مرور اليوم الأول من الهدنة وفق البرنامج المخطط له: من وقف للغارات الإسرائيلية، وإطلاق الدفعة الأولى من الرهائن الإسرائيليين والأجانب، مقابل المجموعة الأولى من السجناء الفلسطينيين، وبدء إدخال المساعدات الضرورية إلى غزة، كلها مؤشرات مشجعة، ولكن يبقى من المبكر الحكم على حقيقة نوايا تل أبيب في مرحلة ما بعد الهدنة.
كلام الناطق العسكري الإسرائيلي عن العودة إلى الحرب للقضاء على حماس، لا ينسجم مع مناخات التهدئة التي تحاول المساعي الأميركية والعربية ترسيخها، وصولاً إلى وقف دائم لإطلاق النار، وفتح الأبواب أمام العملية السياسية من جديد.
بقاء حكومة نتانياهو بتركيبتها الحالية لا يساعد المراهنين على إطفاء نيران الحرب بشكل كامل، والإنتقال إلى البحث عن المعالجة السياسية للصراع الفلسطيني ـــ الإسرائيلي، تفادياً لوقوع مثل هذه المآسي في السنوات المقبلة، ولتجنيب المنطقة خضات أمنية، ومواجهات عسكرية طاحنة، وما يعني ذلك من إنتشار موجات التطرف والعنف في بيئتي الطرفين المتحاربين.
كلام الرئيس الاميركي جو بايدن عن حل الدولتين أمس أيضاً، بعدما سبق وكرره مراراً، بعد إندلاع الحرب في غزة، يحتاج إلى آلية عملية ليأخذ طريقه إلى التنفيذ، ولا يبقى مجرد شعار، مُغلّف بالتصريحات والتمنيات، وفي الوقت نفسه إفتقاد الجدّية في التنفيذ.
بدا واضحاً منذ اليوم الأول لإندلاع الحرب في غزة، مدى حاجة تل أبيب للدعم الأميركي العسكري والمالي، والذي بدونه لا تستطيع الدولة الصهيونية أن تواجه التحديات الوجودية المحيطة بها، والتي برزت بشكل مباشر في عملية «طوفان الأقصى»، التي هزت الكيان الصهيوني من أساساته، وأسقطت إسطورة «الجيش الذي لا يُقهر»، وكشفت هشاشة الأمن والدفاع عند هبوب رياح المواجهة الميدانية.
وكما إستطاعت واشنطن تشكيل «حكومة حرب» بالتركيبة التي فرضتها، وأبعدت الوزراء المتطرفين عن المشاركة في قرارات المرحلة الصعبة، بإمكانها أن تؤمن التغطية السياسية لمفاوضات حل الدولتين، كما عملت في توفير المساندة والتأييد للعملية العسكرية الوحشية ضد المدنيين في قطاع غزة.
أما مسألة تمديد الهدنة، وجعلها «هدن إنسانية متواصلة»، كما نص قرار مجلس الأمن ٢٧١٢، فتبقى مسؤولية الإدارة الاميركية في الدرجة الأولى أيضاً.
لقد أثبتت حرب الأسابيع السبعة أن قرار الحرب والسلم الإسرائيلي هو بيد واشنطن أولاً وأخيراً!
صلاح سلام – اللواء