كتبت “اللواء” تقول: كادت «الهرطقات» التي جرت داخل القاعة لدى التصويت على مواد موازنة العام 2024، تطيح بالارتياح العام لدى قطاعات واسعة من اللبنانيين، الذين تابعوا ما صدر عن محكمة العدل الدولية ضد اسرائيل، وتوجيه الأمر لها باتخاذ ما يلزم من تدابير لوقف اعمال الابادة الجماعية في حربها ضد حماس، الامر الذي اعتبر ضمناً بمثابة دعوة لوقف النار، وإن لم تلفظه المحكمة جهاراً.
خرجت الموازنة من «براثن الكتل» التي لم تكتفِ بالسعي لتمزيقها، بل ان بعضها امتنع عن المشاركة، وغادر القاعة كنواب تكتل لبنان القوي، الذين غادروا باستثناء ثلاثة هم رئيس لجنة المال والموازنة ابراهيم كنعان، وآلان عون وسليم عون الذين واصلوا المشاركة لأسباب وصفت «بالتقنية».. بعدما رفض الرئيس نبيه بري، للأسباب الدستورية والقانونية والنظامية المعمول بها، اقتراح التكتل بالتصويت ليس على مشروع القانون الذي قدمته الحكومة، بل على اقتراح قانون قدمه «التكتل»!
التصويت
بعد رد الرئيس نجيب ميقاتي على مداخلات أكثر من 41 نائبا على مدى ثلاثة ايام بخمس جولات صباحية ومسائية ، تمكن المجلس من اقرار الموازنة بالاكثرية وليس بالمناداة او رفع الايدي، بعد اكثر من اجتماع تنسيقي على هامش الجلسة الاولى بين الرئيس بري ورئيس لجنة المال النائب ابراهيم كنعان والثاني بين نائب الرئيس الياس بوصعب وعدد من النواب، طبقا لتقرير لجنة المال والموازنة، مع اسقاط الجزء الاكبر من مواد المشروع كما جاء من الحكومة، لا سيما لجهة الضرائب والرسوم العشوائية، وسلفات الخزينة.
اما الموازنة الهدف الاساس من مشاركة المقاطعين لجلسة تشريعية في ظل الشغور الرئاسي، فتبرأ منها الجميع حكومة ونواب، وييرر من يصوت عليها بالموافقة انها «موازنة افضل الممكن في ظل الظروف القائمة وبالتالي الاسراع في اقرارها كان لابعاد شبح اصدارها بمرسوم حكومي اولا، وعدم الابقاء على المشروع كما جاء من الحكومة والذي يعتبر كارثيا ، فيما يبرر من يصوت رفضا للمشروع وان شارك في الجلسات ان مناقشة الموازنة واجب دستوري.
وباستثناء سعر صرف الدولار، تم اقرار الموازنة بعد تعديل شملت إقرار غرامات استثنائية بنسبة 17% للمستفيدين من منصة «صيرفة» غير الأفراد، كما صدّق المجلس ضريبة استثنائية على التجار الذين استفادوا من الدعم الذي أمّنه مصرف لبنان بنسبة مقدارها 10% من حجم الاعمال بما فيها شركات النفط.
كذلك، وافق المجلس على رفع البلديات للقيمة التأجيرية 10 أضعاف للمباني السكنية ولغير السكنية 10 و15 و30 بحسب الطوابق.
مع هذا، فقد زاد المجلس غرامات على المشروبات الغازية بنسبة ضئيلة.
وخلال المداولات، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي: «هذه المرة الأخيرة التي نستلم هكذا موازنة، فكل مادة تحتاج قانونين».
بدوره، قال ميقاتي: «إذا أقرينا الموازنة على سعر صرف 89 ألفاً، فستُعلن المصارف إفلاسها غداً. لذا يجب أن يحدد السعر بين المصرف والمصارف».
وكان مجلس النواب صدق المواد المتعلقة بالرسوم على المعاملات الخارجية وإخراجات القيد وضرائب على خروج المسافرين والسيارات الجديدة الصديقة للبيئة، وزادت الضرائب أضعافاً عدة.
وصدق المجلس أيضاً على المواد المتعلقة بصيانة المنشآت الرياضية في مدة زمنية تصل إلى 9 سنوات قابلة للتجديد، كما أقر المتعلقة بتعديل مواد الرسوم عموماً، والمادة ما قبل الأخيرة التي قضت بتعديل رسم الترشح للانتخابات وزيادته ليصبح 200 مليون ليرة.
وأقرّ المجلس غرامات السير في المادة 43، والتي أصبحت 10 أضعاف، كما صدق المادتين المتعلقتين بالرسوم على المشروبات الكحولية. أما المادة 46 فوضعت رسوماً على أصحاب المنتجعات البحرية، الذين يمنعون المواطنين من النزول إلى الشاطىء.
وصدق المجلس أيضاً المادة المتعلقة بنسبة الأرباح على الشركات الصناعية والتجارية، كما صدق المواد المتعلقة بضريبة الدخل.
وخلال المداولات، صدّق مجلس النواب المادة 16 المتعلقة بالضريبة المتوجبة على الحسابات، على أن تسدد الضريبة، وفقاً للسعر الذي يحدده مصرف لبنان.
كذلك، صدق المجلس المواد من 18 حتى 30، من دون تعديلو التي تتعلق منها بتسديد الضرائب والرسوم على سعر الصرف، بما فيها رسوم البلديات.
اما العنوان الابرز فجاء برد الرئيس ميقاتي على المداخلات النيابية بالوقائع والارقام، رافضا الاتهامات التي تكال من قبل البعض للحكومة ورئيسها بتجاوز صلاحيات رئاسة الجمهورية لتحويل الانظار عن مسؤولياتهم المباشرة بالتعطيل ، لان «هناك من يعتقد أن بقاءه في المشهد السياسي يكون عبر تشغيل آلة الشتم وغياب اللياقة « ليؤكد انهم « لن يستدرجوننا الى هذه اللغة ، واذ تخلل كلمته عدة سجالات مع نواب «التيار» توجه اليه بالقول «احترموا نفسكم» وختم رده بعبارة « رجاءً انتخبوا رئيسا و»حلّوا عنّا».
ميقاتي قدم جردة عمل لحكومته، سواء عندما كانت كاملة الاوصاف، او وهي في تصريف الاعمال، ليؤكد انها «سعت لوقف الانهيار بالامكانيات المتاحة، واصفا الموازنة بانها غير مثالية ولكن تحاكي الظروف السياسية والاقتصادية والامنية، وادرنا الدولة بـ 800 مليون دولار، ولدينا في الحساب 36 في مصرف لبنان أكثر من 100 الف مليار ليرة نقدا، ولدينا اكثر من مليار دولار ، منها 150 مليون فريش و850 مليون لولار، فنحن ورثنا المشاكل ولم نصنعها» .
وعن حرب غزة والعدوان الاسرائيلي على الجنوب قال ميقاتي ملتزمون بالقرار 1701 وبابعاد الحرب عن لبنان ونطالب المجتمع الدولي بوقف الاعتداءت الاسرائيلية، ومنذ اليوم الأول لبدء حرب غزة ، اعلنت أن قرار الحرب ليس بيدنا بل بيد اسرائيل، وسيعرف المنتقد والمؤيد من اللبنانيين فحوى هذه الرسالة، ونحن طلاب حل ديبلوماسي برعاية الامم المتحدة.
وحول الاتهامات الموجهة للحكومة اشار الرئيس ميقاتي ان هناك من يعتقد ان بقاءه في المشهد السياسي مرهون تشغيل آلة الشتم وقلة اللياقة واثارة النعرات، ظنا منه ان يستدرجنا للرد عليه.. انه لا يستحق لا مديحاً ولا هجاء».
واكد انه لا يصادر صلاحيات رئيس الجمهورية، مشددا اننا «ملتزمون بأن نبعد الحرب عن لبنان».
وختم: هدفنا خدمة المواطن ومصالحه، «انتخبوا رئيس وحلوا علنا».
وجدد ميقاتي دعوته الى المجلس النيابي لانتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة بأسرع وقت ممكن. مؤكدا ان «اي حجة لتعطيل مجلس الوزراء واهية؛. كاشفا اننا «استطعنا وقف الانهيار وبدأنا بالتعافي الجاد، ولدينا في الحساب 36 في مصرف لبنان اكثر من 100 الف مليار ليرة نقدا، ولدينا اكثر من مليار دولار منها 150 مليون فريش و850 مليون دولار.. واصفا مشروع الموازنة بأنه يؤسس لبدء التعافي..
الخماسية
وسط ذلك، استمر سفير المملكة العربية السعودية وليد بخاري في تحركاته من اجل التمهيد لاجتماع اللجنة الخماسية، على مستوى وزاري منتصف شباط المقبل، عبر لقاءات، وفقا لما هو مرسوم شملت امس سفراء دول مجلس التعاون الخليجي لدى لبنان، وابرزهم سفير سلطنة عمان احمد بن محمد السعيدي، وسفير قطر سعود بن عبد الرحمن آل ثاني، والقائم بأعمال سفارة دولة الكويت عبد الله الشاهين.
ومن اللقاءات، زار السفير بخاري بطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي في المقر البطريرك في الربوة، ووصفه بأجواء تحرك اللجنة الخماسية الرامية الى المساعدة على انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ضمن رؤية، واستراتيجية واضحتين على هذا الصعيد.
واعتبرت مصادر معنية ان دخول المملكة العربية السعودية رسمياً في ترتيب تسوية للملف الرئاسي امر يبعث عن الارتياح، ويوحي بالتفاؤل بإمكان احداث خرق.
ولم تعوّل المصادر كفاية على لقاء السفير السعودي والايراني، الذي من شأنه ان يكسر الجليد، وليس بالضرورة ان ينعكس بصورة عملية على المساعدة بإنهاء الشغور الرئاسي.
واعتبرت المصادر المعنية في فريق «الثنائي الشيعي» ان اللقاء الخماسي جاء على وقع اخراج الجانب الاميركي عن الملف الرئاسي، ضمن آلية تقضي: 1 – فصل الملف الرئاسي عن احداث غزة. 2 – العودة الى مبادرة الرئيس بري، لجهة الحوار والجلسات المفتوحة لغاية انتخاب رئيس للجمهورية، والانفتاح على حزب الله، والبحث بآفاق مرحلة ما بعد الانتخابات، واشارت المصادر ان «الثنائي» ما يزال على موقفه من تأييد النائب السابق سليمان فرنجية للرئاسة، ولن يطلب منه الانسحاب، او لم يطلب من اي جهة خارجية ان تتقدم على هذه الخطوة.
وأعربت أوساط سياسية مطلعة لـ «اللواء» عن اعتقادها أن اجتماع سفراء اللجنة الخماسية أعطى شارة الانطلاق للملف الرئاسي دون وضع سقف زمني لنتائج الحراك الجديد ولفتت إلى أن هذا الاجتماع أكد أهمية إنجاز الانتخابات الرئاسية وكيفية الدفع في هذا الاتجاه مع التركيز على أن المسألة بيد القيادات اللبنانية ،ولذلك كان الالتزام بالخطوط العريضة التي وضعتها اللجنة الخماسية ، نافية أن يكون البحث تطرق إلى لائحة تتصل بالأسماء.
وقالت هذه الأوساط أن سفراء هذه اللجنة شددوا على أهمية استقرار لبنان وابدوا رغبة في القيام بكل ما يلزم في المحافظة على هذا الاستقرار، وافادت أنه ستكون هناك زيارات لهم وقد تكون منفردة أو من أن كل سفير قد يعمد إلى زيارة هذه القوى السياسية أو تلك، مع العلم أن العنوان واحد وهو الدعوة إلى إجراء الانتخابات و التحضير بالتالي للمناخ المسهل لذلك.
دانييلا والكهرباء
على صعيد الكهرباء، تمكنت العاصفة القطبية الثلجية الممطرة دانييلا من اخراج كافة معامل انتاج الطاقة الكهربائية في لبنان من الخدمة، وقالت مؤسسة كهرباء لبنان ان العمل جارٍ على اعادة اصلاح الخطوط التي اصابتهما الاعطال.
تدحرج الوضع
وحول المخاوف من توسيع الحرب الدائرة على الجهة الجنوبية لم تُخفِ مصادر «قيادة شيعية من احتمال تدحرج الامور، استنادا الى مؤشرات توحي بأننا ذاهبون الى حرب شاملة، وجزمت بأن لا ثقة بأي رسائل اميركية حول سعي واشنطن لعدم توسيع الحرب، وكشفت (وهو ما اشارت اليه «اللواء» امس) من ان رسائل تهديد بهذا المعنى نقلها السفير المصري في بيروت علاء موسى، منذ ايام الى الرئيس بري.
انذارات وصواريخ معدلة
ولم يحدّ الطقس الماطر العاصف، من سوء الوضع الميداني في الجنوب، بدءًا من القرى الامامية، التي اصبحت القذائف صباحا ومساء ملازمة لها منذ 8 ت1 الماضي، بل الى قرى بعيدة في القطاعين الغربي والاوسط.
وامس، حدث اتصال معاد بأحد المنازل في الغندورية التي تصل اقضية ببنت جبيل وصور ومرجعيون ببعضها، وهدد، بقصف المنزل، طالبا اخلاء كافة المنازل، الامر الذي احدث ذعرا وحمل قسما من الاهالي الى المغادرة قبل العودة الى منازلهم.
على صعيد العمليات ردت المقاومة الاسلامية باستخدام صواريخ «فلق 1» وكورنيت المحدثة والمزودة بالكاميرات باستهداف تجمعا لجنود العدو الاسرائيلي في محيط قلعة هونين، كما استهدفت المقاومة ثكنة «معاليه غولان؛ بصواريخ «فلق 1» بالاضافة الى مستوطنة مرغليوت» بالجليل.
ومساء تعرض وادي جامول واطراف بلدات طيرحرفا والناقورة والظهيرة ويارين الى قصف معادٍ.
وليلاً شنت الطائرات الاسرائيلية غارة، على منزلين في بيت ليف، واوقعت اربعة شهداد وجريحين.
وكانت المقاومة الاسلامية استهدفت تجمعا لجنود العدو الاسرائيلي، في محيط موقع بركة ريشا، بالاسلحة المناسبة، واوقعت اصابات.
وكشفت المقاومة الاسلامية ايضا ان قوة قناصة قامت باستهداف الاجهزة الامنية التجسسية المستحدثة المرفوعة على ثكنة رعيت.