قبل أيام عُقد لقاء بين وفد من «حزب الله» وممثل بكركي وليد غياض (المسؤول الإعلامي)، حيث امتدت بنود جدول الأعمال من الحدود الى الداخل.
ليس خافياً انّ هناك خلافاً عميقاً بين البطريركية المارونية و»حزب الله» حول مقاربة ملفات اساسية عدة، لكن الجانبين يبديان في الوقت نفسه حرصاً على استمرار الحوار بينهما، سعياً الى إيجاد مساحات مشتركة او أقلّه تنظيم الخلاف اذا تعذّر التفاهم.
وعلى رغم انّ العلاقة الثنائية مرّت خلال بعض الأوقات في «منخفض سياسي»، كانت ترافقه «عواصف رعدية»، الّا انّ الحزب وبكركي كانا يسارعان الى احتواء التوتر وإعادة ضبط العلاقة على إيقاع الاحترام المتبادل، انطلاقاً من إدراك كل منهما لما يمثله الآخر في تركيبة التوازنات اللبنانية.
ومع بدء العدوان الاسرائيلي على غزة وتمدّد مفاعيله إلى جبهة الجنوب، ظهر بوضوح انّ «حزب الله» والكنيسة المارونية يفترقان في مقاربة الوضع المستجد، إذ انّ الأول قرّر إسناد الشعب الفلسطيني ومقاومته عسكرياً عبر إشغال جيش الاحتلال في شمال فلسطين المحتلة، وذلك لأسباب أخلاقية واستراتيجية، فيما دعت الثانية الي الالتزام بالقرار 1701 وعدم زجّ لبنان في الحرب بأي شكل من الأشكال.
ومع ذلك، لم تنقطع خيوط التشاور التي تربط الضاحية ببكركي، حيث عُقد الاثنين الماضي اجتماع ضمّ المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض ووفداً من الحزب برئاسة مسؤول الملف المسيحي ابو سعيد الخنسا.
وتؤكّد مصادر بكركي، انّ الحوار مع الحزب لم ينقطع اصلاً، «ولكنه يبقى في الظل حيناً ويخرج الى الضوء حيناً آخر»، مشيرة إلى انّه جرى خلال اللقاء الأخير البحث في حرب غزة ومواجهات الجنوب والمأزق الرئاسي وأمور اخرى، «حيث شرح كل طرف مقاربته للتحدّيات الراهنة بكل صراحة ومسؤولية».
وتلفت المصادر، الى انّه وبمعزل عن الحصيلة الفورية للنقاش، الّا انّ استمرار التواصل هو في حدّ ذاته مهمّ وضروري، «على أمل أن يفضي تباعاً الى نتائج إيجابية والّا يبقى فقط في إطار تبادل الأفكار».
وتشدّد مصادر البطريركية المارونية على أنّ الحوار الداخلي واجب إلزامي، «لأنّ احداً لا يستطيع الغاء او تغييب الآخر، وفي نهاية المطاف فإنّ الحزب الذي يمثل شريحة وازنة، هو شريك لنا في الوطن شئنا أم أبينا، ومن غير الجائز تجاهل هذه الحقيقة»، منبّهة الى انّ المقاطعة او المكابرة لا توصل إلى أي مكان.
وتوضح المصادر، انّ غياض أبدى أمام وفد الحزب قلقاً من احتمال تطور المواجهات على الحدود الجنوبية إلى حرب واسعة لا يستطيع لبنان المنهك والمستتزف ان يتحمّل كلفتها ووطأتها، داعياً الى حماية البلد من هذا الخطر، مع تأكيد حق الدفاع المشروع عن النفس ودعم الشعب الفلسطيني في قضيته العادلة.
وتوضح مصادر بكركي، انّ غياض لم يشعر من الوفد بأنّ هناك تهوراً او انفعالاً لدى الحزب في التعاطي مع الوضع الجنوبي بل لمس حكمة وحرصاً على محاولة تفادي الحرب الشاملة.
وبالنسبة الى الاستحقاق الرئاسي، توضح المصادر انّه جرى عرض للتعقيدات التي لا تزال تعترض إتمامه ولمساعي إعادة تحريكه مجدداً، مع تشديد مشترك على ضرورة إنجازه في أقرب فرصة حتى يعود الانتظام الى الدولة.
عماد مرمل – الجمهورية