محمد علوش – النشرة
حاول الفرنسيون التمايز عن الأميركيين من خلال التصور بإمكان الوصول الى حلول للجبهة الجنوبية في لبنان بمعزل عن وقف النار في غزة، الأمر الذي كشف قصوراً بفهم الفرنسيين لمواقف حزب الله الذي دخل بالحرب لأجل غزة ويستحيل أن يخرج منها قبل ترتيبات معينة تطال الجبهة هناك، لذلك كان التعاطي الرسمي اللبناني مع الورقة الفرنسية بارداً، خاصة بعد الاشارات الأميركية التي وصلت الى بيروت ومفادها أن الإدارة الأميركية غير معنية بالورقة الفرنسية.
هذا التباين الأميركي-الفرنسي ظهر أيضاً من خلال رفض واشنطن المشاركة بمؤتمر دعم الجيش اللبناني في باريس، ما أدى الى تأجيله، ولو أن الفرنسيين حاولوا إخفاء الخلاف من خلال القول أن التأجيل كان لأسباب لوجستية، إنما بالحقيقة فإن الأميركيين يعتبرون أن دعم الجيش لا يأتي على رأس الاولويات الآن، فالأولوية لوقف النار في غزة، ثم انعكاس هذه الهدنة على لبنان، والدخول بمفاوضات لترتيب الحدود ثم دعم الجيش.
اقتنع المبعوث الأميركي الخاص آموس هوكستين بأنه من دون وقف إطلاق النار في غزة يستحيل بدء المفاوضات مع الحكومة اللبنانية، ويعمل اليوم على تثبيت انعكاس الهدنة في غزة على لبنان، ولذلك كان هناك رسالة غير رسمية واضحة من حزب الله بأنه يلتزم أي هدنة توقع عليها حماس، وسيوقف عملياته العسكريّة عندها، شرط عدم قيام الاسرائيلي بأي عمل عسكري على لبنان، لأنه عندها سيكون ملزماً بالرد، وستكون المعركة قد أخذت طابعاً جديداً لا يتعلق بدعم المقاومة في غزة.
بحسب مصادر متابعة، فإنّ الاسرائيليين يشعرون بأنّ الفرصة مناسبة بحال تم الوصول الى هدنة في غزة لاستكمال عمليّاتهم العسكريّة في لبنان لإضعاف حزب الله ودفعه للتفاوض والتنازل والتراجع عن الحدود، وتُشير المصادر الى أن الأميركيين نقلوا الى بيروت رسالة مغايرة تتحدّث عن استمرارهم بالضغط على تل ابيب لمنع توسيع الحرب، وأنهم سيعملون على ضبط الاسرائيليين بحال تم الوصول الى هدنة. ولكن ماذا في مرحلة ما بعد الهدنة بحال تحققت؟.
هذا السؤال، ولو أن الوصول الى هدوء لم يُحسم بعد، رغم ارتفاع حظوظه مؤخراً وتقليص الفجوات بين حماس والاسرائيليين، الا أنه بات سؤالاً مطروحاً على الطاولة، وهنا تميّز المصادر بين هدنة لستة أسابيع فقط، وأخرى تكون مرحلتها الأولى ستة أسابيع وقد تطول أكثر، ففي الحالة الأولى، رغم أن الولايات المتحدة الأميركية قد تسعى عبر هوكستين الى محاولة فصل جبهة لبنان عن جبهة غزة، بحيث أنه اذا استكملت الحرب فيما بعد لا تشتعل الجبهة الجنوبية مرة جديدة، الا أن الواقع قد يكون مغايراً، فإن انتهت الهدنة دون أيّ ترتيبات تنهي الحرب فمن المنطقي بحسب المصادر أن يعود حزب الله الى تنفيذ عملياته، لأن بالأصل ربط وقفها بوقف الحرب في غزة، وهنا قد تكون مرحلة جديدة من الحرب لأنه لا يمكن استكمالها سوى من حيث توقفت، ومن خلال التصعيد القائم حالياً فإنها ستكون حرباً أكبر وأشد.
أما بالحالة الثانية فإنه بحسب المصادر كلما طالت هدنة غزّة أصبحت التسوية لوقف الحرب أكبر، وعندها تكون الأمور مفتوحة على كل الاحتمالات ومنها توقفها.