أن يأتي خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بعد صمت طويل إثر العملية البطولية التي نفذتها حماس في غلاف غزة، والعمليات العسكرية الناشطة التي نفذتها المقاومة في الجنوب ردا على الاعتداءات، والقصف الاسرائيلي الهمجي، التدميري والدموي على غزة التي قدمت حتى الآن عشرة آلاف شهيد وأكثر من 23 جريحا، فإنه حتما لن يكون خطابا تقليديا، كما لن يكون خطابا يحشد مجموعة من الشعارات لمحاكاة المزاج الشعبي القائم، بل سيكون حتما نوعيا وبإمتياز يحاكي المرحلة بكل تطوراتها ويحدد بوضوح كيف أن المقاومة ستتجاوز قواعد الاشتباك بشكل كامل في حال إضطرت الى ذلك.
لا أحد يمكن أن يتكهن ماذا سيكون عليه خطاب السيد نصرالله، لكنه قد يحمل إنذارا أخيرا للاسرائيليين لوقف قتل المدنيين في غزة، وربما يطرح معادلة المدنيين في غزة مقابل المدنيين في العمق الاسرائيلي، وهو سيناريو ليس مستبعدا خصوصا أن أحدا لم يعد قادرا على تحمل هذه المجازر التي يرتكبها العدو كلما فشل في الميدان العسكري.
لا شك في أن الخطوط الحمراء والخوف على المقاومة الفلسطينية باتت من الماضي، فالمقاومة في غزة ثابتة، وفشلت كل المحاولات الاسرائيلية للنيل منها، وهي ما تزال متماسكة وفاعلة وتتسلم زمام المبادرة في التصدي والهجوم والقصف وضرب الدبابات والآليات وتنفيذ العمليات بنجاح، وإلحاق الخسائر الموجعة في صفوف العدو، وهي بالتالي لم تعد أقله في المدى المنظور في دائرة التهديد المباشر، لذلك فإن حماية المدنيين هي الهدف الأساس والذي من شأنه أن يقتلع أسنان الاسرائيلي الذي لم يعد لديه في هذه الحرب سوى القتل والتدمير.
وليس مستغربا أن يسبق خطاب السيد تصعيدا كبيرا في الجنوب أمس، كان أقرب الى رسالة واضحة ومباشرة للعدو بأن القادم سيكون أكبر، خصوصا مع نجاح المقاومة الاسلامية في توجيه ضربات على كل مواقع الاحتلال على طول الحدود اللبنانية الفلسطينية من رأس الناقورة الى مزارع شبعا وفي توقيت واحد، فضلا عن إستخدامها الطائرات المسيرة التي أغارت على موقع زبدين ما شكل تطورا جديدا، وذلك بالتزامن مع قيام كتائب القسام بقصف كريات شمونة التي إشتعلت النيران في أرجائها، ولا شك في أن هذا التصعيد يُنبئ بما سيكون عليه خطاب السيد نصرالله الذي قد يهدد إسرائيل بعمل عسكري نوعي إذا لم تتوقف المجازر في غزة، خصوصا بعدما تجاوزت المقاومة الخلل الذي أدى في بداية المواجهات الى سقوط عدد كبير من الشهداء على طريق القدس.
يدرك العدو الإسرائيلي أن السيد نصرالله لا يمزح وأنه يقرن القول بالفعل، وهو فعل قبل أن يقول منذ اليوم الثاني لعملية حماس البطولية ما فع الحكومة الاسرائيلية الى وضع نصف جيشها على الحدود.
لذلك فإن مضمون الخطاب من شأنه أن يرسم خارطة طريق المرحلة المقبلة فإما الى تهدئة في حال تراجع الإسرائيلي وإما ان تصعد المقاومة عملياتها بما تمتلك من تجربة وإمكانات وجهوزية وعمق، وفي حال إتخذ قرار من هذا النوع، فإن ما ستقوم به المقاومة لن يكون أقل مما قامت به كتائب القسام في غزة، وإن غدا لناظره قريب، واليوم تدق ساعة الحقيقة على وقع الوعد الصادق..
غسان ريفي – سفير الشمال
Follow Us: