كتبت صحيفة “الديار” تقول:
بعد مرور خمسة اشهر على العدوان الاسرائيلي على غزة، لا تزال حماس الاقوى على الارض ولا تزال تشكل مقاومة شرسة ضد «اسرائيل». وقد تبين ان لا رديف لها في القطاع رغم المحاولات «الاسرائيلية» لايجاد بديل لها. وعليه، تتواصل المفاوضات بين حماس و «اسرائيل» عبر الوسطاء المصريين والقطريين والاميركيين للتوصل الى هدنة وتبادل اسرى في وقت يكثف جيش الاحتلال ضرباته الوحشية على اهل غزة مرتكبا المجازر ليزيد الضغط على قادة حماس لتقديم تنازلات والقبول بالهدنة. وفي مجزرة دوار الكويت شرقي غزة، وصل عدد الشهداء الى 100 شهيد و200 جريح في حين يستمر الصمت الدولي والعربي على الابادة الجماعية التي ينفذها الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني. الا ان الغزاويين، ابدوا شجاعة وقوة وصمود ادهشت العالم برمته، وحتى انهم اربكوا جيش الاحتلال الذي اعتقد ان الفلسطينيين في غزة سيرفعون الراية البيضاء ويستسلمون بعد ايام وجيزة من بدء استهداف الطيران الحربي «الاسرائيلي» بيوتهم وقتل عائلاتهم. انما الواقع اظهر العكس، فالجيش «الاسرائيلي» خسر الحرب البرية، ولم يتمكن من تحرير اسراه، ولم يكسر عزيمة المقاومين الفلسطينيين ولا الشعب الفلسطيني.
دخول جيش العدو الى رفح لن يسقط حماس ولن يحرر اسيرا واحدا
في غضون ذلك، اعلنت حكومة الحرب بقيادة بنيامين نتنياهو وضع الخطط لعملية اجتياح رفح بهدف تصفية قادة حماس في هذه المنطقة، وفقا للاسرائيليين، حيث اعتبرت مصادر مطلعة ان الجيش الاسرائيلي قد يدخل رفح لانه لا يوجد اي عائق فعلي او جدي، سواء من الجانب الاميركي او العربي، يمنعه او يردعه من غزو رفح.
في المقابل، قال مصدر في حزب الله للديار ان جيش الاحتلال سواء شن عملية على مدينة رفح ودخلها، الا ان هذا الامر لن يغير في المعادلة العسكرية والميدانية في غزة، واساسا لا يزال الوفد الاسرائيلي يفاوض في القاهرة. وبمعنى اخر، اعتبر المصدر ان «اسرائيل» دمرت شمال وجنوب وشرق وغرب غزة بهدف انهاء حركة حماس واستئصالها من القطاع وتحرير الاسرى المحتجزين لديها. غير ان كل هذا القصف والقتل والدمار والعملية البرية العسكرية، لم يأت بالنتائج الذي يريدها الكيان الصهيوني، فقد فشل جيش الاحتلال في الحاق الهزيمة بحماس، ولم يتمكن من تحرير اسير واحد لدى كتائب القسام.
ورأى المصدر في حزب الله ان التهديد الاسرائيلي بغزو رفح قد يكون ايضا من باب التهويل النفسي والمعنوي على حماس، كما للضغط على الدول العربية كي تضغط بدورها على قادة حماس للقبول بالهدنة. ذلك انه وسط الوعيد والترهيب الاسرائيلي بالتحضير لاجتياح مدينة رفح، قالت اوساط اميركية ان هناك تقدما ايجابيا في مفاوضات الهدنة بين حماس و «اسرائيل».
بري لهوكشتاين: نقل نهر الليطاني الى نقطة اخرى اسهل من ابعاد قوات الرضوان عن الحدود
اما في الجنوب اللبناني، وتصاعد الحديث عن ضرورة تطبيق القرار 1701 وابعاد حزب الله عن الحدود مع شمال فلسطين المحتلة، سواء من خلال المبادرة الفرنسية او زيارات الموفد الرئاسي الاميركي اموس هوكشتاين للبنان ، فقد رد الرئيس نبيه بري على هوكشتاين من باب المزاح ان نقل نهر الليطاني الى نقطة اخرى اسهل بكثير من ابعاد قوات الرضوان عن الحدود الجنوبية. وبطبيعة الحال، ان اهالي القرى الحدودية الجنوبية تجري المقاومة في دمائهم وهم حزب الله، سواء قاتلوا ام صمدوا. ولذلك كيف يمكن الفصل بين المواطنين الجنوبيين وبين المقاومة وهناك ارتباط روحي ومعنوي وعقائدي عميق؟ بيد ان بلدة عيتا الشعب التي تتعرض بشكل دائم للعدوان الاسرائيلي ، كل اهلها هم حزب الله، ولذلك هذه الطروحات الغربية لجنوب لبنان تتعارض مع الحقيقة والواقع السائد عند الاهالي.
بدوره، شدد مصدر في حزب الله ان لا بحث في اي طرح متعلق بقرار 1701 وبوقف اطلاق النار من الجنوب باتجاه الاراضي المحتلة، ولن يحصل اي تشاور حول المناخ السياسي ما بعد الهدنة في حال حصلت ولا نقاش في اي من الافكار المنسوبة لهوكشتاين قبل ان يتوقف العدوان الاسرائيلي على غزة. واوضح انه عندما يتوقف اطلاق النار في غزة وتحصل تهدئة في الجنوب، عندئذ يمكن لحزب الله ان ينتقل الى الكلام السياسي في مسائل عديدة.
في المقابل، قال مصدر ديبلوماسي للديار انه من الواضح ان «اسرائيل» تتعامل مع القرار 1701 على مرحلتين، مشيرا الى ان المرحلة الاولى تكمن في ابعاد حزب الله 10 كلم عن الحدود الجنوبية اللبنانية بهدف طمأنة المستوطنين أمنيا شمال فلسطين المحتلة. اما المرحلة الثانية فتريد الدولة العبرية ابعاد المقاومة الى ما وراء جنوب نهر الليطاني. وتابعت المصادر الديبلوماسية ان ظروف الحرب ومسارها هما عادة العاملان اللذان يحددان الجهة المنتصرة في حين تظهر الوقائع الميدانية، سواء مع حزب الله او حماس، انها لا تصب لمصلحة الاسرائيليين. وعليه، لا يمكن للدولة العبرية ان تفرض املاءاتها على حزب الله او على اي فصيل فلسطيني مقاوم ما دام الميدان كشف عجز الجيش «الاسرائيلي» عن ربح المعركة البرية في غزة، رغم مرور ستة اشهر عجاف على بدء الحرب. علاوة على ذلك، لم يتمكن جيش الاحتلال من توجيه ضربة قاسية للمقاومة في جنوب لبنان من شانها ان تقلص نفوذها وقوتها، وبالتالي تصبح غير قادرة على مواصلة اطلاق الصواريخ والمسيرات على المستوطنات ومواقع عسكرية لجيش العدو في شمال فلسطين المحتلة. بيد انه جرى العكس، فلا يزال حزب الله قادرا على ايلام العدو الاسرائيلي في مراكزه الحدودية والى ابعد من ذلك، فصواريخ المقاومة قادرة على ضرب مناطق «اسرائيلية» يعتبرها العدو محمية من سلاح الحزب.
مصدر في حزب الله لـ«الديار»: لا حراك فعلي ولا مبادرات جدية رئاسيا
رئاسيا، اعتبر المصدر في حزب الله ان كل ما يحكى اليوم عن مبادرات رئاسية، سواء من قبل اللجنة الخماسية او مبادرة تكتل الاعتدال، هي مبادرات غير جدية، ولا حراك فعلي في موضوع انتخاب رئيس للجمهورية.
وجدد حزب الله تمسكه برئيس تيار المردة سليمان فرنجية مرشحا للرئاسة، مشيرا الى ان القوى السياسية الاخرى لو ارادت الخروج من ازمة الشغور الرئاسي لكانت قبلت الحوار الذي دعا اليه الرئيس نبيه بري، غير ان المعارضة، وتحديدا القوات اللبنانية، رفضت هذا الحوار.
واشار الى ان المعارضة تريد الحوار مع رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد لكي يؤمن النصاب لايصال مرشحهم، الا ان هذا الامر لن يحصل. وشدد المصدر في الحزب ان الحل للخروج من الازمة الرئاسية يبدأ بحوار بين كل القوى السياسية لتوضيح ما الذي يزعج المعارضة بمرشحنا فرنجية، ولنصارح المعارضة ايضا بثوابتنا ومقاربتنا لشخصية رئيس الجمهورية ومواصفاتها. ولكن للاسف وضعت المعارضة شروطا مسبقة، وبالتالي عطلت الحوار، وكانت النتيجة الشغور الرئاسي لاكثر من سنة.
النائب رعد طمأن الرئيس عون ان لبنان غير معرض لحرب شاملة
الى ذلك، كشف المصدر في حزب الله ان موقف بعض الاطراف اللبنانية، وبخاصة الاطراف المسيحية، لم تقبل ان يدعم الحزب غزة، نظرا لما يتعرض له اهلها المظلومون. وبعد تصريح رئيس الجمهورية السابق ميشال عون انه لا توجد معاهدة دفاع عن غزة منتقدا المقاومة على تحريك جبهة الجنوب للتخفيف عما يحصل في غزة ، زار النائب محمد رعد عون لتوضيح هدف المقاومة من فتح جبهة الجنوب حيث اكد رعد ان :» لا انسانيتنا ولا مبادئنا تسمح لنا بالسكوت عما يتعرض له اهل غزة من قتل وابادة من قبل الكيان الصهيوني. وبناء على هذه الثوابت، قرر حزب الله اسناد غزة عبر استهداف جيش الاحتلال والمستوطنات في شمال فلسطين المحتلة.»
اضف على ذلك، طمأن النائب محمد رعد خلال زيارته السابقة لعون ان لبنان ليس معرضا للحرب الشاملة، وهذه الزيارة كانت ايجابية جدا بالنسبة لعون.
تقاطع واضح بين اللجنة الخماسية ومبادرة تكتل الاعتدال الرئاسية
بموازاة ذلك، لفتت اوساط سياسية رفيعة المستوى للديار ان هناك تقاطعا واضحا بين اعضاء اللجنة الخماسية وبين مبادرة الاعتدال الرئاسية، لناحية ان تكتل الاعتدال اتى تحركه تزامنا مع اول زيارة قامت بها اللجنة الخماسية للرئيس نبيه بري، ومن ثم زار تكتل الاعتدال الرئيس بري.
وهذا التقاطع بين الجهتين يشير الى امرين :
– تحرك كتلة الاعتدال التي كانت في موقع الحياد في سياق الانتخابات الرئاسية، وتقديمها مبادرة رئاسية لكل الاطراف السياسية اللبنانية. والجدير بالذكر ان تكتل الاعتدال هو تكتل ذو خلفية سنية ودعم سعودي من اجل اجراء الانتخابات الرئاسية على قاعدة الخيار الثالث.
– اللجنة الخماسية تقول انه حان الوقت لكسر هذا الجمود في الملف الرئاسي، ولتضيف ان هناك كتلة حيادية، وهي تكتل الاعتدال، قررت اليوم الدخول بمبادرة وفق ما يقوله الدستور وليس بترشيح شخصية معينة.
واشارت هذه الاوساط السياسية ان موقف اللجنة الخماسية اصبح مرتكزا على مبدأ الخيار الثالث لرئاسة الجمهورية، حيث كانت قد اجتمعت سابقا هذه اللجنة في السفارة القطرية في بيروت، وبعثت برسالة اثنت على الجهود التي قامت بها كتلة الاعتدال في المجال الرئاسي.
المعارضة ترفض تعميم المسؤولية بشان استمرار الشغور الرئاسي
الى ذلك، وبعد كلام عضو اللقاء الديمقراطي النائب بلال عبدالله للديار بان الشغور الرئاسي سببه انانية الاطراف اللبنانية وليس حرب غزة، اعتبرت مصادر في المعارضة انه لا يجوز التعميم في هذا المجال، بمعنى ان المعارضة ترى ايضا ان عدم انتخاب رئيس للجمهورية ازمة داخلية، مشيرة الى ان «ولادة» اللجنة الخماسية كانت بعد حصول الشغور الرئاسي، وهدفها انهاء هذه الوضع القائم في لبنان. ولفتت الى ان هناك قوى لبنانية تمسكت بمرشحها الرئاسي وعطلت النصاب، الى جانب عدم حصول جلسة مفتوحة بدورات متتالية لانتخاب رئيس.
واضافت مصادر المعارضة ان اليوم التوجه السائد في الملف الرئاسي هو الخيار الثالث الذي يقضي بوضع اسماء مرشحين لرئاسة الجمهورية، يليه تشاور وتفاوض للتوصل الى اجماع على مرشح واحد، ومن ثم يصوت النواب في البرلمان وينتخبون رئيسا. وهنا رأت مصادر في المعارضة ان فريق الممانعة لا يريد الا مرشحه الرئاسي، ولا يقبل الخيار الثالث، ولذلك ترفض المعارضة تحميلها مسؤولية استمرار الشغور الرئاسي.
القوات اللبنانية: نرفض اعرافا جديدة لانتخاب رئيس ومبادرة الاعتدال هي الطريق لانهاء الشغور
من جهته، اوضح مسؤول بارز في القوات اللبنانية موقفها لـ «الديار» بان الامر لا يعنيها اذا كان الرئيس نبيه بري هو عراب المبادرة الرئاسية التي اطلقها تكتل الاعتدال او اذا لم يكن هو المسؤول عن هذه المبادرة، بل جل ما يهم «القوات «التي أيدت مبادرة الاعتدال الرئاسية، هو فكرتان اساسيتان فيها.
الفكرة الاولى في هذه المبادرة هي تداعي النواب لجلسة تشاورية ليوم واحد في مجلس النواب بمعزل عن نتيجتها. والفكرة الثانية هي ان تقوم الكتل والنواب الذين اجتمعوا في هذا اللقاء التشاوري، بتوجيه نداء لرئيس مجلس النواب من اجل الدعوة الى جلسة مفتوحة بدورات متتالية.
وفي السياق ذاته، تساءل المسؤول القواتي البارز :انه كيف يمكن لشخص ان يقول انه عراب لمبادرة معينة ومن ثم يقوم بنسفها؟ ذلك ان مبادرة تكتل الاعتدال الرئاسية انبثقت من ضرورة انتخاب رئيس واجراء الانتخابات وفق الآلية الدستورية.
واعتبر المسؤول القواتي ان الرئيس بري اصر على ان الامانة العامة تدعو اولا للحوار ومن ثم هو يترأسه، رغم علم بري ان هذا الحوار مرفوض من عدد كبير من الكتل النيابية لان التجارب السابقة للحوار لم تأت بنتائج ايجابية. اضف الى ذلك، كشف ان هناك كتلا نيابية وازنة وكبيرة ترفض تكريس «عرف» بان يحصل حوار قبل الذهاب الى الانتخابات الرئاسية. والحال ان هذا العرف اذا تم تطبيقه، عندئذ يجب تعديل الدستور والغاء البند الذي ينص على الدعوة لجلسة مفتوحة بدورات متتالية لانتخاب رئيس للجمهورية، واستبداله ببند اخر ينص ان الانتخابات الرئاسية تحصل عبر حوار يديره رئيس مجلس النواب اللبناني. وهذا امر مرفوض من القوات اللبنانية ومن عدة كتل واحزاب اخرى.