بقيت العيون شاخصة على الجبهة الجنوبية في ظل تصعيد إسرائيلي ملحوظ خلال اليومين الماضيين طال القرى والبلدات المحاذية لفلسطين المحتلة وتجاوزها الى مناطق بعيدة نسبياً عن الحدود، ما يؤشر الى نية إسرائيلية مبيتة بالتمهيد لعمل عدوانيّ بعد إقفال الطرق الدبلوماسية بضبط جبهة الجنوب ورفض عروض الموفد الأميركي أموس هوكشتاين خلال زيارته الأخيرة الى لبنان، وإعلان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بأن لا تهدئة قبل وقف العدوان على غزة، والاستعداد لخوض أي حرب إسرائيلية على لبنان بلا سقوف وضوابط. الأمر الذي يفتح الباب على كافة الاحتمالات وفق ما تشير مصادر سياسية لـ»البناء»، من ضمنها تسخين الجبهة وتوسيع العمليات الحربية والانزلاق الى مواجهات أكثر عنفاً قد تذهب الى حرب شاملة تريدها حكومة بنيامين نتنياهو كوسيلة إنقاذ للهروب من مستنقع أزماتها. ونقلت مصادر «البناء» عن جهات دبلوماسية وأمنية أوروبية ترجيحها أن تتراجع حدة العمليات الحربية الإسرائيلية في غزة خلال الشهر المقبل، وهذا يتلاقى مع التقديرات الأولية للقادة الأمنيين والعسكريين الإسرائيليين بأن الحرب على غزة تحتاج الى ستة أشهر، أي أن شهر آذار سيكون فاصلاً في وقف إطلاق النار أو وقف العمليات العسكرية والبرية بالحد الأدنى، وفتح مسار المفاوضات بشكل جدي لتبادل الأسرى.
وتنقل المصادر عن الجهات نفسها مخاوف من أن تتوسع دائرة العمليات العسكرية على الحدود الجنوبية خلال الفترة الفاصلة عن وقف الحرب في غزة، لأن رئيس الحكومة الإسرائيلية يعاني من مأزق كبير في غزة، وضاقت به السبل لتغيير المعادلة الميدانية لصالح جيش الاحتلال بعد الفشل في تحقيق الأهداف والانقسام بين أعضاء فريق الحرب، لذلك من مصلحته نقل المواجهة إلى لبنان والقيام بضربة جوية مفاجئة لقرى في الجنوب لتوجيه رسالة أمنية لحزب الله لجرّه لحرب شاملة، ما لا يسمح بإعادة استدراج الجهود الدولية للبحث عن تسوية تشمل غزة والحدود الشمالية مع لبنان، وإعادة إحياء قنوات التواصل بين الحكومة الإسرائيلية وأوروبا.
وعلمت «البناء» أن التواصل مفقود بين فرنسا ودول الاتحاد الأوروبي مع الحكومة الإسرائيلية ومع نتنياهو تحديداً منذ حوالي الأسبوعين، بسبب الامتعاض الأوروبي من سياسات نتنياهو وتعنته ورفضه لكل المساعي والجهود لوقف إطلاق النار ومسلسل المجازر بحق المدنيين في غزة، نظراً لما تشكله من إحراج وضغط من الرأي العام على الحكومات الأوروبية، وهذا يتلاقى مع ما نقلته صحيفة «واشنطن بوست» عن مسؤولين في الإدارة الأميركية بأن الرئيس الأميركي أقفل الهاتف في وجه رئيس حكومة الاحتلال خلال اتصال هاتفي بينهما.