السبت, نوفمبر 23
Banner

أزمات في الأفق

كتبت صحيفة “الجمهورية”: الخبر الابرز في الداخل أمس، كان اعلان المجلس الدستوري عدم تمكّنه من انخاذ قرار في شأن الطعن بقانون التمديد سنة لقادة الاجهزة الامنية والعسكرية، ما يعني النفاذ الحكمي لهذا القانون بالصيغة التي أقرها المجلس النيابي في جلستة التشريعية التي عقدها منتصف كانون الاول الماضي. وهو الامر الذي أحبط بشكل نهائي مسعى التيار الوطني الحر لمنع التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون. ومعلوم انّ قرار المجلس يتطلّب سبعة اعضاء، وهو ما لم يتوفر بالنظر الى وجود تباين في الرأي حول الطعن. وقد اكتقى المجلس الدستوري بإصدار بيان مقتضب قال فيه انه “عقد جلسة في مقره في الحدت، ولم يتم التوصّل إلى قرار بالطعن المقدم من “التيار الوطني الحر” بتمديد السن القانونية لقادة الاجهزة الامنية برتبة لواء وعماد لمدة سنة واحدة، فتم تنظيم محضر بالوقائع، أي بقي كل شيء على ما هو عليه”.

في موازاة ذلك، كان الداخل اللبناني يتأرجح بين وضعٍ انتظاري مفتوح بلا سقف زمني على الضفة السياسية، لما سينحو إليه الحراك الذي بدأته “اللجنة الخماسية” حول الملف الرئاسي، وبين وضعٍ متفجر على الجبهة الجنوبية تنذر المواجهات المتواصلة على امتداد خط الحدود بسيناريوهات حربية خطيرة، وبين إرباك معيشي عبّرت عنه الاعتراضات على الضريبة على القطاعات التي استفادت في الاعوام الماضية من دعم المصرف المركزي، حيث أوحَت اعتراضات الجهات المعنية باستيراد النفط والادوية والمواد الغذائية، على هذه الضريبة، وكأن البلد على مشارف أزمات في هذه القطاعات، حيث استُعيدت امس مشاهد الطوابير امام محطات المحروقات ومراكز تعبئة الغاز المنزلي.

بريطانيا على الخط

في السياسة، زيارة مقررة لوزير الخارجية البريطانية دايفيد كاميرون الى بيروت اليوم، لا تخرج عن سياق الزيارات السابقة للموفدين الاجانب، حيث انّ عنوانها الابرز هو تطورات الوضع على الحدود الجنوبية. ومعلوم انّ الموقف البريطاني متكامل مع الموقف الاميركي الرامي الى خفض التصعيد وعدم تمدد الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة الى ساحات اخرى، لا سيما لبنان.

وقالت مصادر مطلعة لـ”الجمهورية” ان هذه الزيارة قد تقررت خلال لقاءات سابقة لوزير الخارجية البريطاني مع رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي. مشيرة الى انّ المحادثات السابقة مع الوزير البريطاني عكست حرص بريطانيا على امن لبنان واستقراره وانتظام الدورة السياسية فيه، وتخوّفه من انّ امتداد التصعيد من غزة الى لبنان وكذلك الى البحر الاحمر من شأنه أن يرفع مستوى المخاطر وانعدام الامن ليس في منطقة الشرق الاوسط فحسب، بل على مستوى العالم”.

متى الخطوة التالية؟

وعلى المقلب الآخر من المشهد السياسي، يَتموضع السؤال عن الخطوة التالية للجنة الخماسية، بعد الحراك الذي بدأه سفراء دولها الخمس في الساعات الاخيرة، وعلى اي اساس سيتحرّك موفدها جان ايف لودريان في زيارته المقبلة الى بيروت؟

وإذا كان السفراء الخمسة قد أجروا محادثات وُصِفت بالإيجابية والواعدة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، فإنّ مصادر ديبلوماسية معنية بحراك “الخماسية” أكدت لـ”الجمهورية” ان هذا الحراك يرتكز على اولوية التعجيل بانتخاب رئيس للجمهورية في لبنان بمعزل عن التطورات الامنية في جبهة الجنوب، ونعتقد انّ هذه التطورات تشكل دافعا قويا للتعجيل بهذا الانتخاب، وقد نوّه الرئيس نبيه بري بالجهد الذي تقوم به اللجنة، وكان واضحا في تأكيده القيام بكل ما يمكن ان يساعد على انتخاب رئيس للجمهورية في اقرب وقت ممكن.

وردا على سؤال، قالت المصادر: الدخول في اسماء المرشحين ليس من مهمة اللجنة الخماسية، فضلاً عن انه يُربك او بمعنى يفشل مهمّة اللجنة، خصوصا ان اللجنة من بداية عملها اكدت بوضوح أن رئيس جمهورية لبنان لا يستطيع احد من الخارج ان يفرضه على اللبنانيين، ومن هنا فإن اللجنة معنية فقط في الدفع الى توافق اللبنانيين على رئيس، وليست معنية على الاطلاق بأسماء المرشحين، ولا تستطيع ان تقرر نيابة عن اللبنانيين، فهذا أمر منوط بهم وحدهم، فهم اصحاب القرار في ذلك ويقرّرون من سيختارونه لرئاسة الجمهورية.

وكشفت المصادر انّ اللجنة تشكل عامل دفع اساسي لحسم الملف الرئاسي في لبنان، وهذا ما نعبّر عنه بوضوح لكلّ الأطراف، وكذلك ستعبّر عنه اللجنة في الافكار الجديدة التي سيحملها معه السيد لودريان في زيارته الى بيروت للدفع بالملف الرئاسي الى الامام، ونعتقد انّ موعد زيارته قد اقترب، ونحن على تواصل مستمر معه.

ورفضت المصادر الكشف عن ماهية تلك الافكار الجديدة، وقالت: الاساس فيها هو تسريع انتخاب الرئيس في لبنان. ولكن يجب ان ننتبه الى مسألة اساسية وهي انّ الدول الخمس لديها ما يشجعها على التحرك نحو لبنان، ولكن هذا الامر يبقى غير كافٍ ما لم يتفاعل اللبنانيون ايجاباً مع جهود اللجنة، ما يعني ان الحل اولاً واخيراً هو بيد اللبنانيين.

وردا على سؤال عما تردّد عن تعارض اميركي وسعودي مع الحراك القطري في بيروت، قالت المصادر: كما سبق واكد سفراء اللجنة فإنّ دول اللجنة الخماسية على موقف واحد من الملف الرئاسي، غايتنا الوحيدة هي تفاهم اللبنانيين واجراء الانتخابات الرئاسية، فواشنطن، وكما لمسنا من السفيرة ليزا جونسون تشدّ في هذا الاتجاه اكثر من اي وقت مضى، وكذلك المملكة العربية السعودية التي لخّص السفير وليد البخاري اهتمامها بالملف الرئاسي بأنها تريد أن ترى لبنان وقد تجاوز أزمته وانتقل الى مرحلة الرخاء والازدهار، والخطوة الاولى لذلك تتجلى في انتخاب رئيس.

لودريان: دفع مزدوج

واذا كانت “الخماسية”، وفق ما اكدت مصادر موثوقة لـ”الجمهورية”، تراهن على استفاقة لبنانية تعجّل في حسم الملف الرئاسي، وتعتبر عدم التوافق او التفاهم بين اللبنانيين ضرباً لمصلحة لبنان”، فإنّ الاجواء الفرنسية تفيد بأنّ لودريان يحزم حقائبه للتوجه الى بيروت، من دون ان تستبعد مصادر المعلومات ان تسبقها مشاورات يجريها على خط الرياض والدوحة والقاهرة.

وبحسب المصادر عينها فإنّ موعد زيارة لودريان لم يتحدد بعد، لكنه لم يعد بعيداً، ونقلت عن مستويات فرنسية رفيعة المستوى قولها “انها تعوّل على مهمته في بيروت، ونجاحه في إقناع القادة السياسيين في لبنان بالانخراط في حل رئاسي”. ووفق ما سمعته من تلك المستويات تقول المصادر انه من السذاجة الافتراض أن لودريان سيأتي الى بيروت خالي الوفاض، بل هو آت بما يبدو انه “دفع مزدوج، حيث أنه مدفوع من جهة من اللجنة الخماسية وفق برنامج حلّ رئاسي سريع في لبنان، ومدفوع من جهة ثانية بدعمٍ وزخم كبيرين من الايليزيه، حيث ان ملف الرئاسة في لبنان في صلب اولويات الرئيس ايمانويل ماكرون، ومصمّم على ايجاد حل توافقي سريع له، إدراكاً منه لحاجة هذا البلد القصوى في ظل الظروف التي يمر بها والمنطقة لانتخاب رئيس، وهذه الاولوية توازي اولوية إطفاء التوترات وخفض التصعيد وعدم مفاقمة الوضع في لبنان، وخفض التصعيد ومنع توسّع الحرب القاسية إليه”.

هل الحوار ممكن؟

وفي وقت اكدت فيه اللجنة الخماسية انها ليست بوارد ان تطرح او تزكّي مرشحاً بعينه لرئاسة الجمهورية، تاركة لللبنانيين ان يتوافقوا على اي شخصية يختارونها حيث لا “فيتو” من قبل اللجنة على اي مرشح، أبلغت مصادر مسؤولة الى “الجمهورية” قولها ان موقف اللجنة هذا يشكل دعوة غير مباشرة للبنانيين للدخول في حوار فيما بينهم لبلوغ هذا التوافق. الحل هنا، حيث لا بد من توافق على رئيس، وهذا التوافق يتطلب حوارا، ولكن فكرة الحوار غير مُستساغة داخلياً، لأن مبدأ الحوار مرفوض من قبل جهات لبنانية فاعلة سياسيا ومسيحيا، وكم من دعوة الى هذا الحوار أطلقها الرئيس نبيه بري وكان مصيرها الفشل وعدم التجاوب مع المبادرات الحوارية”.

واضافت المصادر، وبناء على الرفض السابق للمبادرات الحوارية، وبناء على مواقف الاطراف التي لم تتبدّل من الحوار وضرورة التوافق، إنّ فكرة إجراء حوار بين اللبنانيين تبدو مستحيلة في الداخل. حتى انها لا تبدو ميسّرة في الخارج، “لأنّو ما حدا فاضيلنا بَرّا”، وتبعاً لذلك أخشى اننا سنبقى في ذات الدوامة الى ما شاء الله.

القوات والتيار

اللافت في هذا السياق، ما صدر امس عن رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، حيث اعتبر انّ “الدعوة الى حوار للتوافق على رئيس، هي كناية عن دعوة لتبنّي ترشيح الوزير فرنجية”، معتبراً “أن الحلّ الوحيد لملء سدّة الرئاسة يكمن في دعوة الرئيس بري في أسرع وقت ممكن إلى جلسة انتخابات رئاسيّة بدورات متتالية. وليتمسّك بعدها محور الممانعة بمرشّحه قدر ما يريد، ولتقم بقيّة الكتل النيابيّة برتشيح مَن تريد، ومَن يربح من خلال هذه الطريقة، سنهنئه جميعاً وسنتعاطى معه على أنّه رئيس الجمهورية الجديد”.

وفي موازاة ذلك، اعلن التيار الوطني الحر، في بيان، بعد اجتماع هيئته السياسية امس برئاسة النائب جبران باسيل، انه “مع ازدياد مخاطر توسّع الحرب في المنطقة واستمرار انسداد الأفق الرئاسي في لبنان، ارتفع منسوب الأزمات الضاغطة على حياة اللبنانيين، يُناشد التيار الكتل النيابية والسياسية لتبدأ حوارات فعلية وعملانية تُفضي في اسرع وقت الى انتخاب رئيس للجمهورية، بإرادة اللبنانيين، يحمل في شخصه المواصفات المطلوبة لهذه المرحلة. اذ انّ استمرار الفراغ الرئاسي والفوضى الدستورية في الحكومة وفي المجلس النيابي جريمة بحق الدولة التي تتفكّك مؤسساتها امام أعين العالم، ممّا يدفع باللبنانيين الى اليأس والهجرة ويسمح للعبة الدولية الخبيثة بالتعامل مع لبنان كساحة لتصفية الصراعات وحل مشاكل الآخرين”.

الجبهة الجنوبية

ميدانياً، يوم جديد من التصعيد الكبير تعيشه المنطقة الجنوبية في ظل تزايد الاعتداءات الاسرائيلية على المناطق اللبنانية، والعمليات التي يشنّها “حزب الله” على المواقع العسكرية الاسرائيلية. وشملت الاعتداءات الاسرائيلية مختلف البلدات المحاذية لخط الحدود الدولية، حيث شَن الطيران الحربي والمسيّرات الاسرائيلية سلسلة غارات جوية على بيت ليف، والخيام، اطراف مارون الراس، يارون، الوادي بين حداثا، رشاف والطيري، وبليدا. وترافَق ذلك مع قصف مدفعي طالَ الخيام، الحمامص، كفركلا، اطراف الناقورة، اطراف طير حرفا، الضهيرة، الجبين، يارين، اطراف علما، وادي حسن، مجدل زون، اللبونة، وادي حامول، اطراف عيتا الشعب، اطراف عيترون، ومنطقة المدور في اطراف ديرميماس

في المقابل اعلن “حزب الله” انّ المقاومة الاسلامية استهدفت تجمعًا ‏لجنود العدو الإسرائيلي في تلة الطيحات بالأسلحة الصاروخية، ودبابة ميركافا في موقع بياض بليدا، وتجمعا لجنود العدو في محيط ثكنة ميتات، والتجهيزات التجسسية في موقع حانيتا، ومبنى يتموضع بداخله جنود العدو الإسرائيلي في مستعمرة المطلة”.

تقليص القوات

الى ذلك، ذكرت صحيفة يديعوت احرونوت الاسرائيلية “انه “طالما انّ هناك حرباً في غزة، سيستمر “حزب الله” بإطلاق النار تجاه الشمال. فإسرائيل بحاجة الى هدنة في غزة حتى تتمكن من حل الازمة عند الحدود مع لبنان”.

واشارت الى انه “في سياق تقليص القوات على جبهات القتال، قرر الجيش تقليص قواته المتمركزة بالمناطق المتاخمة للحدود اللبنانية، وأن فرقاً أمنية محلية ستتولى عملية الاستجابة للحوادث الأمنية في هذه المناطق”.

ونقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن رئيس مستوطنة “مرغليوت” عند الحدود مع لبنان قوله: تبلّغنا اليوم (أمس) سحب قوات الجيش الإسرائيلي من داخل المستوطنات عند الحدود مع لبنان، يجب أن يكون الجيش في المقدمة والناس في الخلف لا العكس. في المرة الأولى، وبسبب الخوف من “حزب الله”، أخلَينا المستوطنات. واليوم بسبب الخوف من “حزب الله”، الجيش الإسرائيلي ينسحب من المستوطنات.

وفي تقرير نشرته صحيفة معاريف الاسرائيلية اعتبرَ مسؤول عسكري إسرائيليّ سابق أنّ “حزب الله” في لبنان يتمتع بقدرة هائلة جداً، محذّراً من “خسارة إسرائيل” ضد الحزب.

ونقلت عن اللواء المتقاعد في الجيش الإسرائيلي، جيورا إيلاند، قوله: إنّ “حزب الله” لديه القدرة على أي دولة، أي أنه عسكرياً يمكنه مواجهة الدولة القوية. كذلك، فإن “حماس” تأتي في ذات السياق الذي يرتكز ضمنه “حزب الله”.

وتابع: “إذا اندلعت حرب لبنان الثالثة غداً وقالت إسرائيل إنها تقاتل فقط ضد “حزب الله” وليس ضد دولة لبنان – فإنها في الواقع ستعلن الخسارة منذ اليوم الأول”.

ولفت إيلاند إلى أنه “ليس لدى إسرائيل القدرة على هزيمة “حزب الله” ولا ردعه”، وأردف: “القدرة التي لدينا هي تدمير البنية التحتية اللبنانية بأكملها وتدمير مدينة بيروت. إنّ منظمة “حزب الله” حسّاسة للغاية لهذه النقطة بالضبط، لأنّ الأمين العام للحزب يعرف نفسه بأنه مَنْ يحمي لبنان، وكذلك الحال مع حماس في غزة”.

وختم: “إذا واصَلنا التحدث باللغة الخاطئة وواصلنا القول إننا نقاتل منظمة إرهابية، فسوف نرتكب خطأ. يجب على إسرائيل أن تعلن الحرب على دولة ما، فهذه هي الطريقة الوحيدة للردع ومنع الحرب. إذا اندلعت هذه الحرب، فهذه هي الطريقة الوحيدة لكسبها في وقت قصير”.

في سياق متصل، أعلن رئيس مجلس مستوطنة المطلة دافيد أزولاي، امس، عن تضرّر 130 منزلاً في المطلة من أصل 650 منذ بداية القتال مع “حزب الله” في الشمال. ونقلت “القناة 12” الإسرائيلية عنه قوله: “هناك شوارع كاملة في المطلة لا يمكن الدخول إليها أو التجوّل فيها إلا في الليل؛ خوفاً من صواريخ “حزب الله”.

وكان أزولاي قد أكد سابقاً أنّ جميع البنى التحتية المدنية في المستوطنات الإسرائيلية الواقعة ضمن مسافة 4 كيلومترات من الحدود مع لبنان لا تعمل، بسبب الاستهدافات التي يواصلها “حزب الله”.

وقالت عضو الكنيست السابقة عن حزب “هناك مستقبل” نيرا شافيك: إنّ “هناك حرباً عصرية في الشمال”، فـ”حزب الله” احتل المستوطنات في الشمال من دون إدخال أي قوة”.

عقوبات

من جهة ثانية، اعلنت وزارة الخزانة الاميركية انها أصدرت عقوبات على شركتين لبنانيتين هما: شركة “هايدرو” لتأجير معدات الحفر لارتباطها بالحرس الثوري الايراني، وشركة “يارا اوفشور” لارتباطها بـ”حزب الله”.

Leave A Reply