على أي أساس سيتم ترسيم الحدود البرية قبل انتهاء الحرب؟ الميدان مشتعل والعمليات العسكرية مستمرة، وواقع الأمر أن هذه الحرب ستغير المعالم والأمور صعبة جداً.
عن هذا السؤال يجيب أحد القادة الميدانيين في المقاومة ساخراً: “اذا احتلينا أراضي أكثر وتقدمنا، فنرسم عندهم، واذا تقدموا باتجاهنا فنرسم عندنا”، في اشارة الى أن هذا الأمر سابق لأوانه، وأن الميدان هو الذي يحدد مسار الأمور. لكن طالما العمليات الحربية تلتزم الخط الأزرق ولا توغل برياً من الجهتين، يبقى السؤال: أي مفاوضات سيجريها الموفد الأميركي آموس هوكشتاين؟ وعلى ماذا؟ فهل ما يتردد لا يعدو كونه كلاماً بكلام، أم هو تحضير لمرحلة ما بعد الحرب؟
يقول مصدر بارز في الثنائي لموقع “لبنان الكبير”: “هناك زيارة غير مؤكدة سيقوم بها هوكشتاين الى بيروت لكن ليس للحديث عن تطبيق الـ ١٧٠١ لأننا ربما نكون قد وصلنا الى ١٧٠٢ أو ١٧٠٣، والزيارة اذا حصلت لا تعني أنه سيحقق انجازاً ما أو سيتوصل الى تسوية، ففي المرة السابقة التي زار فيها لبنان في السابع من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي موفداً من الرئيس الأميركي لاحتواء التصعيد الأمني ومحاولة الضغط على حزب الله لالتزام الاستقرار في الجنوب، كان لدى الحزب ٣٠ شهيداً، اليوم فاق العدد الـ ١٣٠، العمليات لن تتوقف، والسيد حسن نصر الله قال الميدان هو الذي يحدد مسار المعركة، الحرب انطلقت من أجل غزة فلماذا تتوقف قبل انتهاء الحرب على غزة؟”.
ويؤكد المصدر أن كل الأطراف في لبنان لها مصلحة في وقف هذه الحرب بالتأكيد ولكن ليس على مزاج الاسرائيلي الذي يتمنى تحويلها الى شاملة، حتى الآن لا تزال الأمور مضبوطة، صحيح أن العدو تجاوز القواعد، لكنه لم يتخطَ المحظور.
ويجزم المصدر بأن لا مفاوضات بدأت لا بالوساطة ولا بغيرها مع العدو، وكل المسؤولين العرب والأجانب الذين تطوعوا لابلاغ لبنان رسائل تحذيرية، طلب منهم الضغط على إسرائيل لتطبيق القرار ١٧٠١، ووقف خروقها واعتداءاتها على لبنان. واعادة احياء هذا القرار مرتبط بمدى التزام اسرائيل بتنفيذه، مع العلم أنها يستحيل أن تلتزم ببنوده وخصوصاً تلك المتعلقة بوقف تنفيذ طلعاتها الجوية في سماء لبنان، لاستطلاع تحركات الحزب ولضرب أهداف سورية. والخلاصة: لا حل سياسي ولا ديبلوماسي في المدى المنظور، و”حزب الله” لن يتراجع ولا شيء في حساباته أغلى من الأرواح التي تسقط على تلك الجبهة.
ويتوقع المصدر أن يتحدث هوكشتاين في موضوع الترسيم البري وليس فعلياً في تطبيق الـ ١٧٠١ لعلمه أن إسرائيل ليست في وارد تنفيذه، وسيقترح أفكاراً لتبريد الأجواء، واستطلاع الرأي حول الترسيم البري أو ما اتفق على تسميته لبنانياً “تثبيت الحدود”، وهو يدرك أن لا الظروف العملانية ولا السياسية ولا العسكرية تسمح بهذا الأمر حالياً.
لبنان له مصلحة في هذا التفاوض يقول المصدر، وسيشترط انسحاب اسرائيل من الأراضي المحتلة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وقرية الغجر وحل النقاط الـ ١٣، والموقف الرسمي اللبناني متمسك بالـ١٧٠١، الذي تخرقه اسرائيل منذ أن أبصر النور، وكل ما يسجل ضدنا هو نتيجة هذا الخرق الاسرائيلي، مع الأخذ في الحسبان من هو المأزوم فعلياً أكثر، فبالنسبة الينا المأزوم هو الاسرائيلي، ويكفي أن نشاهد صورة التشييع في القرى الحدودية كيف تحتشد فيها الجموع، مقابل مستوطنات أشباح .
“خيارنا خوض مواجهة اشغالية، ونعلم أنها لن تحصل في أجواء صافية وclean hands، على الرغم من أنها بضوابط معينة. أصبحنا على عتبة الـ١٥٠ شهيداً لكن عدونا لديه المئات وهذا ما ستؤكده الحقائق لاحقاً بأن لديه خسائر كبيرة في الأرواح، عدا عن تهجير ما بين ١٦٠ و٢٠٠ ألف نسمة أصبحوا عبئاً عليه لأنهم لا يريدون العودة. ومجرد تحرك الأميركي يعني أن اسرائيل مأزومة، وواهم من يعتقد أن قلبه علينا لتحييدنا انما يتحرك من أجل اسرائيل”.
ويضيف المصدر: “المشاغلة قائمة طالما العدوان مستمر على غزة، وعلى هامش المشاغلة وضمن ضوابط معينة يمكن الحديث عن الترسيم البري وفق مقتضيات المصلحة اللبنانية. الحل على الحدود هو انسحاب من الأراضي المحتلة أولاً وبعد الانسحاب تبرم الاتفاقيات. وموقف لبنان موحد بالنسبة الى هذا الملف والرئيس (نبيه) بري قال لن نزيح عن حدودنا قيد أنملة، ما يعني أن الضغط والتفاوض يجب أن يحصلا مع اسرائيل واجبارها على الانسحاب. بالنسبة الينا اسرائيل محتلة لأراضينا وعليها أن تنسحب هذا هو باب الكلام، لا أحد يفرض علينا واقعاً لا مصلحة لنا فيه، ونظرية كلما طال أمد الحرب ارتفعت احتمالات التصعيد غير صحيحة، لأن التصعيد قرار وليس انفعالاً، ولا قرار بالتصعيد”.
ليندا مشلب – لبنان الكبير