مهداة إلى غزة
وما أدراكَ ما الجُرحُ المُكابرْ
وما الشَّعبُ الذي ما زالَ ثائرْ
وما أدراكَ ما أمٌّ ترى في
دماءِ شهيدِها صبحَ البشائرْ
وما أدراكَ ما طفلٌ يغنِّي
على صوتِ المدافعِ : لن أغادرْ
بغزةَ لا ينامُ الضَّوءَ … يبقى
على وَجهِ الدروبِ هناكَ ساهرْ
يعزُّ عليه أن يصحو صغيرٌ
وقد صارَ الأحبَّة في المقابرْ
وأن تلقاه بنتْ لم تجدْ من
يجدِّلُ في الصِّباح لها الضفائر
بغزةَ يعرفونَ الموتَ جداً
ويلتمسونَه إنْ لم يبادرْ
يُجمِّرُ إن أتى عينيْه دوماً
ويرجعُ مُطفأَ العينيْنِ صاغِرْ
هناكَ على مدارِ الجرحِ تُروى
حكاياتُ المُحاصَرِ والمُحاصِرْ
يقولُ مُحاصِرٌ : ستموتُ جوعاً
يقولُ مَحاصَرٌ : تفكيرُ قاصرْ
يقولُ مُحاصِرٌ سيُدَكُّ بيتٌ
يقولُ مَحاصَرٌ سيظلُّ عامِرْ
يقولُ مُحاصِرٌ ليلٌ طويلٌ
يقولُ مَحاصَرٌ غيمٌ وعابرْ
يقولُ مَحاصَرٌ ما ماتَ حقٌّ
وهل ظنوا بأنَّ الأرضَ عاقرْ
وأن القلبَ يخنقُه دخانٌ
وأن الحُلمَ تقتُلُه المجازرْ
بغزةَ يَنحتونَ الصَّخرَ صُبحاً
وإنْ عزَّ الحديدُ فبالأظافرْ
ويخترعونَ من صمتٍ وموتٍ
قيامةَ أمَّة ، فاصرُخْ وجاهِرْ
أنا الموتُ المكرَّرُ في بلادٍ
يَسوسُ شعوبَها نذلٌ وعاهرْ
يقامرُ بالمزادِ على دمائي
وباسمي في محافلِه يتاجِرْ
وإن تسألْه عن ماضٍ تليدٍ
يُجِبْكَ بلا حياءٍ ( لسَّه فاكِر)
كفى لا تذرفوا الدَّمعَ المدوِّي
أزيحتْ عن وجوهِكمُ السَّتائرْ
عظامٌ حين تشتعلُ المنابرْ
عظامٌ حين تشتعلٌ المخاطِرْ
كفى يا أمَّةَ المليارِ صمتٍ
لأولِ كلِّ هذا العتمِ آخرْ
جياعٌ نحن للضوءِ المُصَفَّى
حذارِ حذارِ إن الجوعَ كافرْ
دمُ الشهداءِ بوصلةُ اشتياقي
هو الأملُ الوحيدُ ، هو المنائرْ
أنا الشَّعبُ الفلسطينيُ وحدي
أنا العربيُّ والعِبريُّ عابِرْ
جهاد الحنفي