارنة مع الفروع الاخرى، يليه فرع الحازمية. وهذا يعني أن موجة النزوح اللبناني نحو المناطق الاكثر أمنا بدأت وبكثافة».
على صعيد الدكاكين الصغيرة، يشير محمود الشامي (صاحب دكان في منطقة بئر حسن) لـ»نداء الوطن» أن «اقبال السكان من جيرانه على الشراء ازداد ، بالرغم من أنهم من ذوي الدخل المحدود والفقراء وغالباً ما ينتظرون آخر الشهر للتبضع والتموين، لكن بسبب توتر الاجواء يحاول الكثير منهم شراء المواد الغذائية وتخزينها كل بحسب قدرته الشرائية»، لافتاً الى «أنه يلاقي صعوبة في شراء المواد الغذائية في الجملة، لأن التجار الكبار يستنكفون عن تصريف كل مخزونهم من البضائع».
ويختم: «بسبب الاوضاع دخلت الى لبنان هذا الاسبوع ماركات لمواد غذائية تركية لم نكن نسمع عنها قبلا ولا نعرف مدى جودتها، لكننا نشتريها والزبائن يقبلون عليها تحسبا من الاسوأ».
يشرح رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية في لبنان هاني بحصلي لـ»نداء الوطن» أن «هناك اقبالاً من الناس على شراء المواد الغذائية بأنواعها، لأن الوضع الامني في الجنوب متوتر بغض النظر عن امكانية وقوع حرب أم لا. الحذر يلف البلد والناس تقبل بكثافة على شراء الطعام وتخزينه. ولكن لم نصل بعد الى حالة الجنون في الاقبال على الشراء والتخزين» .
يضيف: «اتمنى من الناس اتباع العدل في التخزين لسببين: الاول عدم خسارة البضائع في حال تخزينها لمدة طويلة من دون استهلاكها، والثاني لأن هذا الامر يؤثر سلباً على كمية المواد الغذائية التي يستوردها التجار والتي تكفي السوق نحو اشهر قليلة، وبالتالي الاقبال والتخزين غير المدروس سيؤدي الى نفاد الكميات وارتفاع الاسعار».
ويختم: «في الوقت الحاضر نطلب من اللبنانيين أن يكونوا منطقيين سواء في الاقبال على الشراء أو التخزين».
باسمة عطوي – نداء الوطن