كتبت صحيفة الديار تقول: من حرب غزة الى جبهة لبنان الملتهبة، يبدو ان المشهد يتأرجح بين المساعي الجارية لوقف النار في القطاع والانفجار الواسع في المنطقة، لا سيما في ظل إصرار رئيس حكومة العدو نتنياهو على الذهاب في عدوانه الى اقصى مدى باعلانه توجيه الجيش الاسرائيلي لمهاجمة رفح رغم التحذيرات الاميركية والدولية من تداعيات هذا العمل ومن الكارثة التي يمكن ان تنجم عن مثل هذا التهور، عدا محاذير ارتفاع وتيرة التوتر مع مصر التي ارسلت عشرات الدبابات والاليات الى الحدود مع رفح لمواجهة مخاطر ترحيل اكثر من مليون ونصف المليون باتجاه سيناء .
وعلى جبهة لبنان ارتفعت وتيرة المواجهات في الثماني والاربعين ساعة الماضية، ونفذت مسيرة اسرائيلية هجوما بصاروخين على سيارة في بلدة جدرا في اقليم الخروب على بعد حوالى 06 كيلومترا من الحدود الجنوبية، مستهدفة احد مسؤولي حركة حماس في لبنان، لكنها لم تحقق هذا الهدف، وادت الغارة الى مقتل لبناني مقيم في البلدة وهو بائع على بسطة، واخر سوري كان يمر على الطريق بواسطة دراجة نارية .
ولم يعرف مصير سائق السيارة الذي قيل انه نقل الى المستشفى .
وكان حزب الله امطر اول من امس بعشرات الصواريخ ثكنة كيلع في الجولان ومستوطنة كريات شمونة .
عبداللهيان: الهجوم الواسع على لبنان يعني نهاية نتنياهو
وفي غمرة هذا التصعيد كان وزير الخارجية الايراني حسين عبداللهيان يزور بيروت ويوجه رسالة قوية الى العدو الاسرائيلي مفادها انه اذا نفذ هجوما واسعا على لبنان ستكون نهاية نتنياهو. لكنه بدا ميالا الى ترجيح كفة الحل ووقف العدوان الاسرائيلي على غزة، مستندا الى فشله منذ العدوان وحتى اليوم في تحقيق اي انجاز .
واعلن ان لبنان وايران يريان» ان الحرب ليست الحل، ولم نكن نتطلع الى توسيع نطاقها».
وفي ختام زيارته قال عبداللهيان انه «رغم رغبة نتنياهو في استمرار الحرب، فان المنطقة تسير نحو الاستقرار والامن والحل السياسي».
واضاف «من الواضح ان نهاية الحرب هي نهاية لنتنياهو ولحكومته المتطرفة، وان انطباعنا ان نتنياهو يسعى لاخذ البيت الابيض رهينة له لكي يبقى مدة اطول على رأس السلطة في الكيان الاسرائيلي، وعلى البيت الابيض ان يختار في ان يبقى رهينة لدى نتنياهو او يتطلع الى الحل السياسي».
واذ اشار الى عدم تمكن الكيان الاسرائيلي من تحقيق اهدافه، قال «ان حلفاء هذا الكيان يعتقدون اليوم انه يجب التركيز على الحل السياسي «.
وحول مخاطر شن العدو حربا على لبنان قال «ان الكيان الصهيوني لا يستطيع ان يخوض حربا على جبهتين، وان قوة المقاومة وحزب الله في لبنان لا يمكن ان يتصورها هذا الكيان، ونحن على علم بقدرات المقاومة في لبنان».
وحذر اسرائيل قائلا «ان اي خطوة يقدم عليها الكيان الاسرائيلي بشن هجوم واسع النطاق على لبنان تحدد اليوم النهائي لنتنياهو والوضع في المنطقة «.
نصرالله: الجيش الاسرائيلي يعيش ازمة استراتيجية
وكان عبد اللهيان بدأ زيارته للبنان بلقاء الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي اكد «ان الجيش الاسرائيلي يعيش في ازمة استراتيجية، ولم يحقق ايا من اهدافه في الميدان».
وقال «ان المقاومة باتت تشكل عنصرا مهما في المعادلة الاقليمية، ولا شك ان انتصار الشعب الفلسطيني والمقاومة امر حتمي».
لقاء بري وميقاتي وبوحبيب
والتقى عبداللهيان صباحًا الرئيس ميقاتي، واكد على تضافر الجهود للتوصل الى وقف العدوان الاسرائيلي على غزة .
وعقد مع الرئيس نبيه بري في عين التينة بعد الظهر اجتماعا مطولا استمر قرابة الساعتين، تناولا خلاله عددا من المواضيع المتصلة بحرب غزة والموجهات على جبهة لبنان والوضع اللبناني .
ثم عقد مع وزير الخارجية عبدالله بوحبيب لقاء في الوزارة .
واكد بوحبيب ان موقف لبنان يرتكز على سلة متكاملة تضمن تطبيق القرار 1071 وتوقف الخروقات الاسرائيلية وتؤمن انسحاب «اسرائيل» من كل الاراضي اللبنانية المحتلة بما فيها مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وتعزيز الجيش اللبناني ليتمكن من القيام بمسؤولياته وفقا للقرار 1071 .
الوضع الميداني
وعلى الصعيد الميداني، استطاع حزب الله الاستيلاء على مسيرة اسرائيلية، ونفذ سلسلة هجمات بالصواريخ على عدد من المواقع الاسرائيلية.
واغار الطيران الاسرائيلي على اطرف الخيام فاوقع 3 جرحى من النازحين السوريين، واغار على منزل غير مأهول في مركبا .
الملف الرئاسي ينتظر مقترحات اللجنة الخماسية
من جهة اخرى لم يطرأ اي جديد على صعيد الاستحقاق الرئاسي لا في الداخل ولا في الخارج، لا سيما في ظل طغيان الحدث الكبير المتعلق بتطورات حرب غزة والمواجهات المتصاعدة على جبهة لبنان مع العدو الاسرائيلي.
وقالت مصادر مطلعة لـ «الديار» ان الشيء الذي يسجل مؤخرا في شأن ملف رئاسة الجمهورية هو ما انتهى اليه اجتماع الرئيس بري مع سفراء اللجنة الخماسية لا سيما لجهة الاتفاق على اهمية التشاور والحوار والتفاهم بين الاطراف اللبنانية في التمهيد لعقد جلسة مثمرة لانتخاب رئيس للجمهورية تختلف عن الجلسات ال13 التي عقدها مجلس النواب سابقا .
واشارت الى التوافق في وجهات النظر بهذا الخصوص بين رئيس المجلس والسفراء، وان بعضهم ابدى خلال الاجتماع استعداده للمساعدة في هذا الاتجاه .
وكشفت المصادر ان السفراء اتفقوا على اجراء كل منهم للقاءات ومشاورات مع الاطراف السياسية لتعزيز مثل هذا التوجه. ولفتت الى ان زيارة السفير المصري لمعراب ولقائه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع يندرج في هذا الاطار، بالاضافة الى اطلاعه ان اجواء اللقاء مع الرئيس بري كانت جيدة وايجابية على عكس اي استنتاج اخر .
واوضحت المصادر ان السفراء يجرون لقاءات معلنة وغير معلنة مع اطراف وسياسيين ونوابا للبحث في موضع الاستحقاق الرئاسي، لكن ليس هناك برنامج رسمي ومحدد للقاءاتهم في هذا الاطار .
ووصفت تحرك السفراء بانه تحرك تمهيدي لاجتماع اللجنة الخماسية المركزي الذي لم يحدد بعد. ورأت انه يجري في الوقت الضائع، لا سيما ان ما يجري في الخارج على مستوى اللجنة او تحرك الموفد الفرنسي لودريان لم تنضج ظروف نجاحه وتوصله الى نتائج ملموسة يمكن ان تساهم مساهمة فعالة في مساعدة اللبنانيين لانتخاب الرئيس الجديد .
ووفقا للمعلومات المتوافرة لـ»الديار»، فان اعضاء اللجنة الخماسية لم ينتقلوا الى مرحلة طرح افكار او مقترحات جديدة محددة من شأنها ان تساعد على اخراج الملف الرئاسي من حالة المراوحة، وان الاشارة الجدية لتحقيق هذا الهدف هي في تراجع بعض الاطراف عن رفض الحوار بغض النظر عن شكله واليته .
من جهة ثانية عكس موقف البطريرك الماروني بشارة الراعي في عيد مار مارون اجواء تصاعد التوتر الناجم عن ازمة عياب رئيس الجمهورية. واستدعى كلامه ردا غير مباشر من الرئيس نجيب ميقاتي في مستهل ترؤسه امس جلسة مجلس الوزراء حيث قال «هناك موضوع يثير لدي الحساسية ويتعلق بالحديث الذي يتم تداوله عن الاستئثار بادارة البلد والدويكا وما الى ذلك من كلام لا يمت الى الحقيقة بصلة. واكرر القول انني غير راغب في اخذ دور احد او الحل مكان احد، وعندما يكون هناك فراغ فالعتب واللوم يجب ان يوجه الى من تسبب بهذا الفراغ لا من يسعى لادارة البلد لمنع التأثير السلبي للفراغ».
وشن نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب هجوما عنيفا على ميقاتي متهما اياه بالاعتداء على صلاحيات رئيس الجمهورية وصلاحيات بعض الوزراء. وقال «انه يرسل رسائل باتجاه المرجعيات الدينية ليقول لهم انا اقف على خاطركم ببعض الامور، لكنه يقف على خاطرهم ببعض الامور الثانوية، اما الامور السياسية الاساسية مثل التعدي على صلاحيات رئيس الجمهورية وبعض الوزراء فانه يمعن في الاعتداء عليها».
الحكومة لتعديل مشروعها لزيادة الرواتب في القطاع العام
على صعيد اخر، ارجأت الحكومة بعد جلستها امس البت بموضوع زيادة رواتب الموظفين في القطاع العام المدنيين والعسكريين والمتقاعدين، لاجراء اجتماعات مكثفة من اجل الوصول الى حل منصف قدر الامكان في هذه الظروف للجميع، كما ابلغ مصدر وزاري لـ «الديار» امس .
وقال المصدر ان التأجيل جاء بعد ان تبين لمجلس الوزراء امس ان هناك هوة واسعة بين ما هو مطلوب وما كانت تنوي الحكومة القيام به، وكذلك وجود تفاوت بين العاملين في القطاع العام والعسكريين، عدا وضع المتقاعدين العسكريين والمدنيين .
وكشف المصدر عن وجود 3 نظريات طرحت في هذا الموضوع، وان الحكومة رأت انه من الضروري اعادة النظر في ما كان مطروحا، وكان هناك تاكيد من الرئيس ميقاتي والوزراء على وجوب انصاف كل العاملين في القطاع العام عسكريين ومدنيين والمتقاعدين ايضا بطريقة عادلة .
واشار الى تأكيد الرئيس ميقاتي على اهمية اعادة تنشيط كل الادارات والمؤسسات في الدولة، وان الحكومة تعول كثيرا على هذا الموضوع، وقال «بدنا نمشّي ادارات الدولة، وما فينا نقبل يضل الوضع على ما هو اليوم».
وردا على سؤال قال المصدر الوزاري ان اجتماعات متتالية ومكثفة سيجريها الرئيس ميقاتي والوزراء المعنيون مع المسؤولين في وزارة المال والمعنيين في القطاع العام من ممثلين عن الجيش والقوى الامنية والموظفين والمتقاعدين في الايام المقبلة للوصول الى حل منصف يراعي في الوقت نفسه مالية الدولة ولا يحدث نتائج سلبية في سعر الصرف .
ولفت الى ان هناك مشاورات جرت مع مصرف لبنان لهذه الغاية وستتابع، خصوصا ان المبلغ النسبي المرصود للزيادة او التعويضات والحوافز والنقل يتراوح بين 8 و 01 الاف مليار شهريا.
وقال ردا على سؤال اخر ان الرئيس ميقاتي لم يتحدث عن فترة محددة لهذه الاجتماعات قبل بت الموضوع في الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء، لكن يتوقع ان تستغرق هذه العملية بين اسبوع وعشرة ايام .
وعلم ايضا ان الحكومة بصدد تعديل مشروعها الذي كان مطروحا، خصوصا في ما يتعلق بالمتقاعدين وبالعسكريين .
وعلمت « الديار» ايضا من مصادر مطلعة ان الرئيس ميقاتي عاد بعد جلسة الخميس الماضي والاحتجاجات التي رافقتها من قبل المتقاعدين الى اتخاذ قرار التريث باقرار ما كانت اعدته الحكومة بعد ان تبين له في اجتماعات اولية ان مشروعها افتقد الدقة والارقام الدقيقة، وان بعض المستشارين الاقتصاديين والماليين لم يتعاملوا مع هذا الموضوع وفق الارقام الصحيحة او حسابات اوضاع كل فئات القطاع العام .
اما السبب الثاني لتريثه فيعود الى شعوره بانه يتعرض لحملة ممنهجة من قبل بعض الجهات السياسية، وانه لا يريد ان يستغل هذا الموضوع في اطار هذه الحملة .
وكان تجمع العسكريين المتقاعدين قد اعلن تاجيل تحركه امس بعد ان علم مسبقا بقرار مجلس الوزراء تاجيل البت بموضوع الزيادة، وقال في بيان له «ان الخطوة الايجابية من قبله يجب ان تقابل بخطوة ايجابية من قبل الحكومة لبحث الاجور والرواتب بما يؤمن العدالة بين مختلف فئات القطاع العام وفقا للدراسة القانونية الصادرة عن المنبر القانوني للعسكريين المتقاعدين».
والمعلوم ان المتقاعدين العسكريين والمدنيين رفضوا الزيادة التي كانت الحكومة تتجه لاقرارها للمتقاعدين، وهي عبارة عن ثلاثة رواتب اضافية .
واقر مجلس الوزراء من جهة ثانية امس رفع بدل النقل في القطاع الخاص من 250 الى 450 الف ليرة .