على قاعدة “خير الكلام ما قلّ ودل” تعامل أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله مع العدوان الاسرائيلي على الضاحية الجنوبية والذي أدى الى إستشهاد نائب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الاسلامية “حماس” الشيخ صالح العاروي وستة من رفاقه.
إعتمد السيد نصرالله “الغموض”، الذي غالبا ما يُربك العدو ويضعه على جمر الإنتظار ويضاعف من رهبة رد المقاومة ويلعب على العامل النفسي لديه، مؤكدا في الوقت نفسه أن الرد على الحماقة الصهيونية حتمي بناء على الوعد الذي أطلق سابقا، تاركا لإسرائيل لغزا من خمس كلمات لن تجد حلا له إلا عندما يحين أوان العملية الانتقامية، وهو ما ختم به نصرالله كلامه “بيننا وبينكم الميدان والأيام والليالي”.
تعاطى السيد مع كلام مستشار الحكومة الاسرائيلية حول عدم إستهداف لبنان وحزب الله بل حماس فقط بسخرية، معتبرا أن الأطفال لا يصدقونه وأنه كلام يمرّ على الجبناء فقط، معتبرا أن ما حصل خطير جدا بالنسبة للشخصية المستهدفة ولمكان الاستهداف وهو الضاحية الجنوبية التي لم تتعرض لعملية عدوانية من هذا النوع منذ العام 2006.
بدا واضحا أن السيد نصرالله يمهّد لرد قريب سيكون قاسيا وموجعا ضد العدو الاسرائيلي، حيث جدد التأكيد على ما ورد في بيان حزب الله إثر الاغتيال، “أن هذه الجريمة لن تمر من دون رد وعقاب”، وفي ذلك تأكيد على قوة ردع المقاومة التي ستمنع إسرائيل من شن عدوان على لبنان، حيث أكد “أننا نقاتل حتى الآن ضمن حسابات مضبوطة وندفع ثمن ذلك، لكن إذا فكر العدو في شن حرب على لبنان سيكون قتالنا بلا سقوف وبلا حدود وبلا ضوابط”، مشددا على أن “من يفكر بخوض الحرب معنا سيندم، وإذا كنا اليوم نداري المصالح الوطنية اللبنانية، فإن مقتضى هذه المصالح في حال شن العدو عدوانا علينا أن نذهب بالحرب الى الأخير”.
السيد نصرالله وجه رسالة سياسية واضحة الى الداخل اللبناني لا سيما أولئك الذين يطالبون في هذه الظروف الدقيقة التخلي عن سلاح المقاومة أو من ينتقد عملياتها، ويدعو الى ترك أمر حماية لبنان للقوانين والقرارات الدولية، حيث أكد أن “تلك القوانين والقرارات غير قادرة على حماية أحد وقد أثبت العدوان على غزة ذلك وكذلك قتل الآلاف من المدنيين وهدم المنازل”، لافتا الى أن “مسارعة المقاومة الى فتح الجبهة مع العدو الاسرائيلي في الثامن من أكتوبر أفقده عنصر المفاجأة وحال دون قيامه بعدوان على لبنان كان يستعد له، بذريعة أن كل العالم يقف الى جانب إسرائيل، لكن قوة المقاومة وحضورها منعت ذلك، خصوصا بعدما قدمت نماذج من عمليات عسكرية دقيقة ومركزة ألحقت من خلالها إصابات مباشرة بجنود الاحتلال وآلياته، ما جعل أميركا تقدم النصائح لنتنياهو بعدم خوض الحرب مع لبنان لأن الثمن سيكون باهظا”.
بإنتظار خطاب يوم الجمعة الذي وعد السيد نصرالله بتقديم تفاصيل عن كثير من العناوين التي تحدث عنها أمس، تبقى الخيارات مفتوحة على كل الاحتمالات، وتبقى الكلمة الفصل للميدان الذي لم تتهاون المقاومة فيه مع إسرائيل سواء في العمليات اليومية أو في الرد المخصص لجريمة إغتيال الشهيد العاروري، خصوصا أن هذا الرد سيعزز توازن الرعب الذي سيحمي قادة المقاومة أين ما كانوا، وسيمنع إسرائيل من القيام بحماقة ثانية من نوع العدوان الذي قامت به أمس الأول.
غسان ريفي – سفير الشمال