نعت حركة أمل نهار السبت الماضي أحد ضباطها الميدانيين الشهيد علي داوود قائد وحدة هاني بن عروة إحدى الوحدات العسكرية التي تم إعدادها وتجهيزها وتدريبها لمقارعة العدو الصهيوني. وهو أمر ليس بجديد على تاريخ الحركة الجهادي منذ تأسيسها على يد الإمام السيد موسى الصدر، الذي نبّه باكرا للخطر الصهيوني على بلادنا ومقدراتنا وسعى الى تجهيز الأرضية الصالحة لتدريب عناصر أفواج المقاومة اللبنانية – أمل. وليس من المستغرب هذه السريّة في العمل الحركي الذي تقصّدت حركة أمل كتمانه لاعتبارات المعركة والذي شكّل عنصر المفاجأة للعدو خاصة بعد الخسائر التي مُني بها على يد مقاتيلها مع عدم تبني اية جهة للعمليات مما زاد منسوب الحيرة والتخبّط لدى العدو في ساحة الميدان.
عملت الحركة ومنذ فترة، وتحديدا بعد خطاب رئيسها نبيه بري، بما يحمله من دلالات كثيرة في ذكرى تغييب الامام الصدر، عملت على إعادة تشكيل وتفعيل الخلايا العسكرية بشكل أوسع، فزادت من وتيرة التدريبات واعداد الخطط والتجهيزات بعيدا عن الإعلام ما عدا بعض الصور واللقطات التي أرسلت عبرها الحركة رسالة للعدو أنها حاضرة وجاهزة لأية حماقة قد يرتبكها. وفي كثير من الأماكن تعرّضت الحركة لحملة تشويه مقصودة حول ظهور عناصرها المسلحة وانتشارها ومناوراتها، غير أنّ الحركة وبقرار حكيم لم ترد على هذه الحملات وصرفت تركيزها الكليّ الى تحضير العناصر الملائمة والجاهزة حينما تدعو الحاجة.
هذه الحركة التي استنفرت جميع طاقاتها مستفيدة من كوادرها الذين كان لهم باع طويل في مواجهة العدو وتاريخ طويل من المواجهات والعمليات العسكرية، ونقلت هذه الخبرات لجيل تربّى على أمجادها مندفع جاهز مؤمن حاضر في كل الساحات، متعطّش لإعادة الأمجاد والبطولات متشبّها بقادة الحركة مستمدا الدافع والعزيمة من كربلاء الى شلعبون والطيبة وربّ الثلاثين وخلدة ومعركة والكثير من مدن وقرى المواجهات البطولية. ومنذ اللحظة الأولى لعملية “طوفان الأقصى” استنفرت الحركة على طول الحدود بشكل سري للغاية لضرورات المعركة وقامت بواجبها لحماية الوطن والأهالي.
تفاجأ كثيرون وتوقفوا مطوّلا عند خبر استشهاد القائد علي داوود، واعتبروه تطوّرا كبيرا في سياسة حركة أمل على الساحة اللبنانية، غير أنّ العارف بتاريخ الحركة – وأولهم العدو نفسه – يدرك جيدا أنها تحمل من العقيدة والقوة والامكانات والطاقات ما يجعل العدو يعيد حساباته وبشكل كبير لدى تعاطيه مع الساحة اللبنانية، وهو العارف لحجم الخسائر التي تكبّدها لسنوات طويلة على يد مجاهديها. وليس إعلان رئيس الحركة منذ أيام بطريقته الجنوبية المعهودة “ما تجربونا” سوى كلمة السرّ الكبرى للقاصي والداني، أنّ الحركة ليس على استعداد فقط، بل هي حاضرة وشريكة أساسية في الميدان الذي بدأت تتكشّف ملامحه بعد الاعلان عن شهادة القائد علي داوود.
ويبقى التساؤل المطروح اليوم وبشكل كبير لدى الاوساط الدبلوماسية والسياسية، عن كيفية إدارة رئيس حركة أمل رئيس مجلس النواب نبيه بري للمرحلة الحساسة من تاريخ لبنان، وهو المحنّك الذي خبرته جميع التحديات والظروف، وما تصريحه بالأمس سوى أول الغيث وستكشف الأيام المقبلة الكثير من المعطيات والتفاصيل التي إن دلّت ستدلّ على حماية لبنان وأهله بكل ما الكلمة من معنى.
حيدر حيدر