تجتاح «الكوفية» الفلسطينية عواصم العالم تضامناً مع مظلومية فلسطينيّي غزة الذين يتعرضون لحملة إبادة، فيما تضيق بها أرجاء مركز ABC التجاري في الأشرفية. دماء أطفال غزة فلسطين التي حرّرت الرأي العام العالمي لم تتمكن من تحرير إدارة الـ ABC من عقدة «الفلسطيني الغريب». صاحب المركز، رجل الأعمال روبير فاضل، الذي فعّل عمله السياسي في «انتفاضة 17 تشرين»، و«اشترى» حزباً ونظّم تظاهرات وأنشطة رفعت لواء حرية التعبير ومناهضة الدولة البوليسية وتحقيق العدالة الاجتماعية، لم يحتمل العام الماضي وجود موظفة محجّبة في فرع إحدى الشركات في مركزه في الأشرفية، كما لم يحتمل أخيراً أن يكون في مركزه من يرتدون ثياباً أو أكسسوارات لها علاقة بفلسطين. وهذا «القرار» يسري على موظفي المتجر، وعلى موظفي الشركات الخاصة التي تستأجر مساحاتٍ في الـ ABC. عملياً، لم يتبلّغ أحد من هؤلاء بالقرار بشكلٍ واضح، إلا أن الواقع هو أن الإدارة ترصد أي موظفٍ يرتدي كوفية، أو ثياباً تحمل إشارة لفلسطين، وتُرسل إليه «مندوباً» من الإدارة يبلغه بأنّ «ارتداء مثل هذه الأشياء ممنوع داخل المجمّع لأنها تدل على موقفٍ سياسي». وفي حال رفض الموظّف الأمر، تستعين إدارة الـ ABC بإدارة الموظف المباشرة للضغط عليه. هذه «التبليغات» تأتي بعد قرار سابق بسحب كل ما يتعلق بفلسطين عن رفوف الأكشاك المنتشرة داخل المركز.
الأسوأ من ذلك أن الإدارة التابعة لرجل الأعمال الذي انتفض في 2019 ضد «المنظومة» الحاكمة لا تمانع وجود مثل هذه المظاهر في فرعها في فردان، في سياق تكريس الانقسام الطائفي والتعامل مع كل شريحة وفق قاعدة لكل مقام مقال، إذ إن إدارة ABC توصلت الى «تسوية» مع الشركات التي تستأجر مساحات في فرع الأشرفية بنقل الموظفين الذين يرفضون الخضوع لـ«القوانين» الى فرع فردان بحجة «مراعاة الجو العام في المنطقة».
بالطبع، لم يتوقع أحد من ABC إنارة مبانيها ولا رفع لوحاتٍ إعلانية داخل أهم مركز تجاري في لبنان تضامناً مع غزّة. ما لم يكن متوقعاً أيضاً قمع مجرد التعبير عن التضامن الإنساني بأكثر الوسائل تواضعاً وسلميّة، ولا تصوير مجمع ABC لمجتمع الأشرفية كأنه مجرّد من حسّ التضامن الإنساني مع ضحايا الجرائم الإسرائيلية.
الاخبار