في 22 حزيران 1946، أي قبل 77 سنة، وقبل سنتين من إعلان كيان الاحتلال “الإسرائيلي”، أقدم مناحيم بيغن، الذي أصبح لاحقاً أحد رؤساء حكومات كيان الاحتلال، على إعطاء الأوامر لمنظمة “أراغون” الصهيونية كي تفجّر “فندق الملك داوود” في مدينة القدس، حيث جعلت حكومة الانتداب البريطاني مقراً لها، ما أدّى الى سقوط 91 ضحية، بينها 41 من الفلسطينيين، و28 من الإنكليز و17 من اليهود و5 من جنسيات أخرى. وبعد حسابات دقيقة، “ابتلعت” حكومة الامبراطورية البريطانية نتائج التفجير حتى لا تثير حساسية اليهود ومفهوم معاداة السامية!
هذا “الابتلاع” إمتد بعد سنتين إلى 17 أيلول 1948، حين جرى اغتيال الوسيط الأممي الكونت فولك برنادوت على يد منظمات صهيونية، لأنه اقترح خطة للسلام تقضي ببقاء القدس بأكملها تحت السيادة العربية وبإعادة اللاجئين الفلسطينيين، الذين فروا من القتال أو طردتهم الميليشيات الصهيونية، إلى بيوتهم واستعادة ممتلكاتهم. وبالرغم من توجه الشكوك حينها نحو إلى منظمة “شتيرن” التي وصفت بالإرهابية، إلاّ أنه لم يحاكم أحد بتلك الجريمة!
وعلى الرغم من كل الجرائم التي ارتكبها العدو الاسرائيلي خلال تاريخه، إلاّ أنه يسعى دائماً، وتحت أنظار الرأي العام الغربي، إلى التنصل من مسؤوليته عن تلك الجرائم، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: مجازر مخيمي صبرا وشاتيلا عام 1982، وقانا الأولى التي جرت عام 1996 تحت سقف الأمم المتحدة، وقانا الثانية في العام 2006.
يوم الثلاثاء الفائت، اقترف العدو الاسرائيلي مجزرة “المستشفى المعمداني”، ثم أطّل أحد المسؤولين العسكريين في قوات الاحتلال ليلفّق خبراً، ويُطلع المشاهدين على فيديو مفبرك بأن تنظيم “الجهاد الاسلامي” هو من كان وراء القصف، في حين كان المراقبون العسكريون يؤكدون أن القصف جاء عبر صاروخ من صنع أميركي، وحملته طائرة من انتاج أميركي ومن طراز F16. تلا ذلك قصف الكنيسة الأرثوذكسية وما يحيط بها، وتوجيه الإنذارات لإخلاء المستشفيات، من دون أن يحرك الضمير العالمي ساكناً.
وبعد أقل من أربع وعشرين ساعة، أطل الرئيس الأميركي جو بايدن من القدس المحتلة، إلى جانب رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو، ليبدي اعتقاده أن القصف لم يكن “اسرائيلياً”. في حين كانت شبكة BBC البريطانية تنشر تقريراً قبل أيام تزعم فيه بأن حركة “حماس” تقوم ببناء العديد من الأنفاق أسفل المستشفيات!
كل هذه الترهات دعت العديد من الناس إلى تذكّر الشاعر أديب اسحاق الذي كتب: “قتل امرئ في غابة جريمة لا تغتفر… وقتل شعبٍ كاملٍ مسألةٌ فيها نظر!”
يبدو أن الرأي العام الدولي مقتنع بوجهة النظر هذه، طالما هي لصالح كيان “إسرائيل” المغتصب للأرض الفلسطينية!
مرسال الترس – الجريدة