جاء في صحيفة الجمهورية : يحلّ عيد الاستقلال اليوم على وقع استمرار المواجهات وتصاعدها بين المقاومة وقوات الاحتلال الاسرائيلي على الجبهة الجنوبية في موازاة تواصل التحركات في غير اتجاه، والهادفة الى منع توسّعها بما يمكن ان يؤدي الى حرب اقليمية مفتوحة، خصوصاً في ظل الحرب التدميرية التي تشنها اسرائيل على قطاع غزة وترتكب خلالها مجازر يومية لا يقل عدد ضحاياها عن المئتي شهيد غالبيتهم من الاطفال والنساء، وقد كررت امس استهدافها للصحافيين في المنطقة الحدودية اللبنانية حيث استشهد زميلان من قناة «الميادين» وعدد من المدنيين، لتردّ المقاومة بعدد من الهجمات الكبيرة على المواقع العسكرية في شمال الاراضي الفلسطينية المحتلة وتوقِع فيها قتلى وجرحى ودماراً كبيراً.
في خلال يوم طويل من المواجهات على الجبهة الجنوبية أكد الرئيس الاميركي جو بايدن في رسالة بعثَ بها الى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي «انّ الولايات المتحدة الأميركية ستواصل العمل مع لبنان ومع الشركاء في منطقة الشرق الأوسط بشكل وثيق للحفاظ على السلام ومنع توسّع رقعة النزاع». ولفت إلى أنه «من خلال التزامنا المشترك بالاستقرار والازدهار في المنطقة، تتّسِم العلاقة الطويلة الأمد بين لبنان والولايات المتحدة الأميركية بأهمية بالغة لناحية بناء مستقبل افضل لشعبَينا ولجميع الشعوب حول العالم».
وأكد أنّ «الولايات المتحدة الأميركية ستواصِل العمل مع لبنان والشركاء في منطقة الشرق الأوسط بشكل وثيق للحفاظ على السلام ومنع توسّع رقعة الصراع. كما أتطلّع للعمل معكم في السنة المقبلة لصوغ مستقبل اكثر أمانا وازدهارا وتكاملا لشعوب المنطقة».
وكان البيت الابيض قد أعلن انّ بايدن أوفَد الإثنين مستشاره آموس هوكشتاين الى اسرائيل لنَقل خشية بلاده من اتّساع نطاق الحرب الدائرة حالياً.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي امس: «لا نريد لهذه الحرب أن تتسع»، معتبراً أن فتح جبهة في شمال إسرائيل وجنوب لبنان «ليس في مصلحة أحد».
وأشار الى أن هوكشتاين والإدارة الأميركية يقومان «بكل ما يمكن أن نقوم به للمساعدة في الحؤول دون وقوع هذا السيناريو».
وقال كيربي إن مجموعة «فاغنر» المسلحة الروسية تستعد لتعزيز الدفاعات الجوية لـ«حزب الله» اللبناني أو النظام في طهران، في إطار «تعاون دفاعي غير مسبوق» بين خصمي الولايات المتحدة. واضاف أن «معلوماتنا تشير إلى أن فاغنر، بتوجيه من الحكومة الروسية، كانت تستعد لتوفير قدرة دفاع جوي إمّا لـ«حزب الله» وإمّا لإيران».
تحرك إيراني
في غضون ذللك علمت «الجمهورية» ان وزير الخارجية الايرانية حسين اميرعبداللهيان سيزور لبنان خلال الساعات المقبلة وسيلتقي غداً رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي والامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله، ويتوقع ان يلتقي عددا من القيادات السياسية اللبنانية والفلسطينية.
وقال عبد اللهيان امس في مقابلة مع قناة «سي بي إس» الاخبارية الاميركية في جنيف: «لم نكن على علم بعمليات حماس وانّ هذا كان قرارا فلسطينيا بالكامل»، مؤكداً على «مواصلة الدعم السياسي للمقاومة ضد الاحتلال». واضاف: «منذ بداية هذه الأزمة قلنا إننا لا نسعى الى توسيع نطاق الحرب. وبطبيعة الحال، أعلنت الولايات المتحدة مرارا وتكرارا أنها لا تسعى الى ذلك ايضا، لكن خلافاً لهذه التصريحات نرى أن أميركا زادت من حدة الحرب من خلال مساعداتها الواسعة للكيان الإسرائيلي (…) وقد قلنا لأميركا بوضوح انّ البيت الابيض يقف الآن بشكل علني وواضح الى جانب كيان الاحتلال الإسرائيلي حتى انها قامت بتوفير الاسلحة الحربية بما فيها الاسلحة المحظورة دولياً لهذا الكيان من كل القواعد العسكرية الاميركية في المنطقة، ما يعني أن أميركا متورّطة علناً في الحرب والإبادة الجماعية في غزة. وبدوره، يرسل البيت الأبيض لنا رسالة مفادها انه لا يسعى الى توسيع نطاق الحرب ويحاول إرسال مساعدات إنسانية ووقف الحرب بشكل إنساني، لكن حتى هذه اللحظة لم تظهر أميركا نيتها أبداً لوقف الحرب، بل زادت من حدة الحرب ويجب عليها أن تتحمل مسؤولية ذلك».
ورداً على سؤال حول امكانية توسع الحرب؟ قال عبداللهيان: «لقد حذّرنا قبل أربعة أسابيع من أنه إذا استمرت الحرب والإبادة الجماعية في غزة، فإن توسيع نطاق الحرب أمر لا مفر منه. وقد حدث هذا الآن في المنطقة، كما تقول، لبنان والعراق وسوريا واليمن دخلت الحرب. وهذا يدل على أنها قد اتسعت رقعتها. ولكن كيف ستتصرف إيران؟ سنتخذ القرار بشأن أي قضية في الوقت المناسب لنا. وتقديراتنا تشير الى أن قوى المقاومة في فلسطين والمنطقة هي القادرة على تحديد مصير هذه الحرب. وبطبيعة الحال، نحن مستمرون في دعمنا السياسي للمقاومة ضد الاحتلال».
الوضع الميداني
وكان قد استشهد في جنوب لبنان أمس ثمانية أشخاص بينهم زميلان صحافيان في قناة «الميادين» فرح عمر وربيع المعماري جرّاء قصف إسرائيلي على جنوب لبنان، في ظل تواصل القصف المتبادل بين إسرائيل و«حزب الله» منذ اندلاع الحرب في غزة.
ونَعت قناة الميادين «الشهيدين المراسلة فرح عمر (25 عاماً) والمصور ربيع المعماري (40 عاماً) نتيجة استهداف إسرائيلي غادِر» في جنوب لبنان. وقال رئيس مجلس إدارة «الميادين» غسان بن جدو إنّ ما تعرّض له الصحافيان «كان استهدافاً مباشراً ولم يكن استهدافاً بالمصادفة»، موضحاً أنّ المدني الذي قُتل معهما «متعاون» مع القناة، من دون أن يحدّد وظيفته.
ولاحقاً، أعلن الجيش الإسرائيلي أن جنوده «تحرّكوا ضد تهديدٍ ناجمٍ عن منطقة إطلاق (صواريخ) لمنظمة «حزب الله» الإرهابية، في منطقة الجبين». وقال: «نحن على علم بادعاء يتعلّق بالصحافيين الذين قتلوا في المنطقة جرّاء نيران إسرائيلية»، لافتاً إلى أنّ المنطقة «تشهد أعمالاً عدائية نشطة، ويحدث فيها تبادل لإطلاق النار». وأضاف: «التواجد في المنطقة خطر والحادثة قيد المراجعة».
من جهته، أعلن «حزب الله» أنه شَن 3 هجمات ضد أهداف إسرائيلية رداً على قيام «العدو الصهيوني باستهداف الصحافيين في قناة الميادين… والمدنيين والمنازل المدنية».
وطاوَلت هذه الهجمات قوة تابعة للاستخبارات العسكرية عند أطراف المنارة، وقاعدة عسكرية إضافة الى تجمّع لجنود إسرائيليين داخل منزل في أفيفيم. وقبل ظهر أمس استهدفت غارة إسرائيلية منزلاً في بلدة كفركلا الحدودية، تسبّبت باستشهاد لائقة سرحان (80 عاماً) وإصابة حفيدتها (سورية الجنسية) بجروح، كذلك استشهد 4 أشخاص جراء «استهداف العدو الإسرائيلي سيارة» أثناء سلوكها طريقاً فرعياً بين بلدتي الشعيتية والقليلة.
ونقلت وكالة «فرانس برس» عن مسؤول فلسطيني في مخيم الرشيدية من دون الكشف عن اسمه، أنّ من بين الشهداء خليل حامد الخراز، وهو قيادي رفيع في كتائب عز الدين القسام في لبنان، الجناح العسكري لحركة «حماس».
ولم تَنع حركة حماس رسمياً أيّاً من عناصرها، لكن عضو مكتبها السياسي خليل الحية قال في مؤتمر صحافي إنّ حماس ستعلن الأربعاء «انتهاء التحقيقات في الموضوع لكننا ندين هذا العدوان».
وأعربَ ميقاتي عن «إدانته الشديدة للاعتداء» على الصحافيين، معتبراً أنه «يثبت مجدداً أن لا حدود للإجرام الاسرائيلي، وأن هدفه إسكات الاعلام الذي يفضح جرائمه واعتداءاته».
وفي واشنطن، قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر لصحافيين: «نشعر بالقلق إزاء تقارير عن مقتل مدنيين بينهم صحافيان في لبنان».
تهديد
وقال الوزير في حكومة الحرب الإسرائيليّة بيني غانتس: «نحن مستعدون لأي توسّع في القتال قد يكون ضرورياً لتمكين سكان الشمال من العودة إلى ديارهم بأمان». وأضاف: «لبنان وسوريا كدولتين تتحملان مسؤولية إطلاق النار من أراضيهما، وسنواصل الضرب في كل منطقة يحاولون إيذاءنا منها».
وتابع: «فرّ عشرات الآلاف من السكان اللبنانيين من منازلهم شمالاً، أقترح على نصرالله أن لا يُحوّل جنوب لبنان إلى شمال قطاع غزة. لا تخاطروا ببيروت من أجل طهران».
القرار 1701
وقدّمت اليوم المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا ووكيل الأمين العام لعمليات حفظ السلام جان بيار لاكروا إحاطة إلى مجلس الأمن حول تنفيذ قرار مجلس الأمن الرقم 1701 (2006)، استناداً إلى أحدث تقرير للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
وأكدت فرونتسكا «الحاجة المُلحّة لتهدئة الوضع على طول الخط الأزرق»، وقالت: «يجب أن يتركز عملنا الجماعي وجهودنا على دعوة أطراف النزاع إلى ممارسة ضبط النفس والحَض على العودة إلى وقف العمليات العدائية عبر تنفيذ كامل للقرار 1701، بهدف تجنّب اندلاع نزاع أوسع نطاقاً لا يريده لبنان ولا يمكنه تحمّله». وأعربت عن قلقها العميق «إزاء المواجهات اليومية عبر الخط الأزرق منذ الثامن من تشرين الأول»، مشيرة إلى أنّ «التطورات التي شهدناها في الأسابيع الستة الماضية تمثّل أخطر انتهاكات للقرار 1701 منذ اعتماده في عام 2006». كذلك أكدت أنّ «التنفيذ الكامل للقرار 1701 يُعدّ مدخلاً اساسياً لتحقيق السلام والأمن والاستقرار في المنطقة. وأسفرَ تبادل إطلاق النار المستمر عن وقوع العديد من الضحايا، وخصوصاً مدنيين من كلا الجانبين، وإلى النزوح الداخلي لآلاف الناس، فضلاً عما نتج عنه من أضرار مادية وبيئية».
ولاحظَت فرونتسكا أن «خطر الحسابات الخاطئة وتوسّع نطاق النزاع يظل ماثلاً باستمرار. وبالإضافة إلى ضرورة الوقف الفوري للأعمال العدائية، فإنّ هناك التزامات أخرى مُترتّبة على لبنان وإسرائيل بموجب القرار 1701». وكررت التأكيد على «ما شدد عليه الأمين العام بوجوب الالتزام بالقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، وتحديداً التزامات حماية المدنيين، ومن ضمنهم الصحفيين، فضلاً عن ضرورة ضمان سلامة موظفي الأمم المتحدة في الميدان واحترام حرمة المقار التابعة للأمم المتحدة والمدارس والمرافق الطبية».
وقالت: «إنّ التطورات الجارية تُلقي الضوء على أهمية وجود جيش لبناني قوي ومدعوم دعماً جيداً لتنفيذ القرار 1701 بشكل ناجح»، داعية إلى «تواتر وتزايد الدعم العالمي لمؤسسات الدولة الأمنية». وأسِفت لـ«بقاء لبنان من دون رئيس للجمهورية لأكثر من عام»، وقالت: «إن الطريقة المثلى لتعزيز قدرة لبنان على التعامل مع التحديات هي عبر مؤسسات دولة فعّالة وقوية، بالأخص في أوقات الأزمات». وأشارت إلى انّ «التطورات الأخيرة تؤكد على لزوم تجاوز قادة لبنان السياسيين لاختلافاتهم وتَبنّيهم نهجاً يسهّل انتخاب رئيس للجمهورية وما يتبعه من تشكيل حكومة ذات صلاحيات كاملة». وأعادت التأكيد على «التزام الأمم المتحدة بمواصلة دعم لبنان وشعبه».
مجلس الوزراء
على صعيد العمل الحكومي، توقّع وزير الشباب والرياضة الدكتورجورج كلاس لـ«الجمهورية» عقد جلسة لمجلس الوزراء الاثنين المقبل للبحث في جدول اعمال لم يوزّع بعد على الوزراء، وفي موضوع الشغور في قيادة الجيش. وقال: «اذا اكتملَ نصاب الجلسة واذا تم توزيع الدراسة القانونية التي أعدّها الامين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية على الوزراء، ستعقد الجلسة. لكن حتى الان لم توزّع علينا الدراسة».
يُذكر انّ مجلس الوزراء لن ينعقد هذا الاسبوع لوجود عدد من الوزراء خارج لبنان بداعي السفر، منهم وزير الزراعة عباس الحاج حسن المرتبط باجتماعات منظمة «الاسكوا»، ووزير الاقتصاد امين سلام اذا لم يكن قد عاد من الدوحة. ووزير السياحة امين نصار المرتبط بزيارة الى السعودية، وربما يسافر وزير الاعلام زياد مكاري الى فرنسا، عدا عن انّ نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي كان خارج لبنان ولم يعرف ما اذا كان قد عاد بعد.
الشغور العسكري
وذكرت مصادر نيابية مواكبة للاتصالات حول ملء الشغور في المراكز العسكرية لـ«الجمهورية» انّ الاقتراحات المطروحة للبحث لم تصل بعد الى مرحلة النضوج نتيجة الخلافات حول تفاصيلها ومخارجها، فاقتراح تعيين قائد للجيش في مجلس الوزراء يحتاج الى اقتراح من وزير الدفاع الذي لا يحضر الجلسات، وفي حال التوافق وحضوره يجب الاتفاق على ما يطالب به «التيار الوطني الحر» بتوقيع الـ 24 وزيراً على مرسوم التعيين، وهو ما يرفضه الرئيسان نبيه بري ونجيب ميقاتي.
كما انّ اقتراح قانون نيابي بتأخير تسريح قائد الجيش يصطدم برفض «التيار الحر»، وبوجود اكثر من اقتراح منها ما يطلب تأخير تسريح المدير العام لقوى الامن اللواء عماد عثمان وهو ما أثار إشكالية لدى بعض الكتل كَون عثمان يُحال الى التقاعد بعد ستة اشهر ومن المبكر البحث في الموضوع. بينما الكتل النيابية السنية التي تقدمت بالاقتراح ترى «انّ وضع البلد مُقلق والمنطقة على ابواب حرب ولا احد يضمن ماذا سيحصل، ومن الافضل تأجيل تسريح عثمان لتبقى المؤسسة مُدارَة من الاصيل لا الوكيل». لكنّ مصادر كتلة «التوافق الوطني» قالت لـ«الجمهورية» انه «من المبكر البحث في موضوع اللواء عثمان، لكنها مستعدة للبحث به اذا تعقدت الامور وستعمل لِما فيه مصلحة الطائفة.
هذا عدا عن انّ بري يشترط لعقد جلسة نيابية تشريعية للتمديد للقادة العسكريين والامنيين، موافقة الكتل التي قدّمت الاقتراحات، لا سيما منها كتلة «القوات اللبنانية» على البحث في البنود الاخرى التي ستدرج على جدول الاعمال، لكن كتلة «القوات» لم تحدد موقفها مما طلبه بري ولم تعطه جواباً بعد، كونها لا توافق على عقد جلسات تشريع فضفاضة في ظل الشغور الرئاسي.
وتناولَ تكتل «لبنان القوي»، في اجتماعه الدوري برئاسة النائب جبران باسيل أمس، موضوع الاستحقاق العسكري. وقال في بيان بعد الاجتماع انّ «مجموعة من المطبّلين والمضللين تُواصِل افتعال أزمة لا وجود لها في الأصل نتيجة قرب بلوغ قائد الجيش السنّ القانونية للتقاعد»، واعلن انه «لا يرى ايّ موجِب للتهويل ولا اي مبرّر لمخالفة القوانين، فلا وجود للفراغ في موقع قائد الجيش بحُكم ما يُعرف بإمرة الأعلى رتبة، وهذا مُتوافر وهو تلقائي»