إلى خيمة متهالكة في مدينة رفح أقصى جنوبي قطاع غزة، أُجبرت هناء المصري وزوجها وأطفالهما الستة، على النزوح من منزلهم في خان يونس قبل 10 أيام، ليستقبلوا شهر رمضان بشكل مختلف بلا أية زينة أو وجبات تجمع العائلة في حالة من البهجة.
فرت عائلة المصري من خان يونس بعد دعوة الجيش الإسرائيلي للعائلات في منطقتهم بالخروج حفاظا على سلامتهم. وحسب تقرير لصحيفة “غارديان” البريطانية، فقد قررت الأسرة الفرار إلى رفح الحدودية مع مصر، لتنضم إلى أكثر من مليون شخص يعيش السواد الأعظم منهم في خيام وسط ظروف إنسانية صعبة.
وقالت المصري (37 عاما) للصحيفة: “بناتي اعتدن ادخار أموالهن لشراء الزينة، وفي كل عام كنت أختار فانوسا جديدا لشهر رمضان. الوضع محبط وصعب للغاية”.
وتحدثت السيدة بأسى إلى الصحيفة، حول الشهر المقدس لدى المسلمين الذي بدأ الإثنين، دون طقوس معتادة مثل إعداد وجبة السحور أو الإفطار، وقالت: “كنت أحب إعداد وجبة من الجبن والمربى والفول والبيض لإطعام أسرتي قبل بدء الصيام ليتحملوه، قبل إعداد وجبة لذيذة على الإفطار”.
كما تذكرت عاداتها خلال شهر رمضان، قائلة: “بعد صلاة الفجر كنت أجلس في حديقتي أتلوا القرآن.. والآن حديقتي في حالة خراب”.
ووضعت الحرب المتواصلة منذ 5 أشهر، أكثر من مليوني شخص في قطاع غزة يشكّلون الغالبية العظمى من السكان، أمام خطر المجاعة، وفق الأمم المتحدة.
“ندوب القصف”
وحذرت جماعات الإغاثة من “حمام دم” إذا شنت القوات الإسرائيلية هجوما على المدينة.
وأضافت المصري للصحيفة البريطانية: “لست الوحيدة التي تتوق إلى الحفاظ على العادات. كنت وجيراني نزين الشوارع بالأضواء والفوانيس، لكن كل شيء حولنا صار كئيبا. الشوارع تحمل ندوب القصف الإسرائيلي والمجتمع في حالة حداد”.
حسين العودة (37 عاما)، وصل إلى رفح منذ أكثر من شهر، بعدما أمضى معظم فترة الحرب في أحد ملاجئ الأمم المتحدة قرب خان يونس، ويعمل مسؤول برامج في منظمة دولية غير حكومية.
أوضح العودة للصحيفة، أنه بالكاد يأكل اللحوم منذ بدء الحرب، ويعيش مؤخرا على الفاصوليا المعلبة.
وقال: “هناك بعض المكسرات والفواكه المجففة في الأسوق، وهي أشياء اعتدنا كسر إفطارنا بها في رمضان، لكنها حاليا باهظة الثمن. ستكون وجبة الإفطار عبارة عن مزيد من الفول”.
وفشلت كل مساعي تحقيق وقف لإطلاق النار في غزة خلال شهر رمضان، فيما ارتفعت حصيلة القتلى في القطاع نتيجة العمليات العسكرية الإسرائيلية إلى 31045، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفق آخر حصيلة لوزارة الصحة في القطاع، نقلتها وكالة فرانس برس.
واندلعت الحرب في أعقاب هجوم شنته حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر، أسفر عن مقتل 1160 شخصا، غالبيتهم من المدنيين وبينهم نساء وأطفال، وفق تعداد لوكالة فرانس برس استنادا الى أرقام إسرائيلية رسمية.
“حالة خراب”
ونقلت وكالة رويترز، عن أم لخمسة أطفال تدعى مها، وهي نازحة في رفح، قولها: “لا يوجد طعام، ولا نملك سوى بعض المعلبات والأرز، وتباع معظم المواد الغذائية بأسعار جنونية”.
وأوضحة أنها اعتادت أن تملأ منزلها بالزينة استقبالا لشهر رمضان، وثلاجتها لا تخلٌ عادة من المواد الغذائية اللازمة لوجبات الإفطار، مضيفة: “لم نقم بأي استعدادات لاستقبال شهر رمضان لأننا نصوم منذ 5 أشهر”.
يذكر أن الرئيس الأميركي، جو بايدن، تعهد، الأحد، خلال تهنئته للمسلمين بحلول شهر رمضان، باستمرار جهود إيصال المساعدات إلى الفلسطينيين في غزة “برا وبحرا وجوا”.
وقال في بيان: “بينما يجتمع المسلمون في جميع أنحاء العالم خلال الأيام والأسابيع المقبلة لتناول طعام الإفطار، فإن معاناة الشعب الفلسطيني ستكون في مقدمة أذهان الكثيرين، إنه أمر في ذهني أيضا”.
وحول الأوضاع في غزة، قالت نهاد الجد، لوكالة رويترز، بعد نزوحها مع عائلتها إلى رفح: “رغم أن رمضان شهر مبارك هذا العام ليس مثل كل عام، فإننا صامدون وصابرون، وسنستقبل شهر رمضان كعادتنا بالزينة والأغاني والدعاء والصيام”.
وتابعت: “في رمضان المقبل، نتمنى أن تعود غزة، ونأمل أن يتغير كل الدمار والحصار في غزة، ويعود الجميع في حال أفضل”.
الحرة