المجزرة الإسرائيلية الجديدة في شمال غزة، تؤكد أن حرب الإبادة الجماعية مستمرة فصولاً، بوحشية متصاعدة، رغم مواقف الإستنكار التي تصدر من عواصم العالم، وتحدياً لجلسات محكمة العدل الدولية، التي تنظر في شكوى دولة جنوب إفريقيا التي تتهم فيها الدولة الصهيونية بشن حرب إبادة ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.
تعمُّد الجيش الإسرائيلي توجيه القصف المباشر بالطيران أو بالمدفعية نحو تجمعات المدنيين في غزة، يكاد يكون سلوكاً تقليدياً في الإعتداءات الإسرائيلية المتكررة، سواء ضد الفلسطينيين، أو ضد اللبنانيين، حيث إرتكب العدو الإسرائيلي في حرب «عناقيد الغضب» عام ١٩٩٦، المجزرة الشهيرة في مركز للأمم المتحدة في قرية قانا الجنوبية، والذي لجأ إليه مئات العائلات الجنوبية، وسقط ١٠٦ شهداء من الأطفال والنساء في غارة جوية، دمرت المركز وأصابت عدداً من جنود الوحدة الفيجية.
وأعاد الجيش الإسرائيلي المشهد الإجرامي نفسه في حرب ٢٠٠٦، وقصف تجمعات المدنيين في قانا الهاربين من نيران الحرب، وأوقع العشرات بين شهيد وجريح.
الغارة الأولى أثارت سخط العالم، وأدت إلى توقف العدوان بسرعة، والتوصل إلى «تفاهم نيسان» برعاية أميركية وفرنسية، الذي نص على عدم التعرض لأهداف مدنية، وكرّس حق لبنان بمقاومة الإحتلال.
الغارة الثانية على قانا إبّان حرب تموز ٢٠٠٦، ضاعفت الضغوط الدولية على تل أبيب لوقف عدوانها على لبنان، فكان أن توقفت العمليات العسكرية لمدة أسبوعين، قبل أن يستأنف العدو حربه، إلى أن أصدر مجلس ألأمن الدولي القرار ١٧٠١، الذي أوقف العدوان، ونص على الإنسحاب الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية.
ولكن معظم بنود هذا القرار بقيت حبراً على ورق، لأن الجانب الإسرائيلي لم يلتزم بها، حيث تكررت الإنتهاكات البرية والجوية والبحرية الإسرائيلية، ولم يُستكمل الإنسحاب من الأراضي اللبنانية. ومن سخرية القدر أن الموفدين الدوليين الذين يزورون لبنان هذه الفترة، يطالبون الجانب اللبناني فقط بتنفيذ بنود القرار ١٧٠١، وخاصة إخلاء منطقة جنوب الليطاني من المسلحين، دون التطرق إلى التفلت الإسرائيلي المستمر من الإلتزام بمضمون هذا القرار!
فهل تُسرّع مجزرة غزة الهمجية الضغوط على تل أبيب لإنهاء مماطلة نتانياهو وفريقه اليميني المتطرف في التوصل إلى «هدنة رمضان»، التي تقترحها الإدارة الأميركية؟
صلاح سلام – اللواء