الخميس, نوفمبر 21
Banner

طرابلس للثقافة وكفرذبيان للسياحة

من عتمة الأزمة يخرج نور الأمل والوعد، ومن رحم الإنهيارات تولد التحديات، وتستنفر كل الطاقات والسُبُل لتحقيق الإنجازات، والتي تصل بعض الأحيان إلى مستوى المعجزات.

طرابلس عاصمة الثقافة العربية. وكفرذبيان عاصمة السياحة العربية.

حدثان إقليميان يحملان الكثير من الدلالات، في بلد يفتقد إلى أدنى خدمات الصيانة للبنى التحتية، ومنظومته السياسية غارقة في إنقساماتها الأفقية والعامودية، والدولة أسيرة التعطيل المتحكم بالسلطة التنفيذية، والجمهورية تفتقد رأسها في ظل الشغور الرئاسي المتمادي.

الفيحاء، ولقبها التاريخي مدينة العلم والعلماء، تضم من الآثار المسيحية والإسلامية والمملوكية والأيوبية، ما يعتبر جزءاً من التراث الإنساني، ويستحق الكثير من الإهتمام والعناية، للحفاظ عليه، وحمايته من التشوُّه والتغيير بفعل العوامل الطبيعية، والإمعان بالإهمال، وتركه نهباً لسارقي الآثار، والمتاجرين بها.

كل المقومات الإستراتيجية والإقتصادية، متوفرة لتكون طرابلس عاصمة لبنان الإقتصادية، ورئته للتواصل التجاري مع المشرق العربي: من مرفأ يعتبر الأكثر عمقاً بين المرافئ اللبنانية، إلى مطار على بعد كيلومترات بسيطة من المرفأ، وصولاً للمعرض الدولي الذي تحول إلى قاعات متداعية، رغم هندسته المعمارية الفريدة. ومع كل ذلك تُعتبر طرابلس، التي تضم العائلات الأكثر غنى في لبنان، المدينة الأكثر فقراً على ساحل البحر المتوسط، والمدينة الأولى في لبنان بنسب الفقر المُدقع، والتسريب المدرسي.

ومع ذلك يستمر التألق الثقافي والفني في مدينة العلم والعلماء، ويقوم العديد من المؤسسات الثقافية بنشاطاتها الموسمية المعهودة، وتختارها منظمة «الإيسسكو» العربية عاصمة الثقافة العربية، حيث تلقفها وزير الثقافة محمد وسام مرتضى، وتابع برنامج النشاطات الثقافية في الفيحاء مباشرة من مكتبه في الميناء.

كفرذبيان البلدة الوادعة والمتكئة على كتف جبل صنين، والتي تتزين تلالها بالثوب الأبيض في كل شتاء، لا وجود لها على خريطة الدولة الإنمائية والخدماتية، وبلديتها تُعاني من شح بالأموال، نتيجة تدني المداخيل بالليرة المنهارة، ومع ذلك إستطاعت المبادرات الفردية، التي تقوم بها المؤسسات السياحية من فنادق ومطاعم ومراكز السكي، من بلدتهم قبلة السياحة الشتوية، يقصدها العربي والأجنبي، للتمتع بمناخها الرائع وشتائها الدافئ، قياساً على مراكز التزلج المماثلة في أوروبا وأميركا وكندا.

ليس تفصيلاً أن تختار جامعة الدول العربية كفرذبيان عاصمة السياحة الشتوية في العالم العربي، إلى جانب تسمية طرابلس عاصمة الثقافة العربية، في وقت تُعاني الدولة اللبنانية من غيبوبة متمادية، وتعجز عن القيام بأبسط واجباتها تجاه مواطنيها،

والمنظومة السياسية أسيرة فشلها في مواجهة الإستحقاقات الداهمة، وفي مقدمتها الإنتخابات الرئاسية.

د. فاديا كيروز

Follow Us: 

Leave A Reply