تتسارع الاحداث العسكرية في منطقة البحر الاحمر، وتزداد معها قرارات شركات النقل البحري بأنها ستتوقف عن عبور باب المندب بسبب المخاطر العالية، وبأنها ستسلك طريق القرن الافريقي لايصال البضائع. هذا التطور قد ينعكس على لبنان المأزوم أصلاً من خلال أمرين: إما انقطاع للبضائع والمحروقات، أو ستبقى متوفرة في الاسواق لكن سيتأخر وصولها بسبب طول المسافة، وسترتفع اسعارها بسبب ارتفاع كلفة النقل والتأمين. فأي سيناريو سيعيشه اللبنانيون في القادم من الايام؟
أبي حيدر: لا نقص في البضائع وارتفاع أسعارها لن يتجاوز 7%
يجيب مدير عام وزارة الاقتصاد الدكتور محمد ابي حيدر «نداء الوطن» بالقول: «هناك نقطتان من المهم القاء الضوء عليهما. الاولى أن هناك شركات شحن توقفت عن نقل البضائع الى المنطقة، وقد اعلنت ذلك ببيانات رسمية بسبب ما يجري في البحر الاحمر. والثانية هي ارتفاع اسعار النقل والتأمين على السفن بسبب الحرب»، موضحاً بأن «هذا يعني أنه سيحصل ارتفاع في الاسعار. ومن خلال متابعاتنا مع نقيب مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي أكد انه لغاية الآن لم تتأثر شركات استيراد المواد الغذائية سلباً في ما يخص الشحن، وأن طريق البواخر التي تأتي الى لبنان لا تزال تعبر باب المندب ولم تتم زيادة اسعار التأمين».
ويجزم ابي حيدر»بعدم فقدان للبضائع من السوق اللبناني، لأن الشركات منذ بداية الاحداث استوردت كميات تكفي 3 اشهر. ولكن حالياً تتهيأ هذه الشركات للاستيراد لتغطية حاجة السوق في شهر رمضان القادم، وهذا يعني أن تعرفة التأمين والنقل أعلى»، مشدداً على أن «مهمتنا في الوزارة حالياً هي مراقبة المستوردين قبل مراقبة نقاط البيع، وحين نلمس ارتفاعاً للأسعار أكثر من 7 بالمئة (وهي الزيادة التي طرأت على كلفة النقل والتأمين) ستتخذ بحق المستوردين كل الاجراءات القانونية. لكن الى اليوم لا انقطاع لأي سلعة ولا ارتفاع للأسعار بسبب الازمة الحاصلة في باب المندب».
ويختم: «أرسلت نقابة مستوردي المواد الغذائية كتاباً الى الوزارة، اعلمتنا فيه أن كلفة الشحن والتأمين سترتفع في المرحلة المقبلة، لأن الكثير من السفن ستسلك طريق القرن الافريقي. وهذا يعني أننا قد نشهد ارتفاعاً في الاسعار بعد نفاد الكمية الحالية في السوق، ونحن سنقوم بدورنا ولكن الارتفاع أعود وأكرر لن يتجاوز الـ7 بالمئة».
بحصلي: تأخير في وصول البضائع والزيادة بين 5 و 15%
من جهته يوضح رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي لـ»نداء الوطن»، أنه «منذ بداية الاحداث أكدنا أن موضوع النقل البحري حساس وخطير ويجب متابعته. لكن لن يحصل انقطاع في البضائع بل تأخير في وصولها الى لبنان لأن طريق السفن طالت (زيادة بين 15و 20 يوماً على الموعد المعتاد لوصولها الى لبنان عبر باب المندب)، وهذا يمكن ان يؤدي الى نقص مرحلي للبضائع الى حين وصول البضائع الجديدة».
يشدد بحصلي على أن هذه «المشكلة ستتزامن مع موعد شهر رمضان المبارك، حيث يطلب التجار كميات كبيرة لكي تصل في الوقت المحدد، والبضائع التي كان من المفروض أن تصل في بداية شهر الصوم قد تتأخر، وهذا ما قد يؤثر سلبا على التاجر لجهة تصريف البضائع الموسمية في الوقت المحدد لها»، مؤكداً «حصول ارتفاع في الاسعار بسبب ارتفاع كلفة الشحن التي ضاعفت اسعارها، وقد صرّح سابقاً أن الارتفاع قد يكون بين 5 و 15 بالمئة بحسب نوع البضاعة، وكل شركات الشحن رفعت كلفة النقل بين 100 و 150 بالمئة وسيكون هناك ارتفاع ايضاً في اسعار التأمين».
براكس: لا تأثير كبيراً بعد على أسواق النفط
ماذا عن المحروقات خصوصاً ان أغلب ناقلات النفط تمر عبر باب المندب؟ يجيب رئيس نقابة أصحاب محطات المحروقات جورج براكس»نداء الوطن» بالقول: «في الوقت الحاضر، الكميات متوفرة لأن الشركات المستوردة منذ بداية الاحداث في 7 اكتوبر أخذت احتياطاتها لتأمين الكميات الكافية لحاجة البلد، تخوفاً من تدحرج الاحداث وامتداد الحرب الى لبنان»، معتبراً أن «ما يحصل في البحر الاحمر وضع الامور بمكان آخر. بمعنى أن هناك عدداً كبيراً من البواخر التي تنقل النفط يومياً تمر من باب المندب (75 باخرة). في الوقت الحاضر، بما أنه ليس هناك اشتباك مباشر، والحوثيون لا يستهدفون الا البواخر التموجهة الى اسرائيل، فهناك جزء من البواخر لا يزال يعبر باب المندب وجزء آخر يفضل سلوك طريق القرن الافريقي للوصول الى البحر المتوسط (اي اجتياز 3700 ميل بحري اضافي)». ويجزم بأن «هذا له انعكاساته السلبية على اسعار التأمين (في لبنان زادت على طن المحروقات 7 دولارات) وارتفاع اسعار النقل بسبب طول المدة والمصاريف الاخرى، وهذا ما اثر على اسعار السلع في كل الدول العالم وخاصة في أوروبا، وسيساهم في زيادة التضخم العالمي واسعار السلع الاستهلاكية في هذه البلدان وفي تراجع القدرة الشرائية».
يلخص براكس المشهد كالتالي: «هناك جهات تسعى لخفض اسعار النفط بسبب التراجع في النمو على المستوى الدولي، وهناك خلاف بين منظمة اوبك وبعض الدول العربية المنضوية لجهة خفض الانتاج ( انغولا والعراق) وايران تضخ كميات زيادة (240 الف برميل يومياً). اي ان العرض أكثر من الطلب في الاسواق»، لافتاً الى أنه «من جهة اخرى هناك عوامل تساهم في رفع سعر النفط، ومنها التخوف من حصول تصعيد في البحر الاحمر. مما سيرتد سلباً على اقفال هذا الممر الحيوي وتراجع في كميات النفط التي تصدر الى دول العالم».
باسمة عطوي – نداء الوطن