إدعى المحقق العدلي القاضي فادي صوّان بتاريخ ٢٠٢٠/١٢/١٠ على كل من رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب ووزير المالية السابق علي حسن خليل ووزيري الأشغال السابقين يوسف فنيانوس وغازي زعيتر، في قضية إنفجار مرفأ بيروت وحدد لهم موعدآ لإستجوابهم (كمدعى عليهم) وبنى إدعاءه على جرم الإهمال والتقصير(أي الإخلال بالواجبات الوظيفية المترتبة عليهم)، كما أرسل بتاريخ ٢٠٢٠/١١/٢٤ كتابآ الى المجلس النيابي اعتبر فيه أنه تبين له من خلال التحقيقات الإستنطاقية التي قام بها وجود شبهات جدية تتعلق ببعض المسؤولين الحكوميين، الأمر الذي يطرح نقاطآ عديدة تتعلق بالجهة التي يحق لها الإتهام والملاحقة لهؤلاء المسؤولين الحكوميين المتمثلين برئيس الحكومة والوزراء المعنيين.أولاً: إن الوزير لا يتمتع بحصانة تستوجب رفعها قبل ملاحقته والادعاء عليه، على عكس النائب الذي يتمتع بالحصانة النيابية المنصوص عليها في المادة (٤٠) من الدستور، علمآ أن هذه الحصانة النيابية لا تمنع من ملاحقة النائب جزائيآ ومحاسبته، ويوجد حالات عديدة تم فيها رفع الحصانة النيابية عن نواب معينين وجرت ملاحقتهم جزائيآ أمام القضاء العادي، كالنائب رفعت قزعون(عام ١٩٥٢)، النائب يحيى شمص(عام ١٩٩٤)، النائب حبيب حكيم(عام ١٩٩٩).ثانيآ: صحيح أن الدستور لا ينص على تمتع الوزير بالحصانة، لكنه ينص في المادتين (٧٠) و (٧١) على إجراءات خاصة لإتهامه وملاحقته ومن هي الجهة التي تتولى الإتهام والمحاكمة، وفي حال صدور قرار الإتهام، فإنه يكف رئيس الحكومة أو الوزير المعني عن العمل فور صدور القرار(المادة ٧٢ من الدستور)، وفي هذا السياق يقول مدعي عام التمييز السابق القاضي حاتم ماضي أنه لا يحق للمحقق العدلي أن يخاطب مباشرة المجلس النيابي، وإنما عن طريق وزيرة العدل. ثالثآ: طالما أن المحقق العدلي القاضي صوان، اعتبر في قراره أن الإدعاء مبني على الإهمال والتقصير، فإن المادة (٧٠) من الدستور تتحدث بشكل واضح وصريح عن هذا الأمر، حيث تنص على أنه في حال ارتكب رئيس الحكومة أو الوزراء الخيانة العظمى أو إخلالاً بالواجبات الوظيفية، فمجلس النواب هو الذي يتهمهم، وقرار الاتهام بحقهم يجب ان يصدر عن المجلس النيابي بغالبية الثلثين من مجموع أعضاء المجلس، أما المحاكمة فتتم أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء المؤلف من (١٥) عضوا: (٧) نواب، و(٨) قضاة.رابعآ: في هذه الحالة واستنادآ الى المادة (٧٠) من الدستور، نجد أنه يميز بشكل صريح بين الأفعال المرتكبة من قبل رئيس الحكومة والوزراء، فإذا كانت(خيانة عظمى او إخلالآ بالواجبات الوظيفية) تكون صلاحية الإتهام صلاحية حصرية وخاصة بالمجلس النيابي فقط، والمحاكمة حصرية وخاصة بالمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، أما إذا لم تعتبر كذلك، وشكّلت أفعالآ جرمية عادية(كما لو ارتكب أحدهم جريمة قتل عادية، أو إيذاء، أو دهس أحد الأفراد على سبيل المثال)، فإن القضاء العادي هو المختص بالملاحقة والمحاكمة، حيث تتم الملاحقة إستنادآ إلى الأصول والإجراءات العادية المتبعة بالنسبة لسائر الأفراد العاديين.خامسآ: إستنادآ الى التمييز الحاصل الوارد في المادة (٧٠) من الدستور بشأن الأفعال المرتكبة من رئيس الحكومة أو الوزراء، فإنه عندما تعتبر خيانة عظمى أو إخلالآ بالواجبات الوظيفية، تصبح إجراءات الملاحقة خاضعة لقانون المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء رقم (١٣) تاريخ ١٩٩٠/٨/١٨، حيث تنص المادة (١٩) منه على ما يلي: يقدم طلب الاتهام بموجب عريضة يوقع عليها (5/1) اعضاء المجلس النيابي على الاقل، ويجب أن يكون الطلب مفصلا ومعللا ويتضمن:
أ- اسم الشخص او الاشخاص المطلوب اتهامهم.
ب- العلة او الجرم المنسوب اليها.
ت- سرد الوقائع والادلة والقرائن المؤيدة. ثم تضيف المادة 20 من القانون المذكور ما يلي: فور ورود طلب الاتهام مستوفيا الشروط، يبلغ رئيس المجلس النيابي نسخة عنه الى:
أ- جميع النواب
ب- الشخص او الاشخاص المطلوب اتهامهم، ويمهلهم عشرة ايام: للاجابة عليه خطياً، لتكليف محام او اكثر بالدفاع عنه، فاذا لم يستجب، عين رئيس المجلس من تلقاء نفسه محاميا للدفاع عنه من المحامين المقيدين على الجدول العام. ويبلغ رئيس المجلس نسخة عن جواب الشخص او الاشخاص المطلوب اتهامهم، الى جميع النواب ، وذلك خلال (١٠) أيام على الأقل، قبل موعد الجلسة المخصصة للنظر في طلب الاتهام.
كذلك تتحدث المادة (٢٣) منه عن تشكيل لجنة تحقيق برلمانية من رئيس وعضوين. وعند الانتهاء من التحقيق تحيل تقريرها فوراً الى المَجلس النيابي، وتبلِّغه الى كل من ممثلي الادعاء والدّفاع ، وعلى ضوء ذلك يلتئم المجلس في جلسة خاصة بدعوة من رئيسه في مهلة لا تتعدى عشرة أيام من تاريخ إيداع لجنة التحقيق تقريرها للمجلس، تخصص الجلسة لتلاوة التقرير والإستماع الى مرافعتي الادعاء والدّفاع. وفي النهاية يتم التصويت بالاقتراع السري على الاتهام، فإذا تم التصويت بالإتهام بغالبية الثلثين يُصدر المجلس قرار الاتهام، ويحيل رئيسه القضيّة فوراً الى المجلسِ الأعلى، ويبلغ المتهم أو المتهمين قرار الإتهام. سادسآ: فور إحالة القضية أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، يباشر المجلس بالمحاكمة وعليه ان يفصل فيها خلال مدة شهر من تاريخ تبلغه الإحالة، ولا تكون جلساته قانونية إلاّ بحضور أعضائه الخمسة عشر، ويصدر قرار الإتهام بغالبية عشرة أعضاء.
أخبار عاجلة