كتبت صحيفة “الجمهورية”: يتوقّع أن يحسم اليوم مصير الاستحقاق العسكري باعتماد خيار محدد من الخيارت المطروحة، وهي متعددة تتراوَح بين تأخير تسريح قائد الجيش العماد جوزف عون ستة أشهر، او تمديد ولايته التي تنتهي في 10 كانون الثاني المقبل سنة عبر تعديل احدى مواد قانون الدفاع الوطني، او الذهاب الى خيار تعيين قائد جديد للجيش ورئيس اركان وبقية اعضاء المجلس العسكري، او الاكتفاء بتعيين رئيس اركان فقط يتولى صلاحيات القائد بالوكالة قانوناً الى حين انتخاب رئيس جمهورية جديد، وهو خيار يؤيده كثيرون يرون انّ اختيار قائد الجيش يُترَك عُرفاً لهذا الرئيس كونه يعتبر دستورياً القائد الأعلى للقوات المسلحة التي تخضع لسلطة مجلس الوزراء.
بين جلسة مجلس الوزراء المقررة الثانية عشرة والنصف بعد ظهر اليوم وجلسة مجلس النواب في جولتها الثانية عند الثالثة عصراً، سيتحدد مصير الاستحقاق العسكري الذي يتقاذفه المجلسان وسط مجموعة الخيارات المطروحة لإنجازه تمديدا او تعيينا او ما بينهما، في الوقت الذي ستصل وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا الى لبنان مساء في زيارة تُمهّد لزيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الاسبوع المقبل، وذلك بعدما كان الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان قد زار لبنان أخيراً واقترح باسم فرنسا وبقية دول المجموعة الخماسية العربية ـ الدولية التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون لتلافي الفراغ في قيادة المؤسسة العسكرية، وذلك في سابقة أيّدها بعض القوى السياسية بشدة فيما اعتبرها البعض الآخر تدخلاً سافراً في شأن سيادي لا علاقة للخارج به.
“الكي دورسيه”
وعشيّة وصول كولونا الى لبنان قال الناطق الرسمي باسم “الكي دورسيه” انه من المقرر أن تسافر الى الشرق الأوسط يومي 16 و17 امن الجاري “وستزور لبنان وإسرائيل والأراضي الفلسطينية في رام الله. وهذه هي المرة الرابعة التي تقوم فيها برحلة إلى المنطقة منذ بداية الأزمة. وتأتي هذه الرحلة في إطار جهود فرنسا المستمرة لتجنب التصعيد في المنطقة”.
ورداً على أسئلة عن زيارة كولونا إلى لبنان؟ وتحليل فرنسا للوضع الحالي فيه؟ وهل تعتبر انّ الوضع اللبناني مقلق جداً الى درجة التخوّف من فتح جبهة جديدة على الحدود بين لبنان وإسرائيل؟
اجاب الناطق: “تعمل فرنسا منذ اليوم الأول على منع اندلاع حريق إقليمي. ونحن مستمرون في هذه الجهود من أجل مصلحة الجميع. لقد أرسلنا رسائل حزم إلى “حزب الله” منذ البداية. وسبق للوزيرة، التي ستزور المنطقة للمرة الرابعة منذ بداية الأزمة، أن تحدثت مع نظرائها في المنطقة لمنع هذا الحريق. وستفعل ذلك مرة أخرى في نهاية هذا الأسبوع في لبنان. وستكرر دعوة فرنسا إلى التحلي بالمسؤولية وضبط النفس. وتذكّر فرنسا، في هذا الصدد، بضرورة الحفاظ على أمن “اليونيفيل” وقدرتها على تنفيذ ولايتها من قبل جميع الأطراف. ونحن ندين أي اعتداء على أمن قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان، التي تشكل فرنسا الوحدة الأولى فيها. ويظل القرار 1701 أساسنا لتحقيق السلام والأمن في هذه المنطقة”.
ولدى سؤاله: ماذا عن الجانب السياسي لزيارة كولونا الى لبنان والاتصالات التي ستجريها مع المسؤولين اللبنانيين؟ هل ستعيد تأكيد موقف فرنسا؟ أم أن هناك عنصرا جديدا في هذه النقطة؟ اجاب الناطق الفرنسي: “إن زيارة وزير أوروبا والشؤون الخارجية إلى المنطقة يومي السبت والأحد المقبلين (غداً وبعد غد) تأتي بالتحديد في إطار رغبة فرنسا في التوصل إلى حل للنزاع. وستلتقي بجميع أصحاب المصلحة المعنيين، مرة أخرى، للدعوة إلى وقف التصعيد وضبط النفس واتخاذ موقف المسؤولية في هذا الشأن”.
المجلس والحكومة
في هذه الاثناء سارت جلسة مجلس النواب أمس على الطريق الذي رُسم لها، حضورا ومشاركة صامتة، ونصاباً مُتكأ على جبهة مساندة، وحتى الآن لا خاسر فيها ولا رابح سوى المواطن الذي كانت له حصة وازنة بإقرار قوانين حياتية معني بها مباشرة وفي مقدمها تعديل قانون الضمان الاجتماعي.
والجلسة التي رفعت في منتصف جدول اعمالها الى ما بعد جلسة مجلس الوزراء اليوم، كرّست ولو لمرة واحدة أحقية مجلس النواب في التشريع الذي فاحت رائحته مجددا من المطبخ التشريعي من خلال مناقشة معمّقة لبعض القوانين التي أقرّت برضى “القوات اللبنانية” ومشاهدة “من فوق” لنواب “تجدد” و”التغيير” الذين أدّوا دور جبهة المساندة للتدخل عند اللزوم واكمال النصاب عندما تطرح اقتراحات تأجيل التسريح التي تهدف للتمديد لقائد الجيش، وسط إصرار “قواتي” و”اشتراكي” مع “تجدد” و”التغيير” لطرحه في المجلس بمعزل عن قرار الحكومة.
إعداد العدة
وفي معلومات لـ”الجمهورية” انّ مجلس الوزراء أعَدّ العدة لتأجيل تسريح قائد الجيش العماد جوزف عون لمدة ستة اشهر، وتعيين رئيس اركان اصبح معروفا ان المرشح لمنصبه هو العميد حسان عودة بعد ترقيته الى رتبة لواء، وذلك مراعاة للمصلحة العليا. وكشفت مصادر وزارية مساء أمس لـ”الجمهورية” انه جرت محاولة لإمرار تأجيل تسريح المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان في مجلس الوزراء من ضمن القرار الاداري نفسه انسجاماً مع التوازنات الطائفية، لكن وزير الداخلية بسام مولوي رفض هذا الامر رفضا قاطعا، خصوصا انّ هناك مدة ستة اشهر لا تزال امام ولاية عثمان، ومعروف هنا الخلاف الشخصي بين الطرفين.
لكنّ مصادر معنية رفيعة المستوى اكدت لـ”الجمهورية” انّ مجلس الوزراء لن يبحث في الاستحقاق العسكري في جلسته اليوم، وانّ مجلس النواب هو الذي سيبادر الى معالجته في الجولة الثانية من الجلسة التشريعية عصراً.
لأخذ العلم
الامانة العامة لرئاسة الحكومة قد تلقّت امس كتاباً من وزير الدفاع موريس سليم موجّهاً الى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، رداً على كتابه حول الاجراءات الواجب اتخاذها لتلافي الشغور في قيادة المؤسسة العسكرية. وتضمّن كتاب سليم الآتي:
“دولة رئيس مجلس الوزراء
الموضوع: الشغور المرتقب في مركز قيادة الجيش والحؤول دون استمراره في مؤسستين رئيسيتين لدى وزارة الدفاع الوطني وفي رئاسة الاركان
المستند: 1 – كتابكم رقم الصادر 63/س تاريخ 25/10/2023
2 – المرسوم الاشتراعي رقم 102 / 83 المعدل (قانون الدفاع الوطني)
بالاشارة الى الموضوع والمستند اعلاه،
ومع الاعادة الى ما أكّدنا عليه في كتابنا رقم 3305/غ ع/ والمؤرخ في 30/10/2023 لجهة حرصنا الشديد مع دولتكم على الامن الوطني والسلم الاهلي مع ما يستوجبه من جهد ومواكبة واجراءات على مختلف الاصعدة، خصوصا العسكرية والامنية، وعلى الاخص لتفادي الشغور المرتقب في مركز قيادة الجيش والذي تناولتم في كتابكم المحددة تفاصيله في المستند آنفاً، وايضاً الحؤول دون استمرارية الشغور في مؤسستين رئيسيتين لدى وزارة الدفاع الوطني وفي رئاسة الاركان.
للتفضّل بأخذ العلم بأننا نقوم بالمقتضى عبر الاجراءات الادارية المتعلقة بوضع حد نهائي للشغور المرتقب في قيادة الجيش ولاستمراره في هاتين المؤسستين الرئيسيتين وفي رئاسة الاركان، وذلك في ضوء ما جرى التفاهم عليه في الاجتماعات معكم وبما يتوافق مع الاحكام الدستورية والنصوص القانونية المرعية الاجراء.
وزير الدفاع الوطني
موريس سليم”.
وقَلّلت مصادر وزارية من تأثير هذا الكتاب على مجريات جلسة مجلس الوزراء اليوم، وما يمكن ان يتخذ خلالها من اجراءات وقرارت تتعلق بالمؤسسة العسكرية.
الجبهة الجنوبية
على صعيد الجبهة الجنوبية ظل الوضع فيها على وتيرته من المواجهات السائدة بين رجال المقاومة وقوات الاحتلال الاسرائيلي، حيث كانت تتصاعد حيناً وتخف احياناً. وأسفرت غارة اسرائيلية على بلدة مركبا عن استشهاد مواطن وجرح آخر، فيما اغار الطيران الحربي الاسرائيلي على جبل الباط في بلدة عيتا الشعب بالتزامن مع قصف مدفعي متقطع طاوَلَ اطراف يارون، فيما اطلقت ليلاً قنابل مضيئة فوق قرى القطاعين الغربي والأوسط، تزامناً مع غارات على أكثر من هدف مدني في بيت ليف ومروحين وجبل اللبونة.
الموقف الاسرائيلي
وفي غضون ذلك قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع بالكنيست يولي إدلشتاين، في حديث لـِ”رويترز”، إن “إسرائيل تعتزم إنهاء وجود “حزب الله” على الحدود”. وأضاف: “هذا هدف، على ما أعتقد، نحاول تحقيقه في هذه المرحلة عبر القنوات الدبلوماسية”، مشيراً إلى أن “البديل ربما يكون حرباً أخرى”. وتابع: “نُناشد كل دولة، سواء كانت الولايات المتحدة أو فرنسا أو الدول العربية، أي أحد يستطيع في شكل ما التأثير في الموقف ويتمتع ببعض النفوذ في لبنان”.
وذكر مسؤول لبناني كبير قريب من “حزب الله” لـِ”رويترز” أن “مسؤولين أميركيين وفرنسيين زاروا بيروت للبحث في أفكار لتقديم تطمينات أمنية لإسرائيل استنادا إلى تحجيم دور “حزب الله” على الحدود. ولم يفصح عن توقيت الزيارات”. وقال إن الأفكار “غير واقعية”. وتحدث المسؤول طالباً عدم نشر اسمه لأن المحادثات سرية.
جهود ثلاثية
الى ذلك ذكرت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية أن الولايات المتحدة تقود الجهود من أجل إقامة منطقة عازلة بين إسرائيل و”حزب الله” في جنوب لبنان. وقالت ان الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا تبحث في سبل إقناع “حزب الله” بالانسحاب من الحدود اللبنانية الإسرائيلية، في مسعى دبلوماسي لمنع اندلاع صراع شامل مع إسرائيل.
وبموجب هذه المبادرة، يجري المسؤولون الغربيون محادثات مع لبنان وإسرائيل في محاولة لحمل البلدين على تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي 1701، والذي يطالب “حزب الله” بسحب مقاتليه من المنطقة الحدودية. ومن بين البنود قيد المناقشة منح الجيش اللبناني دوراً أكبر في محاولة لإقامة منطقة عازلة على الحدود.
وقال ديبلوماسي غربي إن الوصول إلى هذا الحل “أمر صعب للغاية. يجب وقف القتال بين إسرائيل و”حزب الله” أولاً، ويتعيّن جعل “حزب الله” يُذعِن (من خلال الانسحاب)”.
ولمنع التصعيد، أجرى مسؤولون أميركيون وبريطانيون وفرنسيون محادثات مع إسرائيل ولبنان حول سبل تنفيذ القرار 1701، بما في ذلك تعزيز وجود الجيش اللبناني وموارده في جنوب لبنان، حسبما قال أشخاص مطلعون على المحادثات للصحيفة.
وقالت الصحيفة إن “الأمل يكمن في التوصل إلى اتفاق في نهاية المطاف وموافقة “حزب الله” – القوة السياسية والعسكرية المهيمنة في لبنان – على سحب قواته من الحدود”.
وتشمل الأفكار التي تتم مناقشتها تعزيز قوة اليونيفيل، ومحاولة ترسيم الخط الأزرق الذي يمثّل الحدود الفعلية بين إسرائيل ولبنان في غياب حدود متّفق عليها رسمياً.
وحذّر الذين اطلعوا على المناقشات من أنها في مرحلة مبكرة وأن هناك عقبات كبيرة يجب التغلب عليها. وقال بعض المسؤولين إنّ المحادثات كانت منسقة، وقال آخرون إن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا تجري مناقشات منفصلة مع الطرفين.