الأحد, نوفمبر 24
Banner

من الحماقة الرهان على انهيار الدولار

الوضع المأساوي للدولار هو القضية الرائجة الآن. انخفض مؤشر الدولار الواسع نحو 10 في المائة منذ منتصف آذار (مارس). وتتوقع معظم البنوك والمتنبئون استمرار هذا الاتجاه، ويرى بعضهم أن الدولار سينخفض بنسبة 20 في المائة أو أكثر في 2021.

بطبيعة الحال، لو كان هذا مضمونا، لكان قد حدث الآن. ونحن نعلم على وجه التحديد عندما تكون جميع الأموال الذكية في جانب واحد من السوق، يكون هناك خطر أكبر لأن تتحرك الأسعار في الاتجاه الآخر.

هناك أربع حجج حول سبب استعداد الدولار للانخفاض. أولا، كونه عملة ملاذ آمن، يقوى الدولار عندما ترتفع حالة عدم اليقين، مثلما حدث في آذار (مارس). الآن، مع طرح اللقاحات، فإن أسوأ حالة من عدم اليقين المتعلقة بكوفيد هي الآن وراء ظهورنا.

لكن هذه الأخبار المتعلقة باللقاح موجودة بالفعل في السوق. قد يكون هناك بعض عدم اليقين المتبقي بشأن تصنيع وتوزيع وتناول اللقاحات، لكن بالتأكيد لا يكفي لتبرير انخفاض إضافي بنسبة 20 في المائة في الدولار.

ثانيا، هناك إجراءات مستمرة خاصة بالتسهيل النقدي من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، الذي هو أكثر جرأة من البنوك المركزية الأخرى في توسيع ميزانيته العمومية. لكن تلك البنوك المركزية الأخرى لم تنته من إجراءاتها. يبدو أن البنك المركزي الأوروبي على وجه الخصوص متردد في قبول قوة إضافية لليورو وأشار إلى أنه سيتخذ الإجراءات للحد من ارتفاع قيمة العملة.

ثالثا، هناك عجز في الميزانية المزدوجة والحساب الجاري لأمريكا. يجب أن يتم تمويل هذا عن طريق استيراد رأس المال من الخارج. يتطلب اجتذاب هذا التمويل الأجنبي جعل الأصول الأمريكية أكثر جاذبية من خلال تخفيض سعر الدولار.

هذه، بالطبع، هي فرضية “العجز المزدوج” نفسها التي استند إليها على نطاق واسع قبل الأزمة المالية، الذين توقعوا انهيار الدولار. في ذلك الحين لم يتعرض الدولار للانهيار، وهناك سبب وجيه للشك في أنه سينهار الآن.

من المؤكد أن حكومة الولايات المتحدة ستستمر على الأرجح في إدارة عجز الميزانية بقدر ما تراه العين. مع انخفاض ادخار القطاع العام، سينتقل الحساب الجاري للولايات المتحدة، وهو الفرق بين الاستثمار والادخار، إلى منطقة عميقة داخل العجز، في حال تساوت الأشياء الأخرى.

المشكلة، تحديدا، أن الأشياء الأخرى ليست متساوية. صحيح أن المدخرات العامة في الولايات المتحدة انخفضت لكن المدخرات الخاصة ارتفعت. جزء من هذه الزيادة يعود إلى تأثير الإغلاق المؤقت: من الصعب الإنفاق في أيام الإجازات أو تناول الطعام في الخارج أثناء الحجر الصحي. لكن من المحتمل أن يستمر جزء آخر. تم تذكير الأسر الأمريكية بعدم كفاية الادخار الوقائي. عدم القدرة على دفع الإيجار بعد أربعة أسابيع فقط من التوقف عن العمل هو دعوة للاستيقاظ.

نحن نعرف هذا من التاريخ. ارتفعت معدلات الادخار في الولايات المتحدة وظلت مرتفعة نتيجة للكساد العظيم. الأفراد الذين عانوا تلك النوبة المؤلمة بشكل مباشر ظلوا أكثر تحفظا ماليا واقتصاديا من أجل إبقاء حياتهم في حالة توازن. قد يكون لكوفيد – 19 الآن تأثير مماثل.

ثم إن الاستثمار لن يظل من دون تأثر. ستظل المشاريع الاستثمارية الكبيرة معلقة إلى أن يكون لدى الشركات فكرة أوضح عن شكل مشهد ما بعد الوباء. هل ستكون الشركات مستعدة للاستثمار في مكاتب داخل المدن، أو فنادق الأعمال، أو الطائرات الكبيرة قبل أن تعرف مقدار التحول إلى العمل عن بعد بشكل دائم؟ حتى وإن ظلت معدلات الادخار الأمريكية منخفضة، فقد يكون الاستثمار منخفضا أيضا لفترة تمتد عدة أعوام، لها صلة بالتنبؤ بأسعار العملات.

من الواضح أن أسواق العملات لم تأخذ هذه النقاط في الحسبان، لكن من الواضح أيضا أن المشاركين الآخرين في السوق فعلوا ذلك. إذا كان هناك انخفاض مستمر في المدخرات المحلية وكان الانتعاش المبكر للاستثمار متوقعا، فسنلاحظ زيادات حادة في أسعار الفائدة ومعدلات التضخم التي ينطوي عليها تداول سندات الخزانة الأمريكية. لكن كانت هناك حركات متواضعة للغاية في هذا الاتجاه.

رابعا وأخيرا، يقال إن نهاية الهيمنة الجيوسياسية للولايات المتحدة تنذر حتما بانخفاض الدولار. كانت الهيمنة الأمريكية العالمية منذ الحرب العالمية الثانية أساسا مهما لمكانة الدولار عملة عالمية رائدة. تضاءل هذا الموقف المهيمن الآن بسبب النزعة الأحادية غير المنتظمة للرئيس دونالد ترمب. وتنظر دول أخرى إلى الولايات المتحدة على أنها ديمقراطية تعرضت للدمار وشريك تحالف غير موثوق به. وتبدو الصين والرنمينبي في وضع جيد كبدائل.

في حين أن هناك بعض الوجاهة في هذه النقطة، يمكن للرئيس المقبل، جو بايدن، إصلاح بعض هذا الضرر من خلال إعادة الالتزام بالتعددية وشركاء التحالف. علاوة على ذلك، لا يزال أمام الصين والرنمينبي طريق طويل قبل أن يعملا على طمأنة المستثمرين الأجانب. من المؤكد أن الاستيلاء على الحسابات المصرفية للمعارضين السياسيين، كما فعلت حكومة هونج كونج أخيرا، لن يشجع على استخدام الرنمينبي بشكل أسرع.

قد يكون التنبؤ بأسعار الصرف لعبة حمقاء، لكن لكل هذه الأسباب سيكون من الحماقة المراهنة على استمرار انخفاض الدولار.

أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة كاليفورنيا، بيركلي

Leave A Reply