نجحت الحكومة مرة جديدة بتنفيس احتقان الشارع، من دون أن تتمكن من البت بموضوع رواتب وأجور القطاع العام، المستمر بتنفيذ إضرابه حتى اللحظة. فالعسكريون المتقاعدون دفعوا الحكومة إلى إعادة النظر بسلة المقترحات، الهادفة إلى تعديل الرواتب والأجور للقطاع العام ومتقاعديه.
وبعد محاولات حثيثة من قبل العسكريين المتقاعدين، تُرجمت بتظاهرات وصدامات ميدانية ولقاءات مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، اعترفت الحكومة اليوم بوجود تفاوت بالرواتب والمداخيل بين موظفي القطاع العام أنفسهم من جهة، ومع المتقاعدين من جهة أخرى، ما استدعى تعليق البت ببند الحوافز المالية.
الرواتب إلى الجلسة المقبلة
التأمت الحكومة اليوم، السبت 10 شباط، برئاسة ميقاتي وحضور نائب رئيس مجلس الوزراء سعاده الشامي وغالبية الوزراء والمدير العام لرئاسة الجمهورية أنطوان شقير، والأمين العام لمجلس الوزراء محمود مكية، غير أن الاجتماع لم يبت كما كان مقرراً مسبقاً بسلة الحوافز المالية للعاملين بالقطاع العام. وذلك تماشياً مع وعد ميقاتي للعسكرين المتقاعدين الذي أجرى لقاءات مكثفة معهم في الساعات الماضية، بهدف إعادة النظر بالحوافز المالية وزيادات الرواتب وإخضاعها لمزيد من الدرس.
وقد اعترفت الحكومة اليوم بوجود تفاوت ببن العاملين في القطاع العام والعسكريين، ما يستلزم منها مزيداً من التدقيق بالأرقام إلى جانب الاستماع إلى وجهات نظر ممثلين عن قيادة الجيش وقوى الأمن الداخلي والمتقاعدين.
وحسب مصدر متابع، فإن درس الحكومة لصيغة جديدة من تعديل الرواتب والأجور سيتم بالتعاون مع مصرف لبنان، الذي لطالما حذّر من التمادي بالإنفاق، لما قد ينعكس سلباً على استقرار سعر الصرف. من هنا، تتجه الحكومة إلى طرح صيغة جديدة أكثر عدالة مع مراعاة قدرات الدولة المالية.
من جهة أخرى، أقرت الحكومة في جلستها اليوم رفع بدل النقل للعاملين في القطاع الخاص وعموم الخاضعين لقانون العمل من 250 ألف ليرة إلى 450 ألف ليرة يومياً.
تأجيل البت بملف الرواتب
وإذ يلفت المصدر إلى احتمال أن تأخذ الحكومة بجزء من طرح العسكريين المتقاعدين، لجهة إقرار زيادة بنسبة مئوية موحّدة على كافة العاملين في القطاع العام ومتقاعديه، يتخوّف من أن تلقى هذه الخطوة رفضاً من قبل العاملين بالقطاع العام، الذين يتجاوز سقف توقعاتهم ما يمكن أن تصل إليه الحكومة ضمن إمكاناتها المالية.
وقد أكد الشامي مطلع الجلسة اليوم بأن الحكومة ستقوم بالتوصل إلى صيغة مرضية للعسكريين المتقاعدين، ومراعية للقدرة المالية للدولة. كما لفت وزير التربية عباس الحلبي خلال تلاوته لمقررات مجلس الوزراء إلى حرص الحكومة على مراعاة العدالة بين الموظفين والمتقاعدين من دون الإنزلاق إلى تداعيات كارثية، كما حصل عقب سلسلة الرتب والرواتب الأخيرة.
بين الموظفين والمتقاعدين
وكان تجمع العسكريين المتقاعدين قد أرجأ التحرك الذي كان مقرراً اليوم السبت، تزامناً مع جلسة مجلس الوزراء، بعد تلقي القيمين على التحرّك ضمانات بعدم إقرار أي مرسوم متعلق بالرواتب والأجور، والذي كان قد رفض التجمع مسودّته المعمّمة والقائمة على زيادة معاشات المتقاعدين 3 أضعاف رواتبهم الأساسية فقط.
ولفت المتحدّث باسم المنبر القانوني للدفاع عن حقوق العسكريين المتقاعدين، أندريه أبو معشر، إلى أن أي حل للحكومة بعيداً عن مطلب إرساء العدالة بين الموظفين والمتقاعدين غير مقبول، مذكّراً بضرورة تحديد الحد الأدنى لمعاش المتقاعد وكل الموظفين، واعتماد نسبة واحدة لكل موظفي القطاع العام، وليس حصراً موظفي الإدارة. والأهم من ذلك، إقرار خطة لمدة زمنية محدّدة لإجراء تصحيح متدرج للرواتب والأجور، وفقاً لتنامي مداخيل الدولة، وبما يحفظ الاستقرار النقدي.
أما موظفو الإدارة، فقد أكدوا بأكثر من بيان رفضهم لاستنسابية التقديمات لموظفي القطاع العام. وفي آخر مواقف “الهيئة الإدارية لموظفي الإدارة العامة”، استنكرت الإصرار على سياسة الترقيع التي درجت عليها الحكومة منذ بداية الأزمة المالية الاقتصادية لغاية اليوم. كما استنكرت أيضاً التذرع الدائم بعدم توفر الأموال اللازمة لإعادة الحقوق، في حين هناك عطاءات وتعويضات خيالية ورواتب فلكية للكثير من القطاعات، إلى جانب استقدام موظفين جدد خلافاً لكل القوانين والنصوص المرعية، وبرواتب عالية بالفريش دولار إلى الإدارات العامة، عوضاً عن إعادة حقوق الموظفين المؤهلين كي يتمكنوا من إنجاز مهامهم.
بالمحصّلة، قد تلتقي فئات موظفي القطاع العام مع العسكريين المتقاعدين على وجوب فرض العدالة على كافة الرواتب والأجور. لكن الاختلاف يقع بين الطرفين على قيمة الزيادات، في ظل عجز الحكومة على تلبية المطالب بزيادات مُنصفة وقابلة لتأمين معيشة الموظفين والمتقاعدين.
عزة الحاج حسن – المدن
Follow Us: