تواجه الكتل النيابية، خاصة المسحية، إختباراً جديداً هذا الأسبوع في جلسات الهيئة العامة لمناقشة موازنة ٢٠٢٤، التي أنجزتها حكومة تصريف الأعمال ضمن المهل القانونية، وأحالتها إلى مجلس النواب، حيث أشبعتها لجنة المال والموازنة بحثاً وتمحيصاً بنداً بنداً، وأدخلت عليها العديد من التعديلات الجوهرية، حرص رئيس اللجنة النائب إبراهيم كنعان على وضعها أمام الرأي العام، خطوة خطوة، من باب تأكيده على قواعد الحوكمة والشفافية في التعاطي مع أهم إستحقاق مالي في تسيير أمور البلاد والعباد.
بغض النظر عن الإختلافات السياسية التقليدية بين الأحزاب السياسية وكتلها النيابية، يمكن القول أن كنعان وأعضاء اللجنة المالية، والنواب الاخرين الذي شاركوا في إجتماعات مناقشة الموازنة، قد جهوداً مضنية لإدخال التحسينات الممكنة على المشروع الحكومي، محاولين التوفيق بين متطلبات المالية العامة، وحاجتها إلى الأموال اللازمة لتأمين نفقات الدولة، وخاصة رواتب القطاع العام، من موظفين مدنيين وعسكريين، وبين قدرة المواطنين على تحمل أعباء الزيادات الضريبية الكبيرة، والتي تتضلعف معظمها عشرة أضعاف على الأقل، في حين البعض الآخر وصلت إرتفاعاته إلى ثلاثين مرة، قياساً على إرتفاع سعر الدولار من ١٥٠٠ ليرة، إلى ٩٠ ألف ليرة.
ولكن هذا الجهد الإستثنائي معرض للضياع، في حال لم تشارك الكتل النيابية المسيحية في جلسات مناقشة الموازنة، بسبب موقفها المعلن منذ حصول الشغور الرئاسي، بحجة عدم جواز التشريع بغياب رئيس الجمهورية. الأمر الذي يضع هذه الكتل أمام إختبار محرج لمعرفة مدى حرصها على الحفاظ على ما تبقى من مقومات الدولة، وإحترام ما أمكن النصوص القانونية، وخاصة فيما يتعلق بموضوع ذات أهمية قصوى، مثل إقرار الموازنة، لإعادة الإنتظام إلى مالية الدولة، ولو بالحد الأدنى على الأقل.
تأمين النصاب ليس بأهمية حضور الكتل المسيحية الكبيرة جلسات الموازنة، والعمل على إقرارها بالتعديلات المهمة التي أدخلتها عليها لجنة المال النيابية، وإلا فإمكان الحكومة إصدارها بمرسوم، وفق القوانين المرعية الإجراء، لأن الإحالة الحكومية لمشروع الموازنة تمت ضمن المهل القانونية.
فهل يتحمل مقاطعو «تشريع الضرورة» المسؤولية الوطنية في هذه المرحلة الصعبة، أم أن سياسة العناد والمكايدة ستبقى هي السائدة في لعبة التعطيل المدمرة؟
صلاح سلام – اللواء