كان للصحافي الفلسطيني معتز عزايزة حصّة وازنة في توثيق جزء من المشهد الدموي في غزّة. حمل كاميرته، وروحه على يديه، وتمكّن من أن يكون مصدراً موثوقاً للخبر، مؤرشفاً بالصوت والصورة مجازر الاحتلال الصهيوني بحق الفلسطينيين، من قتل للمدنيين، أطفالاً ونساءً وشيوخاً، واستهداف للبنى التحتية والمستشفيات ومَن فيها من جرحى وأطباء وممرضات وعمّال. تطوّع عزايزة في اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وتوجّه منذ اليوم الأوّل إلى الحرب، ليكون شاهداً على أغلب المجازر، وخصوصاً تلك التي نفّذها العدو في «دير البلح» وراح فيها عدد من أفراد عائلته. وقد وصل عدد الشهداء من أقربائه حتى الآن إلى أكثر من 25 شخصاً. مع ذلك، لم يتلكّأ عزايزة عن بثّ تقارير حيّة باللغة الإنكليزية عبر حسابه على إنستغرام، وساعد أيضاً في إنقاذ المصابين والجرحى، بل سارع إلى حمل أطفال رضّع بين يديه، من دون أن ينسى كاميرته المعلّقة على عنقه، وسترته الواقية للرصاص وخوذته، حتى لقّبته السوشال ميديا بالـ «سوبر هيرو».
وعلى الرغم من الشهرة التي حصدها الشاب الفلسطيني أثناء الحرب، وخصوصاً مع نشر فيديوات وهو يدندن بعض الأغنيات بصوت لطيف، عاد ليتسيّد المشهد قبل أيّام بسبب محادثة مؤثرة جرت بينه وبين المغنية السورية فايا يونان. عُرفت عن الأخيرة مواقفها الداعمة للمقاومة، انطلاقاً من بلادها سوريا، وصولاً إلى بلدها الثاني السويد. لم تخجل أو تناور بثوابتها الوطنية، ولم تتوان عن التصريح بأن خصمها الأزلي في هذا العالم هو الكيان الصهيوني! وعندما لمحت المصوّر الذي يسطّر مسيرة مهنية بطولية وهو يمشّط شعره ويؤدي أغنيتها «أحبّ يديك» (كلمات مهدي منصور وألحان وتوزيع ريان الهبر)، شاركت الفيديو على إنستغرام وأوضحت أنها راسلته قبل أسابيع عندما كان يطلب من متابعيه الدعاء وكتبت له: «قلوبنا معكم معتز. حماكم الله ونصركم» مع إشارات لقلوب مكسورة. جاءها الرد من معتز بتسجيل صوتي يؤدي فيه مطلع أغنيتها «أحب يديك» فيقول: «عيناك حلمي الذي سيكون كبيراً كما يحلم المتعبون كبيراً كخير بلادي». انهارت المغنية السورية بالبكاء قبل أن تتماسك وتجيب بتسجيل يكمل المحادثة بتتمة مقطع الأغنية الذي يقول: «يداك تلوّح للعائدين وتحمل خبزاً إلى الجائعين أحبّ يديك أحب يديك وأكثر… أحب بلادي». سرعان ما أجابها بجملة ربما حريّ بعدد كبير من نجوم سوريا قراءتها مراراً، إذ قال لها في المحادثة التي نشرتها يونان لاحقاً: «نحبّك جداً ونشكرك لأنك ابنة أصل ولم تغمضي عينيك عما يجري».
وعلى الرغم من انشغالها بتصوير دورها في مسلسل «تاج» (كتابة عمر أبو سعدة وإخراج سامر البرقاوي وبطولة تيم حسين وبسّام كوسا وإنتاج «الصبّاح» لمصلحة mbc») إلا أنها علّقت في حديث سريع معنا عن تواصلها مع معتز عزايزة قائلةً: «كان المشهد مؤثراً جداً حتى قبل نشر معتز للفيديو الذي ظهر فيه، وقد أرسلته لأصدقاء مقرّبين وأخبرتهم بالرسالة التي بعثتها له عندما كان يطلب منّا الدعاء». وتضيف: «رسالة معتز كان لها وقع بليغ داخل روحي، لكنّ القصّة انحصرت بداية في المحادثات الخاصة. اخترت لاحقاً نشر تلك المحادثة لأن الشاب يحمل دمه على كفّه وتستحق الأغنية أن تُهدى إليه لأنها صُنعت لمن مثله، وسأتفق مع كلّ من يقول إن الأغنية منه لها وقع مختلف».
Follow Us:
الاخبار