في ظل الانهيار الذي أصاب مؤسسات الدولة وقطاعاتها المختلفة، باتت الأجور هشّة أمام التضخّم المستورد والذي نسبته ٨٠ في المئة في لبنان، ويدفع ثمنه المستهلك. التضخم المرتفع ألقى بثقله على القوّة الشرائية، خصوصاً في القطاعات الأساسية مثل التعليم والصحة والغذاء، فبحسب أرقام إدارة الاحصاء المركزي، ارتفعت الأسعار ٤١ ضعفاً فيما ارتفع سعر الدولار ٥٩ ضعفاً.
تعتبر أزمة الأجور المتدنية بين القطاعين العام والخاص الهمّ الأكبر الذي يجمع الغالبية الساحقة من الموظفين اليوم جرّاء الأزمة الاقتصادية، خصوصاً أنها لم تترافق مع آلية دورية لمراجعة الأجور، بل أعطيت زيادات استنسابية في القطاعين العام والخاص تحت عنوان المساعدة الاجتماعية. ففي القطاع الخاص جرى رفع الحد الأدنى للأجور من ٦٧٥ ألف ليرة، أي ما يعادل ٤٥٠ دولاراً قبل الأزمة الاقتصادية، إلى تسعة ملايين ليرة، أي ما يعادل ١٠٠ دولار، وهذا لا يعني شيئاً مقارنة بالغلاء الفاحش، فالعائلة المكونة من ثلاثة أشخاص تحتاج إلى ضعفي هذا المبلغ لتأمين حاجاتها الأساسية فقط.
في هذا الاطار، تعمل الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام على دراسة لتصحيح الأجور بما يتناسب مع معدلات التضخم العالية، بالاضافة إلى إيجاد حل لأزمة المودعين التي تتفاقم منذ العام ٢٠١٩، ولكن حرب غزة وتطورات الجنوب فاقمت الوضع، وأعادت البلد إلى نقطة الصفر بعد أن شهد نمواً اقتصادياً ولو بطيئاً، فهناك مؤسّسات عدّة تراجع رقم أعمالها بحدود ٧٠٪ كقطاع السياحة، وأيضاً القطاعات التجارية تراجعت بحدود ٥٠٪، لذلك يجب الأخذ في الاعتبار هذا الواقع والاصرار على الحوار مع الهيئات الاقتصادية لإنتاج حد أدنى جديد في المرحلة المقبلة.
وأصدرت الهيئات الإقتصادية برئاسة الوزير السابق محمد شقير والاتحاد العمالي العام برئاسة بشارة الأسمر بياناً مشتركاً، أعلنا فيه توصلهما إلى اتفاق في ما خص الأجور وبدل النقل، قضى برفع بدل النقل من ٢٥٠ ألف ليرة إلى ٤٥٠ ألف ليرة عن كل يوم عمل إسوة بالقطاع العام، بالاضافة إلى البحث في موضوع الأجور في فترة لاحقة، فهل هذه الزيادة كافية؟
الأسمر: حلول نهائية لقضية المودعين قريباً
بشرى سارة زفّها الأسمر للمودعين عبر “لبنان الكبير” بأن لا حلول مجتزئة لقضيتهم ، بل هناك حلول نهائية وستطبق بخطوات تدريجية قريباً، والأجواء تُبشر بالخير.
أما بالنسبة الى القطاع الخاص وزيادة بدل النقل إلى ٤٥٠ ألف ليرة (١٠ ملايين في الشهر)، أي أنه أصبح أكثر من الحد الأدنى للأجور (٩ ملايين ليرة) فاعتبره الأسمر غير مقبول أبداً، قائلاً: “سيجري استئناف العمل من خلال جلسة للجنة المؤشر الأسبوع المقبل للنظر في إعادة تقويم الحد الأدنى للأجور، ووضع القرار موضع التنفيذ، وتقديم مشروع مرسوم من الوزير مصطفى بيرم، ورفعه إلى مجلس الوزراء كي يصدر المرسوم ويصبح صالحاً للتنفيذ”.
وبعد وصول معظم القطاعات الاقتصادية إلى الحدود الدنيا بالتزامن مع التوترات الأمنية على الحدود الجنوبية، اقترح الأسمر رفع الحد الأدنى للأجور إلى ما يساوي ٥٠ مليون ليرة، بعدما طرح حاكم مصرف لبنان عملية توحيد سعر الصرف الدولار (٨٩٥٠٠ ليرة)، وأمام هذا السعر لا بد من إعادة تقويم للرواتب إن في القطاع الخاص أو القطاع العام.
“في القطاع العام هناك نظام حوافز وكنا سنطبقه، ولكن هذا النظام مع الـ ٦ رواتب الاضافية على الراتب ليست من صلب الراتب، ولا تنعكس بأي شكل على تطور راتب الموظف ولا على تعويضه، وهنا أيضاً أشمل في هذا القطاع بصورة أساسية القطاعات العسكرية” بحسب الأسمر، الذي أوضح أن “ما أطرحه حول الحد الأدنى ينطلق من الواقع الذي نعيشه، وأقوم بعملي ومسؤوليتي لأصل بطريقة معينة الى مكان أرضي فيه بحد أدنى العامل، من دون أي أعباء يمكن أن تشكل خطراً على الكتلة النقدية ونعود الى معادلة يلي بزيدهم بيدفعهم العامل بفرق الدولار!”.
راما الجراح – لبنان الكبير