لا يفوّت تجار الأزمات في لبنان حدثاً سياسياً، أمنياً، اجتماعياً أو اقتصادياً، إلا ويسارعون لاستغلاله لتحقيق أرباح فاحشة وغير مشروعة، فيعمدون إلى زيادة الأسعار على هواهم بلا حسيب ولا رقيب مستفيدين من تقاعس أجهزة الرقابة عن أداء دورها.
يستغل التجار الظروف الأمنية في لبنان، ونزوح آلاف العائلات من بعض القرى الجنوبية والحدودية المستهدفة، بحثاً عن مكان يأويهم بسبب الاشتباكات بين “حزب الله” والاحتلال الاسرائيلي، التي بدأت بالتزامن مع عملية “طوفان الأقصى”.
إلا أن تكاليف النزوح في بلد مثل لبنان عالية جداً، خصوصاً على من ليس لديه منزلاً بديلاً، فالجنوبيون الذين نزحوا إلى مناطق عدة وصل عددهم إلى 29 ألفاً بحسب “المنظمة الدولية للهجرة”، منهم من وصل إلى صيدا وإقليم الخروب وخلدة وعرمون وبيروت، وآخرون فضّلوا الجبل، فيما قسم آخر لجؤوا إلى الشمال. فمن يملك منزلاً في هذه المناطق كان محظوظاً، و”العترة على المقطوع”.
واشتكت بعض العائلات الجنوبية التي استأجرت منازل في بيروت وعرمون والجبل، من استغلال أصحاب الوحدات السكنية الذين يعملون لمصلحتهم الخاصة بعد ارتفاع الطلب على الشقق، فمن أراد أن يستأجر في عرمون مثلاً لم يجد شقة بأقل من 400 دولاراً علماً أن الإيجارات في الأيام العادية تتراوح بين 150 و250 دولاراً، ومن قصد منازل الجبل اصطدم بغلائها الفاحش أيضاً، حيث سجلت الإيجارات أرقاماً خيالية وصلت إلى 600 دولاراً ، أما في بيروت فحدّث ولا حرج إذ وصلت الإيجارات لـ 1000 دولار شهرياً للشقق التي كانت تؤجّر بـ 400 دولاراً.
ولم يسلم الجنوبيون من تجار المواد الغذائية وأصحاب “السوبر ماركت” أيضاً، سواء في المناطق الجنوبية أو مناطق النزوح، فتجار الأزمات “لم يقصّروا…وقاموا بواجبهم”، حيث سارعوا إلى رفع أسعارهم بطريقة عشوائية وغير مبررة، فكما عند كل أزمة يجدون مكاناً لجشعهم لاستغلال الأحداث والظروف.
ومنذ بداية الأزمة والطلب على المواد الغذائية يزداد: حليب، زيت، طحين، أرز، حبوب، معلبات وغيرها إلا أن الملفت هو التفاوت الكبير في أسعار هذه المواد بين متجر وآخر، على الرغم من أن سعر صرف الدولار لم يشهد أي تغيّر في مساره، والبضائع كلها باتت مسعّرة بالعملة الخضراء بعد دولرة القطاع.
استغلال النازحين “شغّال” وسط انعدام الثقة بالدولة وأجهزة رقابتها وما الحديث عن “محاسبة تجار الأزمات” إلا وعود واهية.
ناديا الحلاق