يرفع نقيب الصيادلة جو سلوم الصوت ضد نظام التتبع للدواء غير المدعوم الذي اقرته وزارة الصحة ويقول انه يشجع على الدواء المهرب والمزور. كما يقول ان مرضى السرطان متروكون لقدرهم وان المسؤولين فشلوا في وضع سياسه دوائية مستدامة وقد حاولت نقابة الصيادلة التنبيه إلى كل ما يحدث دون جدوى .
يتحدث سلوم في بدء الامر عن تهريب الادوية وتزويرها فيقول:
ان المواطن هو الحلقة الأضعف “الله يكون بعونه” إذ اننا في لبنان لم ننجح في وضع سياسة دوائية مستدامة ولم نضع المريض في سلم أولوياتنا إنما حدث العكس ولم نعتمد سياسة مختلفة حتى وصلت بنا الأمور إلى ما نعانيه حاليا. أن المشكلة ليست وليدة اللحظة فقد بدأت بعد العام ٢٠١٩ عندما قمنا بدعم الأدوية فحدث تهريب للدواء المدعوم إلى الخارج بقيمة ٣ أو ٤مليون دولار وقد شمل التهريب أدوية الأمراض المستعصية وغير المستعصية فوصلنا إلى مكان لم يعد بمقدورنا أن ندعم وبدأنا تخفيف دعم الادويه إلى أن فقدناه كليا واليوم لدينا ٣٠٠٠٠ مريض سرطان يتلقى ٤٠% منهم فقط الدواء والباقي يضطرون الى شرائه من السوق السوداء او من الخارج او يلجأ البعض إلى انتظار الموت في البيوت دون تلقي اي علاج وهؤلاء متروكون لقدرهم لأنه لا يوجد أحد يفكر فيهم . هذا هو حال المرض في لبنان للأسف.
لقد كانت النقابة أول من رفع الصوت ونبهت الى الأمر وتكلمت بموضوع التهريب وضرورة ضرب المهربين والمتورطين فيه وايضا كل من استفاد من ذلك. لقد كنا أول من دعا إلى تحركات ومظاهرات أمام السراي الحكومي. من ناحية أخرى يهمنا نوعية وجودة الدواء في البلاد لكن مافيا التهريب تنشط بكثرة حاليا وقسم كبير من الأدوية التركية الموجودة في البلاد مزورة خاصة أدوية السرطان، ايضا الأدوية الإيرانية والسورية متدنية الجودة وهي تدخل لبنان عبر الصيدليات غير الشرعية التي تتكاثر في كل المناطق. إذن الواقع الدوائي والصحي في البلاد هو واقع سيىء جدا في ظل الكم الكبير من التهريب خصوصا في ظل اجتياح كل ما هو غير شرعي وفي ظل تقاعس وصمت المسؤولين بما يتعلق بهذا الملف إلى جانب الإهمال او عدم الاكتراث وعدم اتخاذ الخطوات الجدية في موضوع أدوية السرطان والأمراض المستعصية بينما المفروض ان تكون هكذا ملفات حياتية وانسانية بامتياز في أول سلم الأولويات.
ويتحدث سلوم عن دور النقابة في هذا المجال :
أولا على صعيد أدوية السرطان ليس لدينا صلاحيات عليها ولا نملك الا القيام بتحركات التفتيش النقابي الذي نجريه في كل الصيدليات لمنع الأدوية غير المسجلة في الوزارة . ان بعض الصيدليات تشارك في الموضوع والنقابة تصدر الأحكام بها إذ ان النقابة هي سلطة بداية لها الحق في اقفال الصيدلية مرحليا او سحب الرخصه او إذن مزاولة المهنة او بالأحرى الانتساب إلى النقابة. أما خارج نطاق الصيدليات فنحن نتعاون مع النيابة العامة المالية بشخص القاضي علي ابراهيم والقاضية فاتن عيسى وهما يعملان معنا بكل جدية، وقد تم توقيف حوالى ٦٨ شخصا بالإضافة إلى عدد من شبكات التهريب والتزوير. أيضا نتعاون مع جهاز أمن الدولة بهذا الاتجاه. ويؤكد سلوم وجود صيدليات غير شرعية.
وعن تجار الشنطة
هؤلاء هم صيدلية متنقلة . انهم يجولون على الناس والصيدليات ويبيعون الأدوية حتى في المحلات التجارية وفي كل الامكنة والنيابة العامة المالية تحاول استدراجهم إذ ان الأمر خطار فأكثر الأدوية المباعة اما مزورة او مهربة او منتهية الصلاحية او مخزنة بشكل سيىء .
ماذا عن النظام التتبعي للأدوية غير المدعومة وهل هو إجراء جيد؟
ان آخر صيحات السلطة هو النظام التتبعي على الأدوية غير المدعومة وهو حدث الساعة. لقد كنا اول من دعا لتتبع الدواء المدعوم كونه مدفوع الثمن من جيب المواطن والمريض لكن في ظل التهريب اللاشرعي الحاصل يكون تتبع الدواء غير المدعوم هو تشجيع للمهربين. يجب أن ينصب الجهد على جهتين أولا تأمين الدواء للمريض اي تأمين وجوده ضمن قدرة المريض على شرائه. ومن جهة أخرى وقف وملاحقة المهربين والصيدليات والمستوصفات غير الشرعية بينما الذي حصل انهم تركوا هذين الهدفين الأساسيين واتجهوا إلى نظام تتبع الدواء غير المدعوم . ان الدواء غير المدعوم هو سلعة تقوم بتسعيرها وزارة الصحة والدولة لا تدفع ثمنها لذا تتبعها يؤدي إلى زيادة نسبة التهريب والتزوير بالإضافة إلى أن نظام التتبع هذا يحتاج إلى تقنيات كبيرة وتجهيزات على الصيدليات توفيرها ويتطلب انترنت ٢٤ساعة متواصلة مع صيانة متكاملة مما يرتب كلفة كبيرة على الصيدليات الموجودة حاليا ومعلوم أن القسم الأكبر منها بوضع سيىء . لقد باع ٩٨% من الصيدليات مخزونها على سعر١٥٠٠. ان الصيدلي هو شخص إنساني بامتياز وقد وقف إلى جانب المريض وقدم ما يستطيع من مساعدة .ان هذا المشروع التتبعي يدمر الصيدليات وينشط التهريب والتزوير اكثر وهو يهدف الى جمع المعلومات بغية تقديمها لمنظمة الصحة العالمية لا أكثر ولا أقل. من الإجرام اليوم تدمير آلاف الصيدليات التي كانت إلى جانب المريض إذ ان هذا الإجراء يأتي على حساب هذه الصيدليات لمصلحة التهريب والصيدليات الكبرى التي تبلع الصيدليات الصغيرة.
لماذا لا تتجهون نحو الدول التي تبيع الأدوية الرخيصة الثمن مثل الهند؟
نحن لا نمانع بأي دواء ذي نوعية جيدة كما أننا مع وجوب آلية لتسجيل الدواء في وزارة الصحة وهنا أهمية إعادة أحياء الوكالة الوطنية للدواء التي تم تأسيسها منذ عامين وهي وكالة مستقلة لتسجيل الدواء ولديها نظامها المستقل إذ انها مؤسسة أصدرها مجلس النواب وحتى الآن لم تصدر مراسيمها التطبيقية بعد. انها تضمن نوعية وجودة الدواء وتضمن أن يكون الدواء مسجلا بأسعار مقبولة من المرضى وهنا يأتي دور مجلس النواب وضرورة وجود سلطة واعية لإصدار المراسيم التطبيقية ووضع الوكالة الوطنية حيز التنفيذ . هذه هي الطريقة التي تطمئننا على مصدر الدواء في لبنان.
الا تعتقدون أن عدم صدور المراسيم التطبيقية يؤدي إلى بقاء سيطرة وزارة الصحة على سوق الدواء في لبنان؟
طبعا هذا مؤكد. ان الوكالة هي وكالة وطنية مستقلة أصدرها مجلس النواب بعد دراسات طويلة ومن الضروري اليوم ان تصدر المراسيم فمن المعيب الا يتم إصدارها حتى الآن. لدينا علامات استفهام كبرى حول هذا الموضوع وأرجو الا يقال ان السبب هو عدم وجود مختبر مركزي إذ يوجد عدة مختبرات في الجامعات وفي عدة مراكز صناعية باستطاعتنا استخدامها .
عدم الرحمة
أنتم متهمون بعدم الرحمة إزاء الصيدليات التي تقوم بحسومات على اسعار بعض الأدوية فتنظمون بها محاضر ضبط بينما السوق تعج بالمهربين وتجار الشنط فما ردكم على ذلك؟
إننا كنقابة صيادلة نقول ان الشريعة هي للإنسان وليس الإنسان للشريعة.
ان من يعمل حسما انما هو يفعل للمضاربة على الصيدليات الأخرى وهو بعمله هذا يشجع على التهريب لأن ربح الصيدلي هو ربح محدود جدا والربح الموجود حاليا غير كاف لتغطية المصاريف التشغيلية للصيدلية لذا ان من يلجأ الى الحسم فهو يتعامل بالدواء المهرب لأن المصاريف واضحة والأرباح كذلك واي حسم اضافي سيكون من مكان آخر ومن مدخول آخر اي الدواء المهرب . ان الصيدلي اختصاصي بعلم الدواء وهو إنسان بامتياز.
اتمنى حقا التركيز على نظام التتبع ومدى مساوئه وهو القضاء على الصيدليات الشرعية وكل ما هو شرعي في البلاد . ارجو الاهتمام أكثر بهذا الموضوع إذ ان النظام التتبعي للدواء غير المدعوم يقضي على الصيدليات الشرعية لمصلحة التهريب وهذا النظام هو كهدية لمنظمة الصحة العالمية ونحن لا نريد تقديم هدايا مجانية إنما هدفنا الأسمى هو المريض اللبناني إذ لا نريد أن يتحول إلى حقل تجارب لأحد او أن يكون مخزونا لتقديم معلومات او داتا معينة وربما هذه الداتا تذهب إلى جهات لا نريد أن تستلمها كالعدو الاسرائيلي…
ما رأيكم بصدور قانون الصيدلي السريري مؤخرا؟
أن هذا المشروع هو علامة مضيئة في ظل كل الانهيار الحاصل اليوم وهو يمثل التكامل بين الطبيب والصيدلي في المستشفى ويحد من الأخطاء في العلاج وغيره كما يؤدي إلى فرص عمل جديدة للصيادلة داخل المستشفيات.
جوزف فرح – الديار
Follow Us: