مع تساقط الأمطار وانخفاض درجات الحرارة، تتفاقم الظروف المعيشية الصعبة للنازحين في قطاع غزة.
وفي تقرير تشرته صحيفة “نيويورك تايمز”, سُردت معاناة نازحين يعيشون في خيم، ومنهم زوجان يكافحان للحفاظ على دفئ طفليهما.
ومع اشتداد البرد وهطول الأمطار, يعتمد هبة وإيهاب أحمد على احتضان طفليهما الصغيرين بإحكام، معتمدين على حرارة أجسامهما وبطانية رقيقة لإبقائهما دافئين بينما تدخل الأمطار والرياح من خلال الفتحات الموجودة في خيمتهم المؤقتة.
وقالت هبة أحمد (36 عاما): “ليس لدينا ما يبقينا دافئين وجافين. نحن نعيش في ظروف لم أكن أتخيلها أبدا طوال حياتي”.
وتعد أسرة أحمد من بين 1.9 مليون من سكان غزة الذين نزحوا منذ أن بدأت إسرائيل حملة القصف المتواصلة وعملياتها البرية الموسعة. وفقًا للأمم المتحدة.
وقال إيهاب أحمد (45 عاما)، الأحد, إنهم جاؤوا إلى حي المواصي جنوب غزة قبل ثلاثة أسابيع، مع دخول فصل الشتاء. ولجأت الأسرة المكونة من سبعة أفراد إلى خيمة صغيرة واهية بنوها باستخدام النايلون باهظ الثمن وبعض الألواح الخشبية. وأضاف أنهم يتقاسمونها مع 16 من أقاربهم الآخرين.
وأضاف: “إنها ليست حتى خيمة مناسبة. أولئك الذين يقيمون في خيام حقيقية هم البرجوازيون في غزة”.
وتابع أنه خلال النهار، يحاول هو وأبناؤه الأكبر العثور على الحطب والكرتون لإشعال نار صغيرة، ويستخدمونها للطهي والتدفئة.
وأردف : “أنا أتحدث إليكم بينما يعميني دخان النار”. وفي الخلفية، يمكن سماع شخص يسعل بشكل لا يمكن السيطرة عليه. وأضاف: “الدخان يؤذي رئتينا أيضا”.
وكانت الأمم المتحدة وجماعات حقوقية أخرى قد أعربت في الأيام الأخيرة عن مخاوف متزايدة بشأن زيادة انتشار الأمراض المنقولة بالمياه مثل الكوليرا والإسهال المزمن في غزة مع نقص المياه النظيفة والصالحة للشرب والظروف غير الصحية. ووفقا لليونيسيف، فإن الأطفال هم الأكثر تضررا من تزايد معدلات الإصابة بالأمراض المعدية.
وبيّن أحمد أن الابنة الوحيدة لهما وأصغر أطفالهما، جنى (9 سنوات)، تعاني من آلام شديدة في البطن منذ نحو أسبوعين، ربما بسبب الجفاف الشديد. وقال إنه لم يتمكن من نقلها إلى مستشفى أو عيادة لأن المراكز الطبية القليلة التي لا تزال تعمل مكتظة بالكامل ويصعب الوصول إليها سيرا على الأقدام.
واستكمل: “كانت تصرخ من الألم، وكل ما يمكننا فعله هو أن نعطيها بعضا من مياه الأمطار لتشرب”.
كان الطقس دافئا عندما فر أحمد مع زوجته وأطفاله الخمسة من منزلهم في مدينة بيت حانون الشمالية خلال الأيام الأولى من الحرب. وقالت هبة أحمد، إنهم، مثل كثيرين آخرين، لم يتوقعوا أن يرحلوا لفترة طويلة، وقد فروا مع بعض الوثائق والملابس الصيفية التي كانوا يحملونها على ظهورهم.
وأشار أحمد: “كنت أبحث عن ملابس دافئة مستعملة، لكنهم يبيعونها بأسعار جنونية لا أستطيع تحملها”.
ولفت إلى أنه “على مدى 23 يوما، كنا نحاول العثور على بطانيات ومراتب. لقد كنا ننام على ملاءة رقيقة ونشكل الرمال على شكل وسادة لإراحة رؤوسنا”، كما تحدث عن ندرة الطعام والأغذية، وعدم وصول المساعدات إليهم.
وقالت لجنة مدعومة من الأمم المتحدة في تقرير نشر يوم الخميس الماضي، إن كل سكان غزة وعددهم 2.3 مليون نسمة يواجهون مستويات أزمة جوع وخطر مجاعة يتزايد كل يوم.
ولفت التقرير الصادر عن لجنة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي إلى أن نسبة الأسر المتأثرة بارتفاع مستويات انعدام الأمن الغذائي الحاد في غزة هي الأكبر المسجلة على الإطلاق على مستوى العالم.
وقالت لجنة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي لغزة “يوجد خطر وقوع مجاعة ويتزايد كل يوم يستمر أو يتفاقم فيه الوضع الحالي من أعمال العنف المكثفة وتقييد دخول المساعدات الإنسانية”.
وتعلق بعض سكان غزة ممن أصابهم اليأس بشاحنات المساعدات لمحاولة انتزاع إمدادات الغذاء الشحيحة وبضائع أخرى. ووردت تقارير أيضا تفيد بأن السكان يأكلون لحم الحمير وتتحدث عن المرضى الهزلى الذين يسعون إلى تلقي المساعدة الطبية.
وقال، عارف حسين، كبير الخبراء الاقتصاديين ومدير البحث في برنامج الأغذية العالمي “هذا التقرير يؤكد نوعا ما أسوأ مخاوفنا”، واصفا الأزمة بأنها “غير مسبوقة”.
وأضاف لرويترز في مقابلة “أفعل هذا منذ العشرين عاما الأخيرة أو يزيد. ذهبت إلى أفغانستان، وذهبت إلى اليمن وإلى سوريا وجنوب السودان وإثيوبيا وشمال شرق نيجيريا. لكن لم أشهد قط حدوث أمر بهذا السوء بهذه السرعة”.
وتضع لجنة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، الناتجة عن شراكة تشمل منظمات الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية، المعيار العالمي لتحديد شدة أزمة الجوع باستخدام مجموعة معايير فنية معقدة.
وتعتبر اللجنة أن الأزمة أو مستويات المرحلة الثالثة من الجوع تعني أن الأسر تعاني من ارتفاع معدلات سوء التغذية الحاد أو بوسعها فحسب تلبية الحد الأدنى من الاحتياجات من خلال استراتيجيات التعايش مع الأزمات أو استهلاك أصول أساسية.
وأشد تحذيرات اللجنة هو المرحلة الخامسة التي يوجد بها مستويان هما الكارثة والمجاعة.
وخلصت اللجنة إلى أن أسرة من كل أربع أسر على الأقل، أو 577 ألف شخص، في غزة تواجه بالفعل جوعا كارثيا وتعاني من النقص الشديد في الأغذية والتضور جوعا واستنفاد قدرات التعايش.
وقال حسين إن ذلك أكثر بأربعة أمثال من عدد من يُقدَّر أنهم يواجهون جوعا كارثيا في بقية أنحاء العالم.
وأضاف “إذا استمرت الحرب بالشكل التي هي عليه، وإذا لم تدخل المساعدات بالشكل الذي ينبغي لها الدخول به، فسنشهد مجاعة خلال الأشهر الستة المقبلة”.
وتابع “أيا كان ما سيحدث خلال شهرين أو إذا ما حدث خلال ثلاثة أشهر، فسيكون من العسير التنبؤ به”.
Follow Us: