العشاء العائلي الذي جمع الزعيمين وليد جنبلاط وسليمان فرنجية في منزل الأول أمس، يمكن أن يتحول إلى نموذج في مسار كسر الجليد في الحركة السياسية، بهدف إنهاء القطيعة التي تحكُم العلاقات بين القيادات السياسية والحزبية، وتُعطل إمكانية الوصول إلى حلول معقولة ومناسبة للأزمات التي يتخبط فيها البلد، وفي مقدمتها الشغور في رئاسة الجمهورية.
في تاريخ لبنان الإستقلالي لم تحصل مثل هذه القطيعة الشاملة بين الأطراف السياسية، رغم الخلافات التقليدية، والتباعد بينهم حول الخيارات في السياسة الخارجية، كما هو حاصل اليوم، حيث كان التواصل يستمر، سواء بالزيارات الشخصية، أو الإتصالات الهاتفية، أم بواسطة موفدين ووسطاء المساعي الحميدة، لتبادل الآراء ووجهات النظر، في إطار البحث عن الحلول للأزمات، أو على الأقل التوصل إلى مخارج مؤقتة ومرحلية، تجنباً لوقوع الدولة في شرك التعطيل، كما يجري هذه الأيام، بسبب سياسة المعاندة والمكابرة والمكايدة التي تمارسها القيادات السياسية ضد بعضها، والذهاب بعيداً في الصراعات الحزبية، التي غالباً ما تتحول إلى معارك شخصية، تزيد الأمور تعقيداً.
وإذا كان من المتعذر التوصل إلى توافقات على المشاكل والأزمات التي تطوق البلد، فالحكمة تقتضي العمل على التعاطي مع الملفات الأكثر إلحاحاً، على طريقة الخطوة خطوة، بحيث يتم الإنتقال إلى ملف جديد، كلما تم التوافق على الملف المطروح قبله.
مع إمكانية تعليق البحث في الملف الذي لا يتم التوافق عليه، والإنصراف إلى ما يمكن التلاقي حوله في الملفات الأخرى.
ولعل نجاح تجربة التمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون، في جلسة نيابية تشريعية، بعد التقاطع الذي حصل بين كتل نيابية متباعدة في مواقفها السياسية، نتيجة مشاورات ومباحثات أخذت الوقت المناسب لتذليل ما إعترضها من عقد وعقبات، يمكن إعتمادها في ملفات أخرى، في حال إستمرت الإتصالات والمشاورات بين الأطراف السياسية، لمعالجة المشاكل الأكثر إلحاحاً، وإنهاء هذا الدوران في دوامة الخلافات المزمنة، والتي تهدد وجود الدولة، وتُلحق أفدح الخسائر بالبلاد والعباد.
الوطن بحاجة إلى قادة من نوع رجال السياسة الذين يتجرأون على إتخاذ المبادرات الشجاعة لإنقاذ البلد من الأزمات المتسارعة والمتراكمة، ولو على حساب بعض التضحيات الأنانية والفئوية.
صلاح سلام – اللواء