يتنافى مفهوم الصوم عند الطوائف المسيحية والإسلامية وما يجسّده من معان سامية وزهد وطاعات، مع معتقدات التجار وأصحاب المؤسسات الذين يعتبرون زمن الصوم فرصة لا تتكرّر إلا مرةً واحدة في العام لجني الأرباح وزيادة الثروات على حساب الناس.
كما كل عام، ومنذ بدء الأزمة التي تعصف بلبنان، يطل شهر رمضان على اللبنانيين، وأوضاعهم الإقتصادية لا تزال على حالها، فلا زيادة الرواتب لحقت بالجميع، ولا تحسّنت مداخيل الكثيرين، ولا الحكومة انتشلت البلد ممّا هو فيه، ليبقى الهم المعيشي الضاغط يطغى على غيره من الملفات، والناس تبحث عن منافذ تسدّ بها حاجاتها وتؤمن من خلالها ما تحتاج اليه من الضروريات.
تحت مسمّى زيادة الطلب الذي لا يختلف عن باقي أيام السنة، يبدأ أصحاب المحال التجارية والغذائية بزيادة تدريجية على أسعار السلع والبضائع، لتصل الى 30 في المئة مع بداية شهر رمضان عما كانت عليه في الأيام العادية، ومعها يفتح باب التساؤل عن أوضاع المواطنين وقدرتهم على مجاراة الأسعار من جهة، وغياب الرقابة ومؤسسة حماية المستهلك التي يفترض بها أن تكون حاضرة الى جانبهم في هذه الأيام، ويجول موظفوها على المحال ومراقبة الأسعار، وعدم ترك الأمور على هوى صاحب المحل، وخلفه التاجر الذي يبيع بالجملة.
باديةٌ علامات التعجّب من الأسعار على ملامح الناس في محال الخضار والفاكهة واللحوم والدجاج، مع بداية اليوم الأول للشهر، إختصارٌ للكميات والأصناف على قدر الميزانية، واحتسابٌ لتكلفة الطبق الرمضاني من مقبّلات ووجبة رئيسية، حتى بات صحن الفتوش او السلطة يكلّف مبلغاً لا يستهان به. فإلى جانب الخضار والفواكه، ارتفعت الأسعار بين ليلةٍ وضحاها، وأصبح ثمن ربطة الحشائش على اختلافها 50 ألف ليرة. ويقول أبو أحمد صاحب محل في مدينة بعلبك: “إن ارتفاع الأسعار مرتبط بالتجار وأسواق الحسبة والجملة التي نشتري منها، وقد تفاجأنا بالأسعار كالناس ولم نكن نتوقع أن يطاول الغلاء جميع الأصناف، خصوصاً مع بداية رمضان وزمن الصوم. حركة المبيع على حالها، وشهدنا اقبالاً كثيفاً منذ ساعات الصباح الباكر، لكن نمط الشراء والكميات يختلف بحسب الأشخاص ومداخيلهم”.
وعلى مقلب اللحوم والدجاج، ارتفع سعر كيلو لحمة الغنم ٥ دولارات وفق ما يقول حسن لـ”نداء الوطن” و”هو أمر غير مبرّر، فالمواشي، ولا سيما الأغنام تأتي من سوريا ومعظمها يدخل بالتهريب ولا تدفع عليها ضريبة وجمارك، فلماذا يزيد التجار المعروفون في المنطقة الأسعار صبيحة اليوم؟”. وتابع: “أسعار لحوم البقر زادت، لكن ليس بهذا الغلاء، حيث لحق الكيلو زيادةً لا تصل الى مئة ألف ليرة لبنانية، أما أسعار الدجاج، فأصحاب المسالخ بدأوا الزيادة التدريجية قبل أيام من رمضان وصولاً الى أكثر من مئتي ألف ليرة لبنانية على كيلو الدجاج المسحّب، فيما تفاوتت الزيادة بحسب الأصناف الأخرى، ويعزو التجار الأمر الى زيادة الطلب على الدجاج خلال شهر رمضان كونه أوفر على الناس من اللحوم.
عيسى يحيى – نداء الوطن
Follow Us: