لغة التحسّر على البلد، وحدها الواردة على كلّ لسان، مقرونة برعب يجتاح كلّ الناس مما يُحكى عن سيناريوهات بدأت تلوح في الأفق، وتنذر بدخول لبنان، مع مطلع السنة الجديدة، في فترة شديدة السواد على كل المستويات، فيما الطبقة الحاكمة مشتركة في ورشة هدم الهيكل، وتغطي جريمتها الموصوفة هذه، بالتنصّل من المسؤولية والبكاء على الاطلال.
وسط هذه الورشة، يبدو جلياً أنّ البلد بات وحيداً ومتروكاً لمصيره، والممسكون بزمام أمره قد قرّروا أن يضيّعوه ويضحّوا به نهائياً على حلبة تقاسم الجبنة الحكومية، ويحرموه بالتالي من فرصة تشكيل حكومة يُراد لها أن تكون إنقاذية محصّنة بالمبادرة الفرنسية، فيما المعنيون بتشكيلها يصرّون على حرفها في اتجاه أن تكون هذه الحكومة منصّة لتحقيق مكاسب سياسية ومصالح ذاتية، ولغلبة فريق سياسي على آخر.
البلد.. انتهى!
وسط هذين التوجّهين وما يرافقهما من انهيارات متتالية على كل المستويات، مسّت بالخلل كل مؤسسات الدولة من دون استثناء، وصوّرتها بؤراً للارتكابات والاختلاسات، تتبدّى نتيجة وحيدة لخّصها مسؤول كبير بقوله لـ»الجمهورية»: «الله يرحم البلد، لقد انتهى ولم يبق منه شيء، وما علينا سوى أن نحضّر أنفسنا للأسوأ».
لا إمكانية لتفاهم
الاجواء التي ظهرت على السطح الداخلي في الساعات الاخيرة، أشّرت الى محاولات جرت على اكثر من صعيد، لدفع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري نحو صياغة تفاهم بينهما، يتجاوز الشروط المعطلة لتأليف الحكومة حتى الآن، فيما الرئيسان لم يصدر عن أيّ منهما أي اشارة جديّة توحي بليونة واستعداد للوصول الى تفاهم حكومي مشترك خارج الشروط المطروحة من قبلهما، بل على العكس من ذلك، فإنّ كل طرف يقف عند الحدود التي رسمها لنفسه ضمن مطالب لا رجعة عنها، ويلقي مسؤولية التعطيل على الطرف الآخر، وهو ما اكّدا عليه اخيراً في البيانات السجالية التي تبادلاها في الايام الاخيرة..
واذا كانت حركة الاتصالات التي تسارعت في الساعات الاخيرة، قد أشّرت الى انّ الملف الحكومي ليس مقفلاً بالكامل، والتي سُجّل خلالها حضور للمدير العام اللواء عباس ابراهيم على الخطوط المعنية بتأليف الحكومة، في محاولة لخفض مستوى التصعيد، وتدوير زوايا الخلاف بين عون والحريري.
وعلمت «الجمهورية»، انّ الاطراف المعنية (بعبدا وعين التينة وبيت الوسط) تبدو متجاوبة مع وساطات تهدئة الأجواء، والتي يمكن ان تتطور الى ترتيب لقاءات قريبة، يمكن ان تعكس اجواء ارتياح خلال فترة الاعياد. واما ما يتعلق بالملف الحكومي، فلم تصل حركة الاتصالات الجارية الى بلورة مساحة مشتركة بينهما، خصوصا وأنّ زوايا الخلاف ما زالت حادّة وغير قابلة للتدوير بسهولة. فرئيس الجمهورية حاسم حتى الآن في اصراره على 7 وزراء مسيحيين (يسمّيهم مع فريقه السياسي) في الحكومة، اضافة الى وزارة الداخلية، فيما الرئيس المكلّف يرفض بالمطلق منح الثلث المعطل لأي طرف سياسي في الحكومة، واقصى ما يمكن ان يقبل به هو 6 وزراء لرئيس الجمهورية وفريقه السياسي.
خطوة مقابل خطوة
وكشفت مصادر واسعة الاطلاع لـ»الجمهورية»، أنّ حركة الإتصالات هذه مدفوعة من جهات سياسية نافذة، والغاية الاساسية منها هي الدفع في اتجاه ان يتقدّم كلٌ من الرئيسين عون والحريري خطوة في اتجاه الآخر، لعلّ ذلك يفضي الى طي هذا الملف وولادة الحكومة خلال فترة لا تتجاوز نهاية السنة الحالية، الّا انّ هذا المسعى لم يلق استجابة حتى الآن.
واشارت المصادر، الى أنّ لـ»الثنائي الشيعي» دوراً أساسياً في هذا المجال، ينطلقان فيه من قاعدة «كثرة الدقّ على الحديد يمكن ان تفك اللحام»، خصوصاً وأنّ وضع البلد بلغ حدّ الميؤوس منه، وينذر بعواقب وخيمة، ينبغي تداركها بتشكيل حكومة تطمئن اللبنانيين، وتحرف وضع البلد عن المسار الكارثي الذي يسلكه.
ملء فراغ
الى ذلك، وصفت مصادر سياسية مطلعة الحراك الجاري، بأنّه «لا يعدو اكثر من محاولة لملء الفراغ في الوقت الضائع، فلا شيء جديداً، ولا توجد نقاط معقّدة كبيرة بين عون والحريري، والخلاف على تشكيل الحكومة محصور في أمر وحيد، هو مطلب رئيس الجمهورية بـ»الثلث المعطل» ووزارة الداخلية، وعندما تُحلّ هذه المشكلة تسلك الحكومة طريقها فوراً الى الولادة».
الّا أنّ المصادر نفسها لا تستطيع ان تؤكّد او تنفي ما اذا كان هناك سبب اضافي في تأخير ولادة الحكومة، مرده الى أنّ الرئيس المكلّف غير متحمس لتشكيل الحكومة قبل انتهاء ولاية الادارة الاميركية الحالية، خشية ان يتعرّض لعقوبات ما، وبالتالي هو ينتظر من الآن وحتى ما بعد 20 كانون الثاني المقبل.
نقطة ضوء
على انّ البارز في موازاة ذلك، هو ما كشفته مصادر موثوقة لـ»الجمهورية»، وهو التعويل على ما تسمّيها «نقطة ضوء» ما زالت موجودة، تتمثل بحسب المصادر، في ما اكّدت عليه تأكيدات ديبلوماسية اوروبية وردت بالتوازي مع حركة الاتصالات الداخلية، بأنّ باريس ومعها دول الاتحاد الاوروبي لن تترك لبنان يسقط.
هذه التأكيدات، بحسب معلومات «الجمهورية»، تلقتها مستويات سياسية ومفادها، انّه لن يُسمح لمن يعطّل تشكيل الحكومة بأن يضحّي هؤلاء بلبنان بالطريقة التي يقاربون فيها الملف الحكومي، وتجاهلهم لهول الكارثة الاقتصادية والمالية التي يعانيها.
ووفق المصادر الموثوقة، فإنّ هذه التأكيدات وردت عبر قنوات سياسية وديبلوماسية، والجديد – القديم فيها، أنّ لا خوف على لبنان طالما أنّ المبادرة الفرنسية موجودة، وما زالت الفرصة المؤيّدة من كل المجتمع الدولي، لإخراج لبنان من أزمته. وبالتالي لا مفرّ أمام اللبنانيين من الانصياع في نهاية المطاف الى هذه المبادرة والعمل بمندرجاتها، ذلك انّ هامش الخيارات امامهم صار معدوماً، ويفترض انّهم يدركون هذه الحقيقة. واذا كان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون قد خضع لعارض صحي طارئ جراء إصابته بوباء كورونا، إلاّ أنّ ذلك لم يحلْ دون استمرار باريس في متابعة مساعيها على الخط اللبناني، وتحديداً عبر مستشار الرئيس الفرنسي باتريك دوريل الذي يدفع باتصالات في غير اتجاه.
الراعي
الى ذلك، كان لافتاً أمس، تصدّر بكركي المشهد السياسي – الحكومي، عبر الزيارة التي قام بها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الى القصر الجمهوري ولقائه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وكذلك في استقباله في الصرح البطريركي رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، الذي اعلن من بكركي «اننا توافقنا على ضرورة ان تُشكّل الحكومة بسرعة»، مشيرًا الى «انّ الحكومة تنتهي في وقت قصير جداً، فور اعتماد معايير واحدة موحّدة»، وقال: «لليوم لم نضع اي شرط او مطلب سوى التعامل بالتساوي والتأليف على اساس الدستور والتوافق الوطني».
ونفت مصادر كنسية لـ»الجمهورية»، أن يكون البطريرك الراعي يقوم بدور الوساطة بين الرئيسين عون والحريري، ولفتت الانتباه الى انّ الراعي استمع الى وجهتي نظر الرئيسين، وكانت له وجهة نظره التي يشدّد من خلالها على التعجيل بتشكيل حكومة تريح اللبنانيين وتتدارك الوضع المأساوي في لبنان.
وقد افيد بأنّ اللقاء امس، بين عون والراعي، والذي يأتي غداة لقاء البطريرك بالرئيس المكلّف، تركّز في معظمه على البحث في الملف الحكومي، وانّ رئيس الجمهورية استعرض امام البطريرك كل ما احاط ملف تأليف الحكومة، مع تشديده على وحدة المعايير التي يُفترض ان تُعتمد، وصولاً إلى تشكيل حكومة فاعلة وقادرة على تنفيذ مهمة الإنقاذ المنتظرة منها».
وافيد ايضاً، بأنّ البطريرك الراعي عبّر عن الأمل في ان يتمّ تشكيل الحكومة في اقرب وقت، فالوضع كما هو واضح صار شديد الصعوبة، والمواطن اللبناني صار خائفاً، وانعدمت قدرة تحمّله، واعرب عن الأمل في أن يُستأنف التواصل بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف لوضع الامور في نصابها الصحيح. وافيد في هذا السياق، بأنّ رئيس الجمهورية جدّد تأكيده بأنّ لا وجود لأي مشكل بينه وبين الحريري، خلافاً لما يجري ترويجه من قِبل بعض المغرضين، وانّه على استعداد للقاء الرئيس الحريري في أي وقت. ونقل عنه قوله: «نستطيع ان نلتقي في اي لحظة».
وقال الراعي بعد اللقاء: «كنت أتمنى أن نعيّد السنة بوجود حكومة جديدة، لأنّ البلد لم يعد يحتمل، ومهما كانت الظروف من الضروري حصول تفاهم بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف وفقاً للدستور وتأليف حكومة، لأنّها المدخل إلى الإصلاح».
أضاف: «نحن ضدّ الحملة على رئيس الجمهورية، إذ يجب عدم التعرّض في الإعلام للكرامات والاحترام فوق كل اعتبار. الحكومة هي السلطة التنفيذية ولا يجوز في ظلّ الأوضاع الضاغطة ان يبقى البلد على حكومة تصريف اعمال، وطلبت من الرئيس الحريري عندما التقيته، إطلاعي على سبب التأخير في التأليف».
وقال: «الشعب اللبناني جائع ومدمّر، وهذا سبب أساسي لتأليف حكومة لأنّها سلطة تنفيذية يجب أن تكون موجودة، فمن غير الطبيعي أن تستمر حكومة تصريف الأعمال كل هذا الوقت والبلد يقع في الشلل».
بكركي: إرتياح
الى ذلك، عكست اوساط بكركي جواً من الارتياح، بعدما وضع البطريرك يده على اكثر من مُعطى يمكن البناء عليه لاستئناف مساعي تأليف الحكومة. ووصفت لقاء الساعة ونصف الساعة في بعبدا بالايجابي، نتيجة دخول الراعي وعون في الكثير من التفاصيل.
وحسم مقرّبون من بكركي النتيجة كما قرأها سيّد بكركي بأنه «ليس وسيطاً بين مسؤولين عن مهمة وطنية كبيرة»، وهو يتحرّك باعتباره «يريد حكومة اختصاصيين مستقلّين خالية من اي حق للفيتو الذي يترجمه «الثلث المعطّل» عندما يَناله أيّ طرف. وهو يُطالب بما يريده اي لبناني، وتحديداً بـ «حكومة تخدم الشعب». ووفق الآلية الدستورية التي تقول انّ الرئيس المكلَّف يعرض التشكيلة ويتفق عليها مع الرئيس.
ومصادر بعبدا تفنّد اللقاء
واعتبرت مصادر بعبدا ليلاً، عبر «الجمهورية»، اللقاء بأنه كان صريحاً وودياً. ففي بدايته أطلع البطريرك الرئيس على نتائج زيارته الى روما وحصيلة اللقاء مع البابا فرنسيس، باعتباره اللقاء الأول بعد هذه الزيارة. وتوقف عند قراءة الفاتيكان للوضع في لبنان وحجم القلق الذي عبّر عنه قداسته تجاه ما يحصل في البلاد، ولا سيما التطورات التي تعزز هذا القلق ومعاناة اللبنانيين. كما لفت الراعي الى انه تطرّق معه في احتمال تَلبيته الدعوة الى زيارة لبنان، فاعتبر انها ما زالت واردة لكن لا مواعيد محددة لها حتى اليوم .
بعدها، تحدث البطريرك عن نتائج زيارة الرئيس الحريري الى بكركي وما أثير من نقاط، ولا سيما تلك التي تتصل بتشكيل الحكومة، ووجهة نظره من المعوقات التي حالت دون عملية التأليف الى اليوم.
من جهته، ردّ رئيس الجمهورية باستعراض كل ما رافَق الجولات الـ12 التي دارت في بعبدا مع الرئيس الحريري وما شهدته من أخذ ورد بشأن عملية التأليف. وتوقف عون عند الملاحظات التي أبداها تجاه فقدان وحدة المعايير التي اعتمدت بالنسبة الى عملية إسقاط الاسماء على الحقائب، وبالعكس، وشرح له كيفية توزيع الحريري للاسماء على الحقائب وطريقة اختيارهم، والتي أدت الى توقف عملية التأليف في ظل الملاحظات التي حرص عليها رئيس الجمهورية ولم يلتزم بها الرئيس المكلف.
وانتهت هذه المحادثات الى تفاهم على ضرورة الاسراع في عملية التأليف وتفعيل الاتصالات واستئناف اللقاءات مع الرئيس الحريري، والتي في ضوئها يمكن تحديد الخطوات التالية، بحيث تُبنى على ما يمكن ان يتحقق في المرحلة اللاحقة.
وعلم انّ خطوات عملية سيشهدها الاسبوع المقبل بعد ان تستكمل الإتصالات خلال عطلة نهاية الاسبوع، خصوصا انّ الاتصالات الأولية أوحَت بوجود اكثر من نقطة مشتركة يمكن ان تشكّل مساحة تشجع على المضي في هذه الوساطة…
وانتهت المصادر لتقول انّ البطريرك بات على عِلم بوجهتي نظر عون والحريري، وهو سيواصل مساعيه مع مجموعة اخرى من الشخصيات السايسية، وربما سيتشاور تحديداً مع الرئيس الحريري إن لم يكن التواصل قد حصل عبر حركة الموفدين الممثّلين لهما، والذين رَتّبوا اللقاء الذي شهدته بكركي قبل يومين، والذي شكل انطلاقة لحراك البطريرك ومساعيه الحميدة.
«التيار»
الى ذلك، وحول لقاء الراعي مع باسيل، قالت مصادر التيار الوطني الحر انه تمّ الاتفاق على وحدة المعايير التي تتطلب المساواة بين الأطراف السياسية كافة، والاحتكام الى الدستور من دون ابتداع أعراف جديدة أو التذرّع بأعراف سابقة، واكدت انّ الصيف والشتاء تحت سقف واحد غير مقبول في التأليف، ما يعني أنه لا يجوز طلب لوائح إسمية من بعض الكتل ولا نطلب من غيرها».
زكي
الى ذلك، شدد الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي على «انّ لبنان لديه من إرادة العمل والبناء ما يجعله قادراً على تسيير عجلة الحياة وسط أصعب الظروف»، مؤكداً انّ «الرصيد الأهم في لبنان يبقى إرادة اللبنانيين، ومحبتهم الهائلة للحياة، وإيمانهم الشديد بوطنهم رغم التحديات.»
وتابع: «إنه رصيد رائع حقاً، ولكنه ليس بلا حدود. فدعونا نأمل ألا ينفد قبل أن يخرج لبنان من أزمته، ويستعيد وجهه الذي نعرفه، ويستعيد أبناؤه ثقتهم فيه وفي اقتصادهم وجهازهم المصرفي بعد كل ما حدث. وجميعنا يعلم أنّ الثقة تُبنى في وقتٍ طويل، وبجهدٍ جهيد، ولكنها تُفقَدُ سريعا. لذلك، نقول انّ بداية العلاج ينبغي ألا تتأخر لأنّ مشوار استعادة الثقة لن يكون قصيراً أو هيّناً، وبداية العلاج هي في تشكيل الحكومة المنتظرة وخروجها الى النور. ونأمل ان يحدث ذلك في وقت قريب لأنّ التاخر في تشكيل الحكومة قد يؤدي الى تداعيات سلبية لا احد يريدها، لا اللبنانيين ولا الدول المحبّة لهذا البلد التي تريد ان تساعده» .
تَباين أميركي – فرنسي
في هذا السياق، أعدّت وكالة «رويترز» تقريراً حول الوضع اللبناني، أشارت فيه الى انّ وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أوضح في زيارة الى باريس الشهر الماضي «أنّ واشنطن غير راضية عن إستراتيجية فرنسا للمساعدة في حل الأزمة الاقتصادية والسياسية في لبنان».
ولفت التقرير الى أنّ اعتراض الولايات المتحدة على خطة ماكرون هو على «حزب الله»، الذي تقول فرنسا انه منتخب وله دور مشروع».
واشار التقرير الى انه «خلال مأدبة عشاء في باريس الشهر الماضي مع 8 سفراء، بعضهم سفراء دول أوروبية، أوضح بومبيو أنّ واشنطن ستفرض المزيد من الإجراءات إذا كان «حزب الله» جزءاً من الحكومة»، وفقاً لشخصين مطّلعين على زيارته».
وبحسب تقرير رويترز فإنه «بالنسبة الى الإدارة الأميركية المنتهية ولايتها، فإنّ اتخاذ موقفس صارمٍ من «حزب الله» يمثّل أمراً حاسماً لإثبات أنّ سياستها العامة في الشرق الأوسط، بما في ذلك سياسة الضغوط القصوى على إيران، فعّالة. وقال 3 دبلوماسيين: إنهم لا يتوقعون أن يغيّر الرئيس المنتخب جو بايدن السياسة بسرعة، نظراً إلى طبيعة موقف الولايات المتحدة القائم على دعم الحزبين الجمهوري والديمقراطي والأولويات الأخرى للإدارة الجديدة.
وفيما ذكرت رويترز بأنّ بايدن قال: إنه يخطط للتراجع عن سياسة الضغوط القصوى للرئيس دونالد ترمب على إيران، والتي وصفها «بالفشل الخطير»، الّا أنّ مصادر مطلعة على تفكيره قالت إنه لن ينأى بنفسه عن استخدام العقوبات.
ورداً على التأكيدات بأنّ الولايات المتحدة غير راضية عن الجهود الفرنسية، قال مسؤول رئاسي فرنسي إنّ الرئيس دونالد ترامب وبومبيو عبّرا بوضوح في عدة مناسبات عن دعمهما للمبادرة الفرنسية لتشكيل «حكومة جديرة بتلقي المساعدات الدولية.»
وأضاف المسؤول انّ الولايات المتحدة شاركت في مؤتمرين للمانحين نظمتهما فرنسا، ما يؤكد دعمها.
وقال 3 مسؤولين فرنسيين إنّ باريس لم تكن راغبة في البداية في اضطلاع الحريري بهذا الدور(تشكيل الحكومة)، بعد أن فشل في السابق في تنفيذ إصلاحات. لكن في ظل عدم إحراز تقدم في تشكيل حكومة ذات مصداقية، لم يعارض ماكرون الترشيح.
وفي غضون ذلك، وجد ماكرون نفسه وحيداً وهو يوجّه اللوم إلى السياسيين اللبنانيين للتقاعس عن التزاماتهم». فقال: «حتى اليوم، لم يتم الوفاء بهذه الإلتزامات حتى الآن، لا يوجد ما يظهر أنها كانت أكثر من مجرد كلمات، وهذا ما يؤسفني».
واشار التقرير الى انه «كان من المقرر أن يعود ماكرون في زيارة ثالثة يوم 22 كانون الأول، لكنه أرجَأ الرحلة يوم الخميس بعد أن ثبتت إصابته بفيروس كورونا، وسيحلّ قائد الجيش فرانسوا لوكوانتر مكان الرئيس في زيارة القوات الفرنسية على الأرض، بينما قال مسؤول مشارك في تنظيم الزيارة إنّ ماكرون قد يتحدث هاتفياً مع الرئيس عون، لكن لا توجد خطط أخرى في الوقت الحالي».
خطوة مُستغربة!
وفيما عدّاد «كورونا»يواصل تسجيل ارقام صادمة بالاصابات، حيث سجل امس 2051 اصابة، فإنّ عَدّاداً من نوع آخر يواصل حقن البلد بإرباكات اضافية.
إذ أنه في الوقت الذي ما زال فيه المشهد الداخلي يشهد تخبطاً رهيباً حول التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، وما رافقه من اشتباك اتخذ منحى سياسياً وطائفياً ومذهبياً عنيفاً، جرى بالأمس فتح ملفٍ آخر، طُرحت علامات استفهام حول الغاية منه، وكذلك حول توقيته الذي يتزامَن من حركة الاتصالات التي تجري للتقريب بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري، بُغية إخراج الملف الحكومي من حلبة التعقيد، والتي برز فيها دور أساس للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، وتجلى هذا الملف في مبادرة النائبة العامة الإستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون التي قدّمت شكوى لدى قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان نقولا منصور في حق مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان والعميد حسين صالح بتهمة الإخلال بالواجب الوظيفي. وبنيت الشكوى على ما وصفته منع المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي مفرزة الضاحية من معاونة القاضية عون في التحقيقات التي تجريها (مع الصرّافين) حول التلاعب بالدولار المدعوم.
وقال مواكبون لهذه المسألة: انّ هذه الخطوة، وبمعزل عن اسبابها، ليست جيدة لا للقضاء ولا لمؤسسة قوى الامن الداخلي. فالمعالجات تكون بطريقة هادئة، وليست بطريقة مُستغربة في الوقت الراهن المُلَبّد سياسياً وطائفياً، والذي لا يحتمل اي استعراضات ولا بطولات ولا عنتريات ولا حركات فولكلورية ولا أي محاولة تسجيل نقاط.