الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية قد يفسد فرحة الاحتفال برأس السنة بعد أيام. التحضيرات على قدم وساق لهذه الليلة، ففي منطقة البقاع وجبل لبنان النسبة الأكبر ستحييها في المنزل بين الأهل والأقارب وخصوصاً بعد حملة مقاطعة الحفلات الغنائية في غالبية المطاعم تضامناً مع الشعب الفلسطيني. أما في المناطق الساحلية فهناك إقبال على الحجوزات والحفلات على الرغم من الأوضاع الأمنية غير المستقرة، وسط توقعات مجيء ٢٥٠ ألف لبناني هذا الشهر بحسب نقيب أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري طوني الرّامي.
وبالنسبة الى الأسعار فهي مشجعة وستُناسب مختلف الميزانيات، كما أكد الرامي في تصريح، مشيراً الى أن أكثر من 70 في المئة من المؤسّسات المطعميّة ستكون À la carte لمراعاة أوضاع المواطنين ورفع نسبة الاقبال. وفي ما يخص الحجوزات لليلة رأس السنة ستكون مبدئيّة وفق الظروف، تم تأكيدها قبل أسبوعٍ واحدٍ فقط بسبب الأوضاع الأمنيّة، أمّا الدفع فسيبدأ من اليوم. إذاً اللبنانيون يصرون على الاحتفال، فماذا عن أسعار المواد الغذائية والسلع؟
عجاقة: مجيء المغتربين يحرك عجلة الاقتصاد
ستشهد الأسواق ارتفاعاً كبيراً في أسعار المواد والسلع المستوردة من الخارج في المرحلة المقبلة بسبب التطورات في البحر الأحمر بحسب الخبير الاقتصادي والمالي جاسم عجاقة الذي رأى أن حركة مجيء المغتربين في رأس السنة تحرك عجلة الاقتصاد وتساعد الناس على الصمود مبدئياً، وبما أن الليرة لم تعد تخدم الاقتصاد، وفي ظل الاقتصاد المدولر سنشهد ثباتاً في سعر الصرف هذه الفترة.
ويعتبر عجاقة في حديث لـ “لبنان الكبير” أن “من الضروري عزل الاقتصاد عن السياسة وإقرار قوانين اصلاحية في سلة كاملة”، قائلاً: “حتى لو أن الحركة نشطة على رأس السنة ولكن مع توقعات استمرار حرب غزة من ٣ إلى ٦ أشهر وما تحمله من تداعيات على لبنان، سيخسر القطاع السياحي ما يعادل ٥٠٠ مليون دولار، وهذا لا يبشر بالخير وسيؤدي إلى خسائر في الناتج الحالي وهبوط الاحتياطي لدى المصرف المركزي من العملات الأجنبية”.
وفي جولة لـ “لبنان الكبير” على بعض الملاحم ومحال الخضار، نبدأ من اللحوم الحمراء التي تجاوز سقفها المليون ليرة وأصبحت تُحضّر في المناسبات فقط عند ٦٠ في المئة من الشعب اللبناني، لا تزال على حالها حتى أنها انخفضت بصورة بسيطة إلى ٩٥٠ ألفاً للكيلو، ما يمكن أن يبقيها بعيدة عن موائد العيد إلا بكمية قليلة. أما اللحوم البيضاء فركبت موجة الغلاء بجميع أشكالها، فارتفع سعر الطاووق إلى ٦٣٠ ألفاً بعدما كان بـ ٥٠٠ ألف، والجوانح والفخاذ بـ ٢٠٠ ألف بعدما كان سقف أسعارها ١٦٠ ألفاً، أما السودة فأصبحت بـ ٣٠٠ ألف، والفروج الكامل ارتفع سعره إلى ٣١٠ آلاف بعدما كان يتراوح بين ٢٣٠ و٢٥٠ ألفاً.
بالنسبة الى الاقبال، فهو خفيف جداً بحسب عبدالله، صاحب “ملحمة الريان”، الذي يؤكد أن الطلب تراجع بصورة كبيرة ويمر يومان أحياناً من دون طلب على اللحوم الحمراء تحديداً.
ومَن لا يرغب في أكل اللحوم بسبب ارتفاع أسعارها، سيجد أن أسعار الخضار لا تبقى على حالها، فطبيعة الخضار والفاكهة أن أسعارها ترتفع بصورة كبيرة في موسم البرد والصقيع وتنخفض عادة في فصل الصيف. ويقول الخضرجي بشير سميسم: “ان الأسعار تتغير وترتفع ليس ربطاً بعيد رأس السنة بل بسبب فصل الشتاء أيضاً، والناس اليوم تشتري حاجياتها فقط عالقد من دون زيادات لطبخة ثانية أو صحن فتوش آخر”.
وتشرح ربة المنزل حلا الهيب معاناتها مع الأسعار بقولها: “نحتاج إلى مليون ليرة فقط لجاط الفتوش، فالخسة اليوم بـ ٧٠ ألفاً بعدما كانت بـ ٣٥ ألفاً منذ ١٠ أيام فقط، كما ارتفعت أسعار البقدونس والفجل من ٢٠ إلى ٤٠ ألفاً للضمة الواحدة، ووصل سعر كيلو الخيار إلى ١٠٠ ألف والبندورة إلى ٧٠ ألفاً”.
أعباء تكاليف سهرة رأس السنة كبيرة، ولا سيما على رب الأسرة (الطبقة الفقيرة والمتوسطة) فهي أكثر من راتبه بمرتين أو ثلاث ليصبح أمام خيارين إما الرضوخ للأمر الواقع واستقبال العام الجديد بسهرة عادية من دون أي تكاليف، أو استقبال سنة ٢٠٢٤ بالدّين، وكلاهما مُر!
راما الجراح – لبنان الكبير
Follow Us: