الجمعة, نوفمبر 22
Banner

الإجراء التشريعي لتأجيل تسريح العماد قائد الجيش

كتب د. خضر ياسين-

إلى جانب تداعيات عملية طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول، يحتل موضوع قرب انتهاء ولاية قائد الجيش العماد جوزف عون صدارة القضايا الهامة في لبنان، على الرغم من وجود مواضيع مهمة أخرى كالشغور الرئاسي والموازنة العامة للدولة وغيرها من المواضيع السياسية والاقتصادية والاجتماعية.فقائد الجيش استنادا الى قانون الدفاع الوطني يبلغ السن القانونية بتاريخ ٢٠٢٤/١/١٠، ولا بد هنا من الموضوعية في الحديث، إذ أن العماد جوزف عون أثبت بالتجربة والسلوك المصداقية والنزاهة والشفافية طيلة فترة ولايته، وبذل جهودا مضنية وحثيثة وجبّارة للحفاظ على وحدة المؤسسة العسكرية وتماسكها واستمرارها في أداء مهامها المطلوبة وأكثر، من أجل بقائها صمام الأمان لوحدة الوطن وشعور المواطنية ووقوفها سدآ منيعا في وجه كل من يضمر السوء لوطننا.لقد جعل المصلحة الوطنية العليا وحماية الوطن وأمن المواطنين أولوية قصوى وفوق كل اعتبار آخر. واستنادا الى أحكام قانون الدفاع الوطني الصادر بالمرسوم الاشتراعي رقم ١٩٨٣/١٠٢ فإن قائد الجيش يعيّن بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير الدفاع الوطني من بين الضباط العاملين المجازين بالأركان الذين لم يسبق أن وضعوا في الاحتياط، ويحمل قائد الجيش رتبة عماد ويسمى العماد قائد الجيش ويرتبط مباشرة بوزير الدفاع الوطني.وتنتهي ولاية قائد الجيش في إحدى الحالتين: إما بلوغه السن القانونية وهي ٦٠ عامآ أو بلوغ خدماته الفعلية في الجيش ٤٤ عامآ.غير أنه يوجد معارضة لتعيين قائد جديد للجيش في ظل الفراغ الرئاسي خاصة وأن رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة وفقآ للمادة ٤٩ من الدستور ومن المنطق والطبيعي والضروري أن يكون رئيس الجمهورية موافقآ على من سوف يتم تعيينه قائدآ للجيش، لذلك التوجه الأصح هو نحو اتخاذ إجراء قانوني آخر عن طريق مجلس النواب وليس مجلس الوزراء.حيث يوجد اقتراح قانون فيما يخص تأجيل التسريح لقائد الجيش مقدّم من قبل نواب اللقاء الديمقراطي والمتعلق برفع سن التقاعد لكل العاملين في القطاعات الأمنية والعسكرية من أدنى رتبة عسكرية الى اعلاها، واقتراح اخر تم تقديمه من قبل نواب كتلة الجمهورية القوية.من حيث السياق التاريخي وخلال عهد الرئيس الراحل الياس الهراوي أقر مجلس النواب القانون رقم ١٩٩٥/٤٦٣ الذي مدد فيه وقتذاك لقائد الجيش العماد اميل لحود ٣ سنوات، فجاء في حيثياته ومبرراته ما يلي: نظرا لقرب إحالة العماد قائد الجيش عملا بأحكام المادة ٥٦ من قانون الدفاع الوطني، وحيث أن المصلحة الوطنية العليا تقضي بالأخذ بعين الاعتبار دقة المرحلة على الصعيد الأقليمي وضرورة الاستمرار في تدعيم ركائز الدولة لمواجهة التحديات المستقبلية، ونظرا لما لمؤسسة الجيش من أهمية كركيزة اساسية من تلك الركائز، تنص المادة الأولى منه على ما يلي: خلافآ لأحكام المادة ٥٦ من قانون الدفاع الوطني، يعدّل ولمرة واحدة فقط سن التسريح الحكمي من الخدمة العائدة لرتبة عماد بحيث يصبح ٦٣ سنة بدلا من ٦٠ سنة.وتطبق هذه الاحكام على الضباط في الخدمة الفعلية الذين يحملون رتبة عماد بتاريخ صدور هذا القانون.وبالتالي استنادا الى هذا النص، فإن تمديد السن القانونية للتسريح لم يشمل فقط قائد الجيش وإنما كل الضباط الذين ما زالوا في الخدمة الفعلية ويحملون رتبة عماد.بالاضافة الى القانون المذكور، نذكر انه في العام ٢٠٢١ وخلال عهد الرئيس السابق ميشال عون صدر القانون رقم ٢٤٢ الذي اجّل بموجبه تسريح ضباط في الجيش برتبة عقيد لحين بلوغهم سن الثامنة والخميسن. وهنا نذكر أنه حصل تمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي في العام ٢٠١٣، ولكن عن طريق وزير الدفاع فايز غصن، الذي مدد له لغاية العام ٢٠١٥، ثم مدد له وزير الدفاع سمير مقبل من العام ٢٠١٥ حتى نهاية أيلول ٢٠١٦، وبالتالي انطلاقآ من الأحكام الدستورية والقانونية يمكن تعديل قانون الدفاع الوطني من اجل تأخير تسريح قائد الجيش الحالي العماد جوزف عون، حيث يتم عقد جلسة نيابية يتضمن جدول اعمالها بندآ يتناول تعديل القانون المذكور والتصويت عليه بالأكثرية المطلوبة، وفي هذا السياق تنص المادة ٣٤ من الدستور اللبناني على انه لا يكون اجتماع المجلس قانونآ ما لم تحضره الأكثرية من الاعضاء الذين يؤلفونه وتتخذ القرارات بغالبية الأصوات، واذا تعادلت الاصوات سقط المشروع المطروح للمناقشة.وهذه المادة تتضمن نوعين من النصاب: الاول هو نصاب انعقاد الجلسة، والثاني نصاب التصويت او العدد المطلوب من اصوات النواب لإقرار تعديل قانون ما. فالنصاب الأول هو ٦٥ نائبآ(النصف زائد واحد من اصل ١٢٨ نائبآ يؤلفون المجلس النيابي اي ٦٤+١)، اما النصاب الثاني فهو الغالبية من هؤلاء النواب الحاضرين الذي سوف يصوتون في هذه الجلسة.فعلى افتراض أنه حضر الجلسة ٦٥ نائبآ(الحد الادنى المطلوب لإنعقاد الجلسة)، فإن إقرار التعديل يحتاج الى ٣٣ صوتآ بالحد الأدنى.ذلك ان جلسة المجلس النيابي لتعديل قانون الدفاع الوطني هي جلسة تشريعية تحتاج الى النصاب العادي وليس الى النصاب الموصوف(اي الثلثين)، كما هو الحال في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية(المادة ٤٩ من الدستور) او جلسة تعديل الدستور(المادة ٧٩ من الدستور)، حيث أن هاتين الجلستين تشترطان نصاب حضور ونصاب تصويت اعلى من الجلسة التشريعية العادية كجلسة تعديل قانون الدفاع الوطني، على الرغم من أننا نرى ضرورة وأهمية حضور مختلف الكتل النيابية من اجل تعديل هذا القانون انطلاقا من الحرص الوطني على مكانة المؤسسة العسكرية ودورها الريادي والحفاظ على انتظام عملها، ونضيف هنا أن يشمل التعديل للقانون اشخاصا آخرين الى جانب قائد الجيش كي لا يتم الطعن في القانون المتوقع اقراره ومن ثم ابطاله من قبل المجلس الدستوري الذي اعتبر في قراره رقم ٢٠١٧/٢ أنه يجب ان تتوفر في القانون شروط التجرد والعمومية وان لا يكون شخصيآ.

Leave A Reply