مثل كل شيء في لبنان، ما ان يتم الحديث عن أزمة او تصعيد أمنى معين وان كان في الموزامبيق، حتى يتصيّد تجار السوق السوداء الفرصة ويسارع هؤلاء الى زيادة أسعار الغذاء والدواء والماء وحتى الملبوسات؛ بالإضافة الى قطاعات غير متصلة لا من قريب او من بعيد بالأحداث التي تجري في المنطقة او البحر الأحمر؛ ويتذرع بها أصحاب المصالح لتضخيم الأسعار بطريقة اعتباطية. صحيح ان المواجهات العسكرية في منطقة باب المندب تتصاعد يوما بعد آخر، لكن الشركات المستوردة ما زال لديها فائض من السلع والمواد الغذائية التي شحنت قبل نحو 3 أشهر تقريبا أي بالتزامن مع بدء التوترات الأمنية والمواجهات العسكرية في فلسطين المحتلة والمناطق الحدودية الجنوبية والمستمرة منذ 7 تشرين الأول 2023.
قرار بالتوقف!
بالموازاة، ألمحت شركات النقل البحري بالامتناع عن عبور باب المندب خوفا من المخاطر جراء الهجمات التي يشنها الحوثيون على السفن في البحر الأحمر والتي اثرت على عمل الملاحة، فكان لهذه الضربات انعكاسات على حركة التجارة العالمية. والجدير ذكره، ان البحر الأحمر يتعرض لتحدٍ يعتبر الأخطر والاكبر منذ نهاية الحرب الباردة، لا سيما وان التطورات الأخيرة واعمال التصعيد بينت عن الاهتزاز الأمني الإقليمي المتعلق بهذا المسلَك المائي الحيوي والاساسي، ولا غنى عن هذا المنفذ في عمليات التبادل التجاري ونقل البضائع.
الاقتصاد اللبناني امام مزيد من المخاطر
يجمع الخبراء على ان شن مزيد من الهجمات في المنطقة عموما يمكن ان يزعزع ما تبقّى من أعمدة الاقتصاد المحلي الهشّة وحتى العالمي؛ خاصة بعد الضربات الجوية التي نفذتها الولايات المتحدة وبريطانيا قبل أيام على مواقع تعود للحوثيين في اليمن وجاء ذلك ردا على هجمات جماعة الحوثي اليمنية.
في موازاة ذلك، اعتبر مراقبون ومحللون في مجال السياسة والاقتصاد، “ان المواجهات العسكرية قد تلحق الأذى بالاقتصاد العربي والعالمي عموما واللبناني خصوصا، لان شن الصواريخ من شأنه ان يقلّص من حركة الملاحة في قناة السويس ومنطقة البحر المتوسط وهذا حتما سيؤدي الى تضخم في أسعار البضائع جراء ارتفاع كلفة النقل والتأمين”.
“رمضانيا” السوق مضبوط!
في شأن يتّصل بأسعار السلع وتوافر المواد الاستهلاكية خلال شهر رمضان المبارك، أكد مدير عام وزارة الاقتصاد الدكتور محمد أبو حيدر لـ “الديار”: “بعدم فقدان للبضائع من السوق اللبناني، وقد تم طلب كل طلبيات شهر رمضان وهناك شركات لا تزال تعبر البحر الأحمر وأخرى توقفت بسبب المخاطر. أضاف، نقوم بمراقبة المستوردين لكي نعرف كم ستبلغ تكلفة شِحْنات هؤلاء؛ وهناك بعض السلع التي يجب الا يزيد سعرها ابدا لأنها لم تتعرض لأي تسعيرات إضافية من قبل شركات الشحن”.
وتابع موضّحا، “يوجد سلع من بعض الدول التي قررت ان تسلك طريق القرن الافريقي وهو الابعد بهدف إيصال البضائع، فعمدت الى زيادة بوليصة التأمين والشحن. لذلك سنعمل على رصد المستورد والسوبرماركت لنمنع هؤلاء من انتهاز الفرص لرفع الأسعار بطريقة غير منطقية وغير ذات وجه حق”.
وختم قائلا: “لقد اعطينا التعليمات لمراقبي حماية المستهلك لمراقبة كل مراحل سلسلة التوريد بدءا من المستورد مرورا بتاجر الجملة فتاجر المفرق وصولا الى السوبرماركت خلال هذه الفترة لنبقى في الجانب الآمن ولإحالة المخالفين الى القضاء المختص”.
الأسعار “طارت” والمتاجر تسعر بالليرة
ولمعرفة حقيقة ما يجري داخل المتاجر والسوبرماركت استقصت وراقبت “الديار” على مدى أسبوعين أسعار السلع، وزاد سعر بعض المواد الاستهلاكية بنحو 15 و20% فمثلا: كرتونة البيض تحتوي على 15 بيضة كانت تباع بـ 3.15 دولارا أصبحت اليوم بـ 4.49 دولارا، علبة الحمص الصغيرة كان ثمنها 0.40 أصبح بـ 0.99 دولارا، صبغة للشعر من ماركة لوريال كان يبلغ سعرها 5 دولارات بات اليوم بنحو 7.80 دولار. وكيس الفاصوليا سعة 400 غ كان بـ 1.40 بات بحوالى الـ 2.30 اما كيلو اللحمة الحمراء المفرومة فكان يباع بـ 4.60 فأصبح ب 6 دولارات اما كيلو الهبرة فوصل الى 18 دولار، عبوة الحليب السائل كانت 0.99 بات سعرها بـ 1.60 دولار؛ أيضا سعر كيس البرغل الخشن وزن 400 غ كان يتراوح ما بين 0.80 و0.90 بات اليوم بحوالى 1.40 دولار، ومتاجر تبيع الصنف والعلامة التجارية نفسيهما بحدود الـ 2.20.
أسعار الخضر تنافس أسعار اللحوم
اما بالنسبة للخضر والحشائش فتبين انها تنافس أسعار اللحوم والدجاج، وكالعادة التمسنا تفاوتاً “فاضحاً” بالأسعار ما بين متجر وآخر وحتى ما بين شارع وآخر وقد سجلت الخضراوات في الأسواق اللبنانية ارتفاعات قياسية تجاوزت في بعضها الـ 30% بالمقارنة بأسعار الأسبوعين المنصرمين. اذ سجل سعر البصل 70 الفا في حين ان سعره كان قبل أيام 40 الفا، وارتفع سعر الخسة من 90 الفا الى 120 ووصل سعر الجزر الى 80 الفا للكيلو الواحد بعد ان كان بحدود الـ 40، والبندورة بـ 75 الفا بعد ان كان يتأرجح سعر الكيلو قبل أيام بين 50 و55 الفا، والبطاطا بـ 90 وكان يباع الكيلو بـ 40 و60 الفا. وكان صادما سعر كيلو الفريز “انتاج محلي” والذي بلغ 400 ألف ليرة لبنانية. ولامست رزمة البقدونس الـ 50 الفا وتباع في متجر صغير بنحو 15، كذلك الامر بالنسبة لضمة الروكا والنعناع والهندباء”.
في الخلاصة، تتفاوت الأسعار ما بين منطقة وأخرى ومتجر وآخر لكن الثابت في كل ما تقدم ان عائلات كثيرة تفتقد القدرة المادية لشراء الاحتياجات الضرورية من الغذاء. وطبقا “للدولية للمعلومات” فإن أكثر من ربع سكان لبنان أصبحوا ما دون خط الفقر. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل فكرت الحكومة في هؤلاء او كيف سيتحملون عناء شهر رمضان الكريم والصوم الكبير؟
ندى عبد الرزاق – الديار
Follow Us: