الجمعة, نوفمبر 22
Banner

مبادرة الاعتدال.. والنكد السياسي!

في ظل العدوان المستمر على غزة وإمعان إسرائيل في إرتكاب المجازر بحق الفلسطينيين من دون أن تقيم وزنا لدخول شهر رمضان المبارك، وذلك على مرأى ومسمع الدول العربية والاسلامية التي لا تحرك ساكنا.

ومع تنامي الاعتداءات الصهيونية على لبنان والتي طالت ليل أمس بلدات آمنة في بعلبك بأربع غارات معادية أسفرت عن سقوط شهيد وعدد من الجرحى، تبدو كل الملفات مجمدة سواء الرئاسي منها أو التفاوضي حول تطبيق القرار 1701.

في الملف الرئاسي لم يعد في الميدان سوى مبادرة تكتل الاعتدال الوطني بعد إنكفاء اللجنة الخماسية بإعلان دعمها للمبادرة وانتظار نتائجها، وبعد إبلاغ الرئيس نبيه بري المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان هاتفيا بأن “لدينا مبادرة للاعتدال ننتظر نتائجها وأي جديد يطرأ نناقشه هاتفيا”.

وفي ذلك ما يشبه تجميد مهمة لودريان، التائه بين المبادرة الفرنسية الممنوعة من الصرف، وبين رفض اللجنة الخماسية تمثيلها او التحدث بإسمها كما أعلنت السفيرة الأميركية في لبنان ليزا جونسون، إضافة الى تجميد حراك اللجنة الخماسية التي تتخبط بخلافات لا تعالجها اجتماع سفرائها والابتسامات للصور والتأكيد في كل مناسبة على وحدة الموقف.

أمام هذا الواقع يسعى نواب الاعتدال الى العمل على الايجابيات التي نجحوا في إنتزاعها من الكتل النيابية لتجميعها والاستفادة منها تمهيدا للذهاب نحو الحوار أو النقاش وما قد يتبع ذلك من خطوات يأمل النواب أن تساهم في توافق على وضع حد للفراغ الرئاسي المستمر منذ سنة وخمسة أشهر.

لا يخفي نواب الاعتدال أن اللقاء مع الرئيس نبيه بري كان إيجابيا جدا وأنه أكد إستمرار دعمه لمبادرتهم وتقديم كل التسهيلات لإنجاحها بما في ذلك إستعداده لفتح المجلس النيابي كل يومين لعقد جلسات إنتخابية متتالية، وكذلك تكليف نائبه إلياس أبو صعب لترؤس الجلسات في ظل “الفوبيا” التي ترعب البعض من حضوره وترؤسه للجلسات، على أن يكون النقاش من دون شروط مسبقة سواء بالفرض أو بالفيتو.

ولا شك في أن موقف الرئيس بري لا يختلف عن مضمون المبادرة التي أطلقها في 31 آب الفائت حيث تحدث بالحوار من دون فرض أو فيتو وبالجلسات المتتالية، لكن النكد السياسي الذي تمارسه تيارات سياسية عطلت هذا الحوار لمدة سبعة أشهر كان يمكن خلالها أن يبصر لبنان إنتخاب رئيس له.

هذا النكد السياسي يجسده البعض في تعاطيه مع مبادرة الاعتدال حيث يوحي بالإيجابية من حيث الشكل، ويطعن فيها بالمضمون من خلال محاولة إستهداف صلاحيات رئيس مجلس النواب أو تهميشه، فضلا عن محاولة فرض جلسات متتالية ومفتوحة بحيث يتحول مجلس النواب الى هيئة ناخبة لا يستطيع بعدها تلبية مطالب المواطنين ومعالجة مشاكلهم من خلال التشريع الذي بات ضرورة مع طول أمد الفراغ الرئاسي شأنه في ذلك شأن إجتماعات الحكومة وإقرارها المراسيم التي تصب في المصلحة الوطنية العليا.

كل ذلك يوحي بأن هناك من يسعى الى الالتفاف على عمل الحكومة والمجلس النيابي معا من خلال ربط حضوره الحوار بالجلسات المتتالية المفتوحة، علما أن طاولة الحوار أو النقاش هي للبحث في الخلافات القائمة ومن أجل تقريب وجهات النظر، وبالتالي فإن من يحاول فرض شروط مسبقة قبل التحاور حولها، أو إستغلال المبادرة لاستهداف رئيس المجلس يهدف الى تعطيل المبادرة أو تجميدها.

أما الملف التفاوضي حول القرار 1701 فينتظر وقف إطلاق النار في غزة والذي يبدو أنه متعثر جدا ما ادى الى تجميد مهمة المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين الذي بات على يقين أنه لا يمكن البحث في وضع الجنوب قبل انتهاء العدوان على غزة، في وقت يحاول فيه العدو الاسرائيلي التنصل من التطبيق المتوازن للقرار 1701 بربط عودة النازحين اللبنانيين الى قرى الجنوب بعودة النازحين الى المستوطنات وهي معادلة غير صحيحة، خصوصا أن أبناء الجنوب سيعودون تلقائيا الى أرضهم مع توقف العدوان من دون إنتظار إذن أو إشارة من أحد تماما كما فعلوا صبيحة وقف العدوان في العام 2006، على عكس المستوطنين الذين فقدوا ثقتهم بالمنظومة العسكرية والامنية الاسرائيلية وينتظرون ضمانات للعودة.

غسان ريفي – سفير الشمال

Follow Us: 

Leave A Reply