كتبت “الجمهورية” تقول: المشهد ذاته يتكرّر؛ إبادة جماعيّة في قطاع غزة، واسرائيل مطلقة اليدين في حرب مجنونة ولا رادع لها لوقف الفظائع التي ترتكبها بحقّ المدنيين، وجبهة مشتعلة على حدود لبنان الجنوبيّة، معلّقة على صاعق شيطاني مهدّد بأن يشتعل في أي لحظة ليفجّر حرباً واسعة لا احد يعلم مدياتها وامتداداتها وتداعياتها.
في الجانب الفلسطيني، فحتى الآن لا أفق للحرب، وبرغم ما يُشاع عن قرب التوصل الى هدن انسانية في غزة، مربوطة بالإفراج حركة «حماس» عن اسرى اسرائيليين، فإنّ عنف العمليات العسكرية الاسرائيلية يؤكّد أنّ الحديث عن وقف لإطلاق النار في غزة، لا وجود له في قاموس إسرائيل، ولا في قاموس الدول الدّاعمة لها في هذه الحرب، دون ايّ اعتبار للأصوات التي بدأت تتعالى، والاحتجاجات التي توسّعت على مساحة العالم من الولايات المتحدة الاميركية الى اوروبا وبعض الدول العربية، الداعية لوقف هذه الإبادة. والجيش الإسرائيلي على لسان مستوياته السياسية والعسكرية، أعلن أنّه سيواصل الحرب بالوتيرة ذاتها المتّبعة منذ 42 يوماً، ضدّ القطاع حتى تحقيق هدفه بضرب حركة «حماس» وقتل قادتها، على حدّ تعبير رئيس الأركان الاسرائيلي هرتسي هليفي، ما قد لا يترك مجالاً للشك بتوقّع المزيد من المجازر بحق المدنيين. وامّا حركة «حماس» فتتحدّث عن صمود ومواجهات ضارية ومفاجآت.
وأمّا في الجانب اللبناني، فحرب معلنة مع وقف التنفيذ، وكرة النار تتدحرج في مسار تصاعدي نحو هذه الحرب، منذ الثامن من تشرين الاول الماضي، وما يُحكى عن «قواعد اشتباك» معمول بها منذ العام 2006، صارت من الماضي، وطورتها العمليات العسكريّة على جانبي الحدود، إلى حدّ انّها أصبحت «قواعد اشتباك على حافة الحرب». وإذا كانت هذه العمليات، بالوتيرة التي تجري فيها باستهداف «حزب الله» للمواقع العسكرية والجنود الاسرائيليين، وكذلك باستهداف الجيش الاسرائيلي لعناصر الحزب، والقصف المدفعي والجوي المكثف والعنيف على ما تُسمّى المناطق المفتوحة في الجانب اللبناني، تبدو انّها تعكس تجنّب الجانبين – كلّ لأسبابه وحساباته – لخيار الحرب الواسعة، الاّ أنّ منسوب التوتر الذي بلغ ذروته على الحدود ينذر بأنّ زرّ الحرب صار على شفير أن يُكبس.
الوضع الميداني
فبالأمس، شهدت الجبهة الجنوبية الممتدة من مزارع شبعا وتلال كفر شوبا شرقاً الى رأس الناقورة غرباً، تصعيداً ملحوظاً في وتيرة العمليات العسكرية، حيث قصف جيش العدو الاسرائيلي بعنف اطراف الناقورة، علما الشعب، عيتا الشعب، ميس الجبل، كفر كلا، واستهدف احدى طبقات مبنى قريب من جدار «بوابة فاطمة»، رب ثلاثين، مجدل زون، المنصوري، بني حيان، حولا، شيحين، الضهيرة، اللبونة، عيترون، اطراف مارون الراس، بليدا، يارين، الجبين، منطقة وادي مظلم بين راميا وبيت ليف، وجبل قطمون التابع لبلدة رميش، وابل السقي – جل القنى. ويأتي ذلك بعد ليل من القصف العنيف استمر حتى صباح امس، وطال محيط بلدة الناقورة رامية، عيتا الشعب، جبل اللبونة، الخيام، برج الملوك، سهل الخيام، تلة حمامص، وتل نحاس واطراف موقع العباد، ومنطقة بئر المصلبيات في حولا.
وفي هذه الأجواء، أعلن «حزب الله»، عن سلسلة عمليات نفّذتها «المقاومة الاسلامية» امس، ضدّ عدد من المواقع الاسرائيلية، وشملت تجمعًا لجنود الاحتلال الإسرائيلي بالقرب من موقع المرج، وتجمعًا لجنود الاحتلال الإسرائيلي بالقرب من ثكنة راميم (قرية هونين اللبنانية المحتلة)، موقع المالكية، تجمعًا لجنود الاحتلال الإسرائيلي بالقرب من مثلث الطيحات، موقع العاصي، موقع رويسات العلم، تجمعًا للجيش الإسرائيلي في مستعمرة يرؤون (قرية صلحا اللبنانية المحتلة)، موقع الجرداح، تجمعاً للجنود الاسرائيليين في موقع الراهب، دبابة في محيط مقر قيادة الفرقة 91 في برانيت، موقع الضهيرة وموقع بركة ريشا. وتجمعاً للجيش الاسرائيلي في محيط موقع المطلة بواسطة محلّقتين انقضاضيتين هجوميتين، ومجموعة مؤللة من القوات الخاصة في الجيش الاسرائيلي المتموضعة في حرج المنارة. واعلن الاسعاف الاسرائيلي عن اصابة 4 جنود اسرائيليين اصابة احدهم خطيرة، جراء صاروخ مضاد للدروع اطلقه «حزب الله» على موقع المنارة في الجليل الاعلى. وأفيد عن اطلاق صاروخ موجّه على مستوطنة عرب العرامشة مقابل علما الشعب والضهيرة.
وقالت الإذاعة الاسرائيلية إنّ صاروخًا مضادًا للدبابات أُطلق على منطقة الجليل الأعلى، ما أدّى إلى إغلاق طرق المرور في المنطقة. فيما اعلن الناطق العسكري الإسرائيلي انّ الطيران الحربي قصف أهدافاً عدة تابعة لـ«حزب الله» و»قصفنا خلية مسلّحة قرب القطاع الغربي للحدود مع لبنان»، فيما دوّت صفارات الإنذار في المستوطنات الشمالية. ولوحظ انّ الجيش الاسرائيلي استعان بمنطاد للمراقبة بعدما استهدف «حزب الله» كل نقاط المراقبة الاسرائيلية على طول الحدود.
وقالت مصادر مطلعة على مسار عمليات المقاومة لـ«الجمهورية»: «المبادرة بيد المقاومة وقد تحصل ترتيبات جديدة في المواجهة لا يمكن التكهن بها من خلال طبيعة وظروف المعركة. لكن استهدافات مواقع وتجمعات الاحتلال من قبل المقاومة مستمرة يومياً، حيث تكثفت العمليات بوتيرة نوعية متصاعدة ومدروسة كما ظهر خلال الايام الثلاثة الماضية».
كلمة الحرب للميدان
على أنّ اللافت للانتباه وسط هذه الأجواء، هو عدم تسجيل أي حراك سياسي او ديبلوماسي مرتبط بهذا الوضع، في ما بدا أنّ الحراكات الاخيرة سواء المباشرة او عبر القنوات الديبلوماسية التي سعت الى احتواء الموقف وعدم توسيع دائرة التوتر الى مواجهات أوسع وأكبر، قد دخلت مرحلة ترقّب لتطورات الميدان.
وكشف مرجع سياسي مسؤول لـ«الجمهورية»، انّ تسارع العمليات العسكرية على الحدود يعزّز المخاوف من اشتداد حدّة المواجهات وانحدار الامور الى حرب واسعة. والسيد حسن نصرالله كان واضحاً عندما قال «راقبوا الميدان».
ولفت الى «انّّ كل حركة الموفدين التي شهدناها في الفترة الأخيرة صبّت كلها لمصلحة اسرائيل وليس حرصاً على لبنان، حيث انّها تمحورت حول هدف وحيد هو منع «حزب الله» من القيام بأي تصعيد على الجبهة الجنوبية، وأوحوا لنا بأنّ اسرائيل ليست راغبة في تصعيد الامور، ولكن لا يعني ذلك انّهم قدّموا ايّ ضمانات جدّية او ذات مصداقية، بألاّ تبادر اسرائيل الى اشعال حرب ضدّ لبنان. فمن الصعب أن تصدّق القاتل وشركاءه في جريمة القرن التي يرتكبونها في غزة، فضلاً عن أنّ إسرائيل لا يؤمن لغدرها، وبالتالي احتمال ان تشعل حرباً ضدّ لبنان لا نخرجه من حسباننا بل نرى انّه وارد في اي لحظة، وهو ما اكّدناه للأميركيين على وجه الخصوص».
وفيما اشار المرجع عينه الى أنّ النية الإسرائيلية بالتصعيد على الجبهة الجنوبية قائمة وواضحة للعيان، والمستويات الاسرائيلية السياسية والعسكرية لا تخفي ذلك، لفتت مصادر ديبلوماسية الى ما نقله ضابط دولي كبير «من أنّ اسرائيل، ولو كانت تظهر نفسها بجهوزية للدخول في حرب ضدّ لبنان، لا نعتقد انّ في مقدورها ذلك، ذلك انّها تسخّر كل إمكاناتها وقدرات جيشها للحرب القائمة في غزة، ومع ذلك ما زالت تجد صعوبة كبرى في حسمها وتحقيق الاهداف التي رسمتها». الاّ أنّ الضابط نفسه، وعلى الرغم ممّا اعلنه امين عام «حزب الله» في خطابه الاخير بأنّ التصعيد مرتبط بتطورات الميدان العسكري، عبّر عن خشية واضحة «من ان تكون لدى «حزب الله» خطط للتصعيد، يمهّد لها بتكثيف عملياته ضدّ الجيش الاسرائيلي».
لا تصعيد
على أنّ خبيراً في الشؤون الاسرائيلية أبلغ الى «الجمهورية» قوله، انّ احتمالات التصعيد على الحدود الجنوبية الى مواجهات اكبر مما هي قائمة عليه منذ 8 تشرين الاول الماضي، او الى حرب واسعة ضعيفة جداً، فـ»حزب الله» بالتأكيد ليس في هذا الوارد، خصوصاً انّه قدّم اشارات عديدة بأنّه لا يسعى الى اشعال حرب واسعة، بل وضع نفسه في موقع ردّ الفعل على ما قد تقوم به اسرائيل، وآخر تلك الاشارات التي ينبغي تصدّيها ما ورد على لسان السيد حسن نصرالله. وينبغي هنا الّا نغفل ما نُقل عن وزير الخارجية الايرانية حسين امير عبداللهيان من انّ ايران أبلغت الولايات المتحدة الاميركية عبر القنوات الديبلوماسية بأنّها لا تريد انتشار الحرب وتوسيعها، وكذلك ما نقلته وكالات الانباء العالمية عن بعثة ايران في الامم المتحدة بأنّ طهران لن تدخل في صراع مباشر مع اسرائيل الاّ في حال شنّت اسرائيل هجوماً على ايران».
وبحسب الخبير عينه، فإنّ ما يُحكى عن حرب استباقية اسرائيلية ضدّ لبنان، لا ينسجم مع الواقع، وخصوصاً انّ مثل هذه الحرب تنتفي احتمالاتها مع دخول كل الاطراف في مرحلة الجهوزية والاستعداد، اضافة الى أنّ اسرائيل تحاذر بقوة إشعال حرب مع لبنان، تُصرفها عن سعيها الى تحقيق هدفها الذي وضعته لحربها على قطاع غزة، وهو ما لم يتحقق حتى اليوم، وقد لا يتحقق. والكابينيت الاسرائيلي الذي جمعه نتنياهو منتصف الاسبوع الجاري، بحث خططاً عسكرية لما تعتبرها اسرائيل جبهتها الشمالية، لكنه اعطى الأولوية لجبهة غزة. وأبلغ نتنياهو رؤساء المستوطنات الاسرائيلية بأنّه وجّه الجيش الإسرائيلي بالاستعداد لجميع السيناريوهات للتعامل مع «حزب الله» في الشمال، لكنه اشار الى هدف اسرائيل الاول هو الانتصار الكامل على حركة «حماس» وعودة الأسرى، وبعدها سنتعامل مع الشمال، وعَكَس ذلك ايضاً عضو مجلس الحرب في اسرائيل جدعون ساعر بقوله، انّ المجلس الأمني المصغر قرّر التركيز على الجبهة الجنوبية وهزيمة «حماس» وإعادة المخطوفين، ولا توجد لدى اسرائيل نية بأن تبادر الى تصعيد حربي في الشمال، هذا ليس هدفنا».
ملف التمديد: مطبّات
سياسياً، بقي ملف قيادة الجيش عالقاً في مطبّات السياسة الداخلية، دون ان تبرز حتى الآن أي اشارات جدّية حول إمكان سلوكه طريق الحسم، سواء بتأخير تسريح قائد الجيش العماد جوزف عون، او تعيين قائد جديد للجيش.
وفيما يبدو التوجّه الأقوى لدى حكومة تصريف الاعمال هو اتخاذ قرار بتأخير تسريح العماد عون، بناءً على اجتهاد قانوني مرتكز على ما مفاده بأنّ الصلاحية العليا (اي لمجلس الوزراء) فوق الصلاحية الدنيا (اي صلاحية الوزير)، لا يبدو انّ طريقه ميسّرة حتى الآن، حيث أنّ هذا الأمر وموضوع الصلاحيات باتا في خضم معركة سياسية قاسية مع «التيار الوطني الحر» الذي يرفض بشكل قاطع التمديد لقائد الجيش، وكذلك تجاوز صلاحية وزير الدفاع في هذا الأمر المنصوص عليها في الدستور الذي ينيط بالوزراء «تطبيق الأنظمة والقوانين كل بما يتعلق بالأمور العائدة الى ادارته وما خصّ به».
وعلمت «الجمهورية» من مصادر متابعة لموضوع ملء الشغور في قيادة الجيش، أنّ هناك احتمالاً كبيراً بأن تُعقد جلسة لمجلس الوزراء يوم الاثنين المقبل للتمديد لقائد الجيش العماد جويف عون، وقد يتمّ ايضاً تعيين رئيس للأركان، اذا انتهت الاتصالات المكثفة الجارية الى توافق بين اغلبية القوى السياسية المتمثلة بالحكومة، وهو ما يُبشّر بقرب معالجة الموضوع، وحسب ما نقله النائب فيصل كرامي عن الرئيس نبيه بري امس خلال زيارة وفد من «تكتل التوافق الوطني» له.
وقالت المصادر انّ موقف «حزب الله» من الموضوع بات واضحاً ونقلته قيادة الحزب الى المعنيين، بأنّه مع تعيين مجلس الوزراء قائداً جديداً للجيش اذا كانت هناك إمكانية للتوافق على اسم مرشح للمنصب، واذا لم يحصل التوافق على التعيين فلا بدّ من تمديد ولاية العماد عون ايضاً في مجلس الوزراء لفترة زمنية تتمّ دراستها.
اضافت المصادر ردًا على سؤال حول تجاوز موقف «التيار الوطني الحر» الرافض للتمديد، واذا لم يحصل توافق معه حول التعيين: قد تذهب الامور نحو تعيين او تمديد من دون رضا التيار وضمن المخرج القانوني المتاح. المهم بالنسبة للحزب بكل الاحوال، الاّ يحصل فراغ في قيادة الجيش بعد 10 كانون الثاني 2024. لذلك الاتصالات قائمة بشكل مكثف للتوصل الى توافق على المخرج وهو الامر الذي يفضّله الحزب.
بري ينتظر
وينتظر رئيس مجلس النواب نبيه برّي ما ستقرّره الحكومة في هذا الشأن خلال الايام القليلة المقبلة، حتى إذا ما اتخذت قراراً حوله تنتهي المسألة، أما اذا تعذّر ذلك، فسيبادر الى الدعوة لعقد جلسة تشريعية من ضمن بنودها اقتراح القانون الرامي الى تمديد ولاية قائد الجيش وكذلك الاقتراح الرامي الى التمديد لقادة الأجهزة الأمنية.
وفيما سرت معلومات عن أنّ بعض الكتل النيابية سيكون حضورها لجلسة التشريع التي سيدعو اليها بري، مقتصراً على مناقشة اقتراح التمديد لقائد الجيش والتصويت له دون سائر البنود، ابلغت مصادر عين التينة الى «الجمهورية» قولها: «انّ رئيس المجلس لا يمشي بنصف حضور، وبالتالي فإنّ انعقاد الجلسة مشروط بحضور الكتل النيابية لهذه الجلسة والمشاركة في تشريع سائر البنود العادية وفق ما هي مدرجة في جدول الاعمال، قبل الوصول الى الاقتراحات المعجّلة المكرّرة، واي محاولة للحضور فقط للتصويت على بند معيّن، معناها انّ الجلسة لن تنعقد».
سجال قواتي- برتقالي
وأثار ملف قيادة الجيش سجالاً نارياً بين «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر»، حيث اتهم رئيس حزب «القوات» سمير جعجع رئيس التيار النائب جبران باسيل «بأنّه يفعل المستحيل بغية التخلّص من العماد جوزف عون في قيادة الجيش لاعتبارات شخصية إنتهازية بحتة». وقال: «إن ما يقوم به النائب باسيل في هذا السياق هو عار بحق البلد والشعب ورئاسة الجمهورية وقيادة الجيش والمسيحيين، ويُضاف هذا العار إلى سلوكه الذي يجعل منه عار السياسة اللبنانية بامتياز». اضاف: «مع هذا التوجّه الذي يقوده النائب باسيل لحسابات شخصية وأغراض مصلحية، تسقط للمرّة الألف بدعة المزايدات بحقوق المسيحيين وتضرب إحدى إمتيازات رئيس الجمهورية التي بالعرف، بعد إتفاق الطائف، توافق الجميع على أن يكون لرئيس الجمهورية اليد الطولى في تعيين قائد الجيش، ومحاولة تعيين قائد جديد بغياب رئيس الجمهورية هي ضربة كبرى توجّه لموقع الرئاسة الأولى. فكم من الجرائم تُرتكب بإسم حقوق المسيحيين!».
وردّ «التيار الوطني الحر» على جعجع وقال في بيان: «بعد ارتكابه مجددًا جريمة معلنة ومثبتة ضدّ الدستور والمبادئ، بتقديمه اقتراح قانون بالتمديد لقائد الجيش، يقوم سمير جعجع بعملية اعلامية مفضوحة لتغطيتها، وذلك بتوجيه تهمة افتراضية ومختلقة لرئيس التيار الوطني الحر وبما يشبه الأحكام المسبقة على النوايا، فيما لم يقم رئيس التيار بأي عمل ولم يعلن ما هو موافق عليه وما هو مرفوض منه. مرّة بعد مرّة، يتضح ألّا همّ لسمير جعجع سوى «النكاية السياسية» والقيام تماماً بعكس ما يقوم به جبران باسيل، ولو ضرب عرض الحائط كل مواقفه ومبادئه، مع فارق بسيط انّه لم يفهم يوماً ما يقوم به رئيس التيار، والايام الآتية ستكشف مجدداً من يصيب ويخطئ، ومن هو المبدئي ومن العامل بالأجرة لدى الخارج بالمال والأمن. حقاً، لقد صحّ في سمير جعجع القول: «ان لم تستح فاصنع ما شئت».
بري والراعي
من جهة ثانية، وفي موازاة الحملة التي تعرّض لها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة الراعي على خلفية دعوته «الى الرعايا بتقديم مبالغ مالية ولمّ الصواني وتقديمها إلى أهلنا القادمين من البلدات الجنوبية»، برز أمس، موقف لافت للرئيس نبيه بري رفض فيه «حملات الإفتراء على مقام صاحب الغبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي حيال دعوته الصادقة الى دعم النازحين اللبنانيين». وقال: «انّ دعوة غبطته لدعم النازحين تعبّر عن موقف رسالي وطني جامع، إنني إذ أنوّه بدعوة غبطته في هذا المجال، نستنكر الحملة التي تعرّض لها عن سوء فهم ليس إلاّ».