كتبت صحيفة “الأخبار”: ينتفض وليد جنبلاط مستغرباً استهجان محدّثه، إذ يسأله عن تأييده لحركة حماس في غزة. فـ”فلسطين قضيتي منذ أيام كمال جنبلاط، وهذا مكاني وموقفي الطبيعي”. ويبتسم ساخراً إذا ما ذُكّر بشعار “لبنان أولاً”، فـ”الوقت تغيّر عن الأيام التي رفعنا فيها هذا الشعار السخيف أيام ما يُسمى بـ 14 آذار”.على مقعده الوثير، بين الجرائد والكتب وقُصاصات الصحف المتناثرة من حوله، يغمض عينيه منتشياً بـ”أبطال حماس الذين دحروا كل النظريات العسكرية والأمنية في العالم والاستعلاء الغربي والإسرائيلي”، مستشهداً بانطباعات “أستاذي” وليد الخالدي بأن يحيى السنوار “سيُعلَّم في المدارس العسكرية حول العالم”. ويضيف: “لا يمكن لأحد أن يقضي على شعب. تلقّيت عتباً من عرب وغربيين بسبب تأييدي لحماس. أنا أؤيد حماس الفلسطينية لا الإخوان المسلمين. 80% من الفلسطينيين مسلمون وخرجت حماس منهم. هل عليهم أن يغيّروا دينهم؟”.
يلفت الزعيم الاشتراكي إلى أن “عملية 7 تشرين صادفت تماماً في الذكرى الخمسين لحرب 6 تشرين 1973 عندما اجتاحت الجيوش العربية إسرائيل. ما حدث قبل نصف قرن انتهى بتسوية على حساب الانتصار العسكري. أما ما يجري اليوم فكبير جداً في وجه الاستكبار الغربي والإسرائيلي. حتى لو توقّفت الحرب غداً، ستكون هذه جولة. هناك أجيال من العرب والغربيين تعرّفوا مجدّداً إلى فلسطين، بعدما كنا قد غرقنا في مفاوضات لا تنتهي. أما حلّ الدولتين فقد شبع موتاً لأنه لم تعد هناك أرض أساساً لإقامة دولة عليها”.
يتفهّم جنبلاط مبدأ “وحدة الساحات” لمشاغلة إسرائيل، وهذا “عظيم في العراق وسوريا”، لكن “لا أوافق على ما يفعله الحوثيون. صحيح أن اليمنيين هم الشعب العربي الوحيد الذي تحرّك فعلياً لنصرة الفلسطينيين، لكن ما يجري في البحر الأحمر لا يضعف إسرائيل ولا يوصل إلى نتيجة”. ويوضح أن “أكبر الخاسرين من عرقلة الملاحة في البحر الأحمر هو مصر. بغضّ النظر عن ملاحظاتنا على أداء القاهرة، ليس من مصلحتنا أن تنهار مصر المحاصرة، اليوم، من إسرائيل، ومن ليبيا، ومن إثيوبيا التي تحوّلت إلى محمية إسرائيلية وصولاً إلى الصومال. الأميركي مش فارقة معو. ما يفعله اليمنيون يدفع كل الشركات الكبرى إلى تجنب قناة السويس، ويضعف الصين، الصديقة للعرب، لأن جزءاً كبيراً من تجارتها يمرّ عبر هذه المنطقة. كما أنه، بشكل موارب، يعزّز مشروع الممر الاقتصادي بين الشرق الأوسط وأوروبا والهند المعادية للعرب، على حساب قناة السويس. هذا رأيي”.
جنبلاط الذي دعا في بداية الحرب إلى عدم انجرار لبنان إليها، مقتنع بأن “حزب الله وإيران لا يريدان الحرب، والأداء في الفترة السابقة يشير إلى ذلك. لكن في إسرائيل اليوم مجانين. رئيس حكومة مجنون وجنرالات مجانين. لذلك لا يمكن التكهّن في مسار الأمور. وهم قالوا إن الحرب ستكون طويلة”. وهو يتفهّم أنه “لم يكن بمقدور حزب الله إلا أن يتدخّل ليساند غزة. أما مطالبته اليوم بالحياد في المعركة، وهو في خضمّها، فأمر غير ممكن لأنه ينبغي أن يكون لذلك ثمن”. وفي السياق، يؤكد أن “التنسيق قائم مع الحزب”، كما أن “العلاقة مع إيران جيدة. ولبّيت دعوة عشاء في السفارة الإيرانية قبل يومين”.
الحديث عن “مقايضة” بين وقف إطلاق النار والملف الرئاسي، أمر “لا أحد يتحدّث فيه. والقصة أساساً أكبر من ذلك”. أما ما يُحكى عن تحرّك مستجدّ للجنة الخماسية في ملف الرئاسة، فقد عبّر عنه جنبلاط في تغريدة أمس على “موقع X”، بنشر صور لعازفين ونوتات موسيقية للمؤلّف الموسيقي فرانز شوبرت، مع تعليق: “الخماسية الرئاسية. المهم الدوزنة”. ودوزنة الخماسية هي أن “تصبح زائداً واحداً”، في إشارة غير مباشرة إلى أن لا جدوى من كلام عن تحريك الملف الرئاسي ما دامت إيران خارج اللجنة.
ورغم أن الملف الرئاسي خارج حسابات الدول اليوم، يشدّد جنبلاط على ضرورة انتخاب رئيس “لتسيير شؤون الدولة. منذ عامين نراوح مكاننا وننتظر اتفاق المسيحيين. بالنسبة إليّ، لا موقف شخصياً لي من أحد. أسير بأيّ كان لملء المنصب، ولا مشكلة لي بالسير في انتخاب سليمان فرنجية أو غيره. أعلم أن هذا قد لا يكون موقف بعض أعضاء اللقاء الديمقراطي. لكنّه موقفي”. وأضاف: “لا يُعقل أن نستمر هكذا بعدما أصبح كل شيء بالإنابة. وحسناً فعلنا بالتمديد لقائد الجيش، رغم أنه ليس قادراً بعد على السفر لعدم وجود رئيس للأركان، لأن العقبة عند وزير الدفاع. وقد بلغني أنه كانت هناك أجواء إيجابية في اليومين الماضيين في هذا الشأن”.
بعض “الخطاب المسيحي” الأخير عن الفيدرالية والتقسيم لا يخيف جنبلاط “لأن هذا هو الموقف نفسه دائماً ولا جديد فيه”. أما في ما يتعلق بالخلاف المستجدّ مع تيار المستقبل حول ملف المُدَّعى عليها أمل شعبان، بعدما أعفاها وزير التربية عباس الحلبي من مهامها، فيأسف جنبلاط لكون “موقف تيار المستقبل موقفاً من الماضي. ما فعله الوزير طبيعي طالما أن هناك تحقيقاً في ملف فساد بملايين الدولارات. لكنّ المشكلة أن شعبان قريبة السفير فوق العادة لسعد الحريري في موسكو”، نافياً وجود أيّ اتصال مع الحريري منذ الانتخابات النيابية الأخيرة.