ليس تفصيلاً بسيطاً أن تنشر قناة “المنار” أمس صورة الشهيدة الطفلة أمل حسين الدر، مرفقة بعبارة “الثأر قادم” مع توقيع من الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله، إذ أعطى ذلك إشارة واضحة أنّ ما قبلها من تطوّرات على صعيد الحرب الدائرة على جبهة الجنوب بين المقاومة والعدو الإسرائيلي ليس كما بعدها.
فالطفلة أمل الدرّ، إبنة السّنوات الخمس التي استشهدت يوم الأربعاء الماضي، 21 شباط الجاري، في مسقط رأسها ببلدة المنصوري نتيجة غارة شنّها العدو الإسرائيلي على البلدة وبلدات جنوبية أخرى، في غارات لا تهدأ لا ليلاً ولا نهاراً منذ بدء العدو غاراته العدوانية على الجنوب ومناطق أخرى قبل زهاء 4 أشهر، ترك إستشهادها بهذه الطريقة الإجرامية إنطباعاً متجدّداً أنّ العدو لا يفرق بين كبير وصغير في عدوانه، وبين مقاوم ومدني، وبين موقع عسكري أو مدرسة أطفال ومستشفى.
ومع أنّ الطفلة الدرّ ليست أوّل مدني يسقط جرّاء العدوان الإسرائيلي، إذ أن أغلب الذين استشهدوا بسبب العدوان هم من المدنيين، فإنّ إيلاء قناة “المنار” والأمين العام لحزب الله هذا الإهتمام لاستشهاد الدر، لا يعني فقط أنّ الكيل قد طفح، بل لأنّ الحزب قد اتخذ قراره، على طريقته في التعبير عن موقفه، بالردّ، وفي الأخذ بـ”الثأر”، وهي عبارة لها دلالات مُعبّرة يدركها العارفون جيداً.
في الأيّام الأخيرة، ونتيجة تصاعد وتيرة العدوان الإسرائيلي على الجنوب ومناطق لبنانية أخرى، وسقوط المزيد من الشّهداء والجرحى جرّاء ذلك، ووقوع أضرار واسعة في الممتلكات، ساد إنطباع في أوساط المراقبين أنّ اتساع رقعة المواجهة بين المقاومة والعدو الإسرائيلي ليست إلّا مسألة وقت، بعدما رفضت حكومة الكيان الإسرائيلي منذ بدء عدوانه التوقّف عن إجرامه، والتجاوب مع مساعي وسطاء لإيقاف عدوانه الغاشم على قطاع غزّة وجنوب لبنان، مدعيّاً أنّه لن يفعل ذلك قبل تحقيق أهدافه.
هذه الأهداف يتلخّص أبرزها، بكلّ بساطة، في القضاء على المقاومة في غزّة والجنوب معاً، أو استسلامها، وهي أهداف يُدرك العدو الإسرائيلي وسواه بأن تحقيقها يشبه حلم إبليس بأن يدخل الجنة؛ لأنّ المقاومة، على اختلافها، التي عجز الكيان عن أن يهزمها ويقضي عليها منذ نشأته قبل أكثر من 7 عقود لن يستطيع ذلك اليوم، بعدما استطاعت المقاومة، في السّنوات الأخيرة، تعزيز قدراتها وحضورها، وباتت في موقع يفرض الشّروط على العدو، وليس العكس كما كان يحصل سابقاً، وبأنّها قادرة على خوض حروب طويلة مع العدو، واستنزافه، وهو الذي لم يخض منذ نشأته حروب على هذا النحو، فضلاً عن أنّ الحروب الأخيرة التي خاضها مع المقاومة، في لبنان وفلسطين المحتلة، وتحديداً منذ تحرير الجنوب عام 2000، إنقلبت فيها المعادلة رأساً على عقب، وهي معادلة أعلن السيد نصر الله بوضوح فتح صفحة جديدة لها تتلخّص بأنّ “زمن الهزائم قد ولّى، وجاء زمن الإنتصارات”.
عبدالكافي الصمد – سفير الشمال